أمراض الكبد المناعية والصفراوية: تصيب النساء أكثر الامراض
صحتك
منذ 15 سنةإن اللافت للنظر بالنسبة لمرضى الالتهاب الكبدي الذاتي المناعي وتليف الكبد الصفراوي الأولي، أنهما ينتشران بين النساء بنسبة 70% بالنسبة للمرض الأول وبين عشرة نساء مقابل رجل واحد بالنسبة للمرض الثاني، فضلاً عن أنها من الأمراض غير معروفة السبب حتى الآن سوى أنها مرتبطة بحدوث خلل في جهاز المناعة بالجسم، في حين تكون مرتبطة بإنتاج الأجسام المضادة، والتي يتم الكشف عنها عن طريق تحليل الدم. اكتشف المرض في سنة 1950 على أنه مرض يصيب صغيرات السن من النساء لما يحدث معهن من تزايد في مستوى بروتينات المناعة في الدم (GAMA GLOBULIN) والإصابة بالالتهاب الكبدي المزمن والذي تم تأكيده عن طريق عينة الكبد. ونظراً لوجود الأجسام المضادة ضد نووية
(Anti Nuclear Antibody) (ANA) ولتشابه بعض أعراضه مع أعراض مرض "الحمامي الذئباني المجموعي" الذي يرمز إليه بـ (Systemic Lupus Erythamatosis) أطلق عليه اسم «الالتهاب الكبدي الذئباني» والذي تبين فيما بعد أنه ليس له علاقة به على الإطلاق، وأصبح يطلق عليه الالتهاب الكبدي الذاتي المناعي ( المراهقات وصغار السن ينتشر هذا المرض بين النساء بنسبة 70%، وقد يبدأ في أي سن، ولكنه غالباً ما ينتشر بين المراهقين وصغار السن، وأيضاً في الأربعينيات والخمسينيات من العمر. وتوضح تحاليل الدم وجود الأجسام المضادة الضد نووية (ANA) أو مضادات العضلات (SMA) في حوالي 60% من المرضى، وترتفع نسبة الجاما جلوبيلين في الدم لدى أكثر من 80% من الأشخاص المصابين بالمرض، ويتعرض بعض المرضى لاضطرابات أخرى مثل التهاب الغدة الدرقية، والتهاب القولون وتقرحه Colitis)، والإصابة بداء السكر ، والإصابة بمرض البهاق (ابيضاض أجزاء من الجلد (أو مرض سجوجرين) وهو المسبب لجفاف العين والفم) وغير ذلك من الأمراض المصاحبة. يجب التأكد عند إجراء التحاليل من عدم الإصابة بأمراض أخرى بالكبد مثل الالتهاب الكبدي الوبائي، ومرض ويلسون، ونقص مضاد التربسين-ألفا1، كما يجب التأكد من عدم استخدام الأدوية المضرة بالكبد حتى لا يحدث أي لبس في تشخيص المرض. من أكثر أعراض هذا المرض شيوعاً التعب العام بالجسم، واضطرابات بالبطن، ألم بالمفاصل وحكة،ويرقان وتضخم وأورام عنكبوتية بالجلد. وقد يتعرض بعض المرضى إلى مضاعفات مرض الالتهاب الكبدي المناعي عندما يصل إلى مرحلة التليف مثل الاستسقاء (تجمع سوائل الجسم بالبطن) ونزيف الدوالي وغيرها من المضاعفات، وخصوصاً من لم يتم تشخيصه وعلاجه مبكراً. الأدوية المثبطة للمناعة تقدر نسبة العيش لمدة 10 سنوات للمرضى المصابين بالمرض، والذين لم يتلقوا العلاج بـ 10% تقريباً. ويمكن علاج هذا المرض عن طريق أدوية مثبطة للمناعة مثل بردنيسون (Prednisone) وحده أو مع أزاثيوبرين (Azathioprine). وقد ثبت أن هذا العلاج يقوم بتقليل الأعراض ويحسن من نتائج تحاليل الكبد. وغالباً ما يبدأ العلاج بتناول البردنيسون بجرعة 30 إلى 40 ملجم في اليوم ثم تقل هذه الكمية بعد استجابة المرض للعلاج. والنسبة المعتادة التي يستخدمها معظم المرضى من دواء البردنيسون هي من 2.5 إلى 10 ملجم يومياً إما وحده وإما مع أزاثيوبرين. ولكن أخذ جرعات أكثر وعلى فترات طويلة من البردنيسون تتسبب في زيادة بعض الأعراض الجانبية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكر وظهور قرحات هضمية ولين العظام (Osteoporosis) ومياه بيضاء في العين. وقد تعطى جرعات أقل من البردنيسيون عندما يتم استخدامه مع الأزاثيوبرين. الغرض من علاج الالتهاب الكبدي المناعي هو شفاء المريض أو السيطرة على المرض، وفي 75% من المرضى تقريباً تعود نتائج التحاليل لمعدلاتها الطبيعية، ولكن ثبت من الدراسات أن نسبة السيطرة على هذا المرض حوالي 50% هذا لأن بعض المرضى تحدث لديهم انتكاسة خلال ستة أشهر من انتهاء العلاج. لهذا فمعظم المرضى يكونون بحاجة إلى المتابعة وأخذ العلاج لفترة طويلة. ولكن ليس كل مرضى الالتهاب الكبدي الذاتي المناعي يستجيبون للعلاج بالبردنيسون، فنجد أن حوالي 15% من المرضى المصابين تتطور حالتهم رغم استخدام العلاج المناسب بظهور المضاعفات التي تصاحب تليف الكبد مثل: نزيف الدوالي، والغيبوبة الكبدية، وتورم القدمين، واحتشاء السوائل في الجسم، وغيرها، لذا ينصح في هذه الحالة بزراعة الكبد لهؤلاء المرضى، وبخاصة الذين يعانون فشلاً كبدياً. مرض الكبد الصفراوي هناك أيضاً تليف الكبد الصفراوي الأولي، وهو مرض مزمن مجهول السبب بطيء التطور، يصيب النساء بشكل خاص يؤدي إلى تدمير القنوات الصفراوية الصغيرة داخل الكبد، مما يؤدي إلى تليف الكبد الصفراوي وذلك بسبب عدم قدرة القنوات الصفراوية على حمل العصارة الصفراوية من الكبد إلى الأمعاء. تدمير هذه القنوات وتحويلها إلى تليف كبدي يحتاج إلى عقود من السنوات. غالباً ما يتم التشخيص للمرضى في وقت لا يكون لديهم أية أعراض، وغالباً يستدل على هذا المرض بوجود اختلال في وظائف الكبد. عندما يكون التشخيص متأخراً أو بعد فترة طويلة من الزمن ربما عشر سنوات أو أكثر بعد التشخيص تظهر على بعض المرضى أعراض مثل الحكة (Itching) والشعور بالضعف العام والخمول وربما اصفرار العينين والجسم. وبعض المرضى يتطور لديهم المرض ويصيبهم التليف ومضاعفاته، وربما يعانون الاستسقاء ونزيف الدوالي والغيبوبة الكبدية، وغيرها من أعراض مضاعفات التليف. ومن الأعراض الأخرى الشائعة لدى هؤلاء المرضى مع تقدم المرض تغير لون الجلد إلى اللون الداكن، وظهور بعض الأمراض المصاحبة مثل التأثير على غدد الدمع واللعاب، مما يسبب قلة الدمع واللعاب الذي يؤدي إلى جفاف العينين وعدم القدرة على بلع الطعام الناشف بسهولة. بعض المرضى يصابون بالتهاب في المفاصل واضطرابات في الغدة الدرقية، ومع تقدم المرض يؤدي إلى ضعف العظام وهشاشتها (Osteoporosis) والعرضة لحدوث كسور متعددة بسبب كدمات بسيطة عادة لا ينتج عنها كسور لدى الشخص العادي. هذا المرض لا يسببه فيروس أو جرثومة تصيب الإنسان، وليس مرضاً وراثياً بحتاً، ولكنه عادة يكون موجوداً لدى شخص يكون أحد أفراد عائلته أو أقربائه مصاباً به. والدراسات بينت وجود اختلال في الجهاز المناعي لهؤلاء المرضى، وقد يكون للهرمونات أهمية في ظهور المرض حيث إنه شائع لدى النساء. يصيب هذا المرض الأشخاص عادة بين سن 30 إلى60 سنة، كما يشتبه بوجوده لدى النساء اللاتي يكون لديهن ارتفاع في وظائف الكبد، وخصوصاً الأنزيمات المتعلقة بالقنوات الصفراوية ألا وهي (GGT, Alkaline Phosphatase) دون وجود سبب واضح لهذا الارتفاع مثل انسداد في القنوات الصفراوية بسبب الحصوات المرارية مثلاً أو غير ذلك. يتم تأكيد التشخيص للمرضى المصابين بهذا المرض بعمل عدة تحاليل مخبرية مثل (Anti Mitochondrial Antibody) وما يسمى باختصار (AMA) وارتفاع مستوى البروتين المناعي أو ما يسمى (Immunoglobulin IgM) في الدم، حيث إن 90 إلى 95% من هؤلاء الأشخاص يكون لديهم هذا التحليل إيجابياً. بالإضافة إلى ذلك يتم التأكد من هذا المرض بعمل عينة أو خزعة كبد تدل على وجود هذا المرض الذي يصيب ويؤثر بشكل خاص على القنوات الصفراوية، والكثير من الأشخاص المصابين به يكون لديهم ارتفاع في مستوى كولسترول الدم. العلاج حيث إن أكثر الأعراض شيوعاً لدى هؤلاء المرضى الخمول، ونظراً لعدم معرفة سبب ذلك علمياً فإن الطب لا يزال عاجزاً عن علاج هذه المشكلة الشائعة بين المرضى. تعتبر الحكة (Itching) من الأعراض التي من الممكن أن تكون شديدة ومتعبة جسدياً ونفسياً للمريض. لذا يستحسن إعطاء علاج مثل كوليسترامين (Cholestyramine) لتقليل امتصاص الأحماض الصفراوية من الأمعاء التي نعتقد أنها تلعب دوراً في وجود الحكة. كما أن هناك بعض الأدوية الأخرى إذا لم يكن دواء الكوليسترامين مفيداً وفعالاً مثل دواء ريفامبيسين (Rifampicin) حيث يقوم على تنشيط بعض الأنزيمات الخاصة بالكبد وتقليل الحكة. ولهذا الدواء أعراض جانبية من الممكن أن تؤثر على الكبد، لذا يجب أخذ الحيطة واستخدامه تحت إشراف الطبيب المختص. وقد أثبتت بعض الدراسات أن دواء الأرسوديوكسي كوليك أسيد (Ursodeoxy Cholic Acid) يفيد في تقليل تطور هذا المرض وتقليل الحاجة إلى زراعة كبد إذا استعمل باستمرار لفترة طويلة، وخصوصاً لمن يستخدمه في وقت مبكر بعد التشخيص وقبل حدوث التليف ومضاعفاته، ولكن الدراسات الطويلة على هذا الدواء لم تكتمل بعد. بالنسبة إلى المرضى الذين لديهم اصفرار في العينين (ارتفاع في مادة الصفراء في الدم) (Bilirubin) فإنهم يعانون نقصاً في بعض الفيتامينات، لذا ينصح بأخذ جرعات إضافية من فيتامين (أ، د، هـ، ك) نظراً لأن هذه الفيتامينات تحتاج العصارة الصفراوية إلى امتصاصها، مما يجعل معدلها ناقصاً لدى المرضى الذين يعانون يرقاناً بسبب تدمير القنوات الصفراوية كما هو الحال لمرضى التليف الصفراوي الأولي. هناك الكثير من الأدوية التي تم استخدامها في السابق كعلاج لهذا المرض، ولكن دون فائدة مثل دواء الستيرويد الذي تم استخدامه لفترات طويلة دون نتائج جيدة، بل على العكس كانت له مضار على المدى الطويل، فقد أدى إلى ظهور ضعف العظام وليونته وخصوصاً لدى النساء، وظهور الضغط والسكر لدى بعض المرضى وغير ذلك من المضاعفات المعروفة عن هذا الدواء. كما تم استخدام الكثير من الأدوية المثبطة للمناعة دون فائدة تذكر. لذا لا ينصح باستخدامها في الوقت الراهن. لذا نقول إن دواء الأرسوديوكسي كوليك أسيد هو الدواء الوحيد الذي ليس له مضاعفات جانبية تذكر وأثبتت الدراسات فاعليته في هذا المرض حتى الآن. المرضى الذين لا توجد لديهم أية أعراض عادة ما يعيشون فترة أطول من المرضى الذين لديهم أعراض من هذا المرض. تفيد الدراسات بأن متوسط ما يعيشه الشخص المصاب بهذا المرض بدون علاج 12 سنة تقريباً. العلاج النهائي للمرضى الذين يعانون التليف ومضاعفاته هو زراعة الكبد ونتائج ذلك ممتازة إلى حد كبير. وينصح بالزراعة للمرضى الذين لديهم تليف وفشل كبدي أدى إلى اصفرار(يرقان) في العينين، حيث إن المضاعفات بعد ظهور الصفار تزداد مع مرور الوقت، ويعتقد بأن أغلبية المرضى لا يعيشون طويلاً (ربما سنتين أو ثلاثاً) بعد أن يبدأ مستوى الصفار في الدم بالارتفاع باضطراد مستمر بسبب هذا المرض، لذا فإن التفكير في الزراعة لابد أن يكون عند ظهور الصفار أو اليرقان على المريض أو ظهور مضاعفات التليف، بعض المرضى تتم لهم الزراعة لتحسين حالتهم الصحية قبل ظهور المضاعفات المعروفة للتليف لاعتبارات أخرى.
التعلیقات
١