دور الجدة في حياة أحفادها رابطة الجدّات الجادات
موقع رسالة الأمرة
منذ 10 سنواتلم أكن أول من دعا إلى تكوين تلك الرابطة لكني كنت من أوائل المنضمين إليها، فهي فكرة تتيح لنا في تلك
المرحلة من العمر أن نناقش ما نشاء من الأفكار مع عقول وأعمار تتشابه مع بعضها البعض في الغالب، وتبدو فيها النظرة إلى الأيام المتبقية من العمر وكأنها متوافقة.
وتأتى على قمة تلك الاعتبارات أن نقوم في لقاءاتنا بسرد الخبرات والتلذذ باستعراض الحكايات، والشعور بأهمية ما فات من السنوات ثم الحرص على تحصيل أغلى الثمرات والتواصي فيما بيننا بالحق وبالصبر على ما هو آت.
وكانت لنا لقاءات أسبوعية نجتمع فيها ونتبادل الأحاديث ونقضى نهار اليوم كله فى جو من المودة والألفة، وتحرص كل منا على إعداد شيء ولو بسيط من الأطعمة التي تجيدها، فتصنع ما تتميز به من الأصناف المختلفة والحلوى، وتجهز بعضنا فقرات مفيدة من تذكرة وحث للهمم وتسكين للقلوب وعلو للهمة في الأعمال الصالحات وبذل العطاءات والصدقات فيدل بعضنا البعض على المستحقين، وتتولى طائفة منا توصيل ما نتمكن من جمعه عازمات على التزود سائلين المولى عز وجل التقوى.
وغالبا ما كنا نجهز أنفسنا طوال الأسبوع وننشغل بالإعداد لهذا اللقاء، ولنا في كل شهر يوم نقضيه في متنزه هادئ لتجديد النشاط، وكان يعجبني كثيرا أن قد جعلنا لنا صندوق تكافل تضع كل واحدة فيه ما تريد على أن يكون لنا في آخر العام اقتراع لتحديد من سيكون لها نصيب العمرة بما جمعنا ويشعر الجميع أنه مشارك فى الأجر والثواب لهذا العمل.
وبلا شك كان تحدث أحيانا فى تلك اللقاءات بعض الخلافات فى الرأى فيما بيننا إلا إننا دائما ما نحرص على الشورى والتراضي، إلا إننا فوجئنا يوما بعضوة جديدة جاءت بها إحدى الجدات لتضمها إلى رابطتنا، وهذا ليس بمستغرب ولا مستحدث فأحيانا تأتى واحدة وتغادرنا أخرى، فالأمر يسع الجميع حتى التي ليس لها أولاد ولا أحفاد مادامت في تلك المرحلة العمرية فما يهمنا في النهاية هو التفاعل مع المجموعة والحفاظ على روح التآخي.
دور الجدة في حياة أحفادها
أما هذه الجدة الجديدة فقد جاءت بحالة أقل ما توصف بها أنها حالة ضياع، وقد عز علينا جميعا أن تكون في هذا العمر، وتعانى هذه الحالة، خاصة وأن معظمنا يعلم أنه لا ينقصها شيئا وأنها محاطة بالرعاية والعناية.
بعد انضمامها لنا انفجرت متحدثة عن نكران وجحود الأبناء، وكيف أنها قد فضلت أن تترك اهتماماتها وتتخلى عن خصوصيتها لتجعل ابنها وأسرته يقيمون معها في منزلها الواسع الجميل، وكيف أنها أحاطتهم بالكرم والاحتواء.
إلا أنها بدأت تلاحظ امتعاضًا من الأبوين من بعض تصرفاتها خاصة تجاه الأحفاد، وزادت تلميحات الابن لها بأن تترك أبناءه ولا تتدخل في شيء من تصرفاتهم، بل حتى مجرد التعليق منها كان مرفوضًا على ما يبدر من بعض أقوالهم حتى وصل الأمر إلى التصريح الصارخ من زوجة ابنها بأن تتركها تربى أبناءها كما يحلو لها وأن تكف عن النقد والتدخل.
وأخذ انفعال الجدة يعلو، وقد أهاجت شكواها المرّة قصصًا شبيهة وآلام كامنة من الكثير من الموجودات، وبدأت كل واحدة تحكي مواقف تصب في نفس السياق.
وبدأت حالة من اليأس تكاد تعم اللقاء الذى أثيرت فيه تلك المشاعر حتى انبرت إحدى الفضليات التي تتسم بالحكمة لتذكرنا بما تعاهدنا عليه بأن الغضب على تلك الأمور لا يناسبنا، وأن أحفادنا نعمة من الوهاب لنا لنسعد بهم وأننا علينا التمتع بهم كلما أمكننا ذلك، أما تربيتهم فهي ليست مسؤوليتنا إنما نحن مساندات معاونات لا ندخر وسعًا للعطاء بلا مقابل، فنحن نريد السعادة والاستقرار لأبنائنا ونحاذر من غرس الشوك فى مشوار حياتهم ونجاح مسيرة أسرهم.
وليكن أسمى أهدافنا أن يرضى الله عنا ويرزقنا بركة العمر ويمن علينا بحسن الخاتمة ولا يحرمنا من دعاء الصالحين ممن حولنا.
التعلیقات