الحرص وطول الأمل
الشيخ علي المشكيني
منذ 9 سنوات
الحرص : الشره وفرط الميل إلى الشيء ، والمراد به هنا : الحرص على الدنيا وجمعها
وتكثيرها وادخارها والاشتغال بالاستلذاذ بها ، ويلازمه طول الأمل ، وهو : رجاء النيل إلى الملاذ ، وتمني الوصول إلى المشتهيات وإن كانت بعيدة المنال من حيث الكم والكيف والمكان والزمان ، وهو من أمراض القلب وذمائم صفات النفس ورذائل ملكاتها ، وهذه الصفة في الغالب من الغرائز المطبوعة والسجايا المودعة في النفس ، تزيد وتتكامل باتباع مقتضاها ، وإعطاء النفس في دعوتها مناها ، وتنقص أو تزول بالتأمل والتدبر في حال الدنيا وخستها وزوالها وما جاء من الله تعالى بألسنة رسله وأوصيائه في ذمها والاحتراز عن اتباعها.
وقد مر فيما مضى أن ميل النفس إلى تحصيل القوت لمعاشه ومعاش عياله ولو كان شديداً ، وكذا الميل إلى تحصيل ما زاد عن ذلك فيما إذا كان مقدمة لغرض مندوب مرغوب فيه للدنيا والآخرة ليس من مصاديق الحرص ؛ لأن ذلك ليس حرصاً على الدنيا حينئذ.
فقد قال تعالى : ( إن الإنسان خلق هلوعاً إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعاً ) (1) وقال تعالى : ( بل يريد الإنسان ليفجر أمامه ). (2) وقال : ( لتجدنهم أحرص الناس على حياة ). (3)
وقد ورد في النصوص : أن حقيقة الحرص طلب القليل بإضاعة الكثير (4).
وأن أغنى الناس من لم يكن للحرص أسيراً (5).
وأنه : إن كان الرزق مقسوماً فالحرص لماذا؟ (6)
وأنه : سئل علي عليهالسلام : أي ذل أذل؟ قال : الحرص على الدنيا (7).
وأنه قال الصادق عليهالسلام : منهومان لا يشبعان : منهوم علم ومنهوم مال (8). ( والمنهوم بالشيء : المولع به لا يشبع منه ).
وأن الحريص حرم خصلتين ، ولزمته خصلتان : حرم القناعة فافتقد الراحة ، وحرم الرضا فافتقد اليقين (9).
وأنه يهرم ابن آدم ويشب منه اثنان : الحرص على المال والحرص على العمر (10).
وأن المؤمن لا يكون حريصاً (11).
وأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن الحرص (12).
وأن من علامات الشقاء شدة الحرص في طلب الرزق (13).
وأنه يورث الفقر (14).
وأنه هو الفقر نفسه (15).
وأنه من سوء الظن بالله تعالى (16).
وأن من آثار الحرص وثمراته أمل لا يدرك (17).
وأنه : ما أطال عبد أمله إلا أساء عمله (18).
وأن طول الأمل من أخوف ما يخاف على الأمة (19).
وأنه ينسي الآخرة (20).
وأن هلاك آخر هذه الأمة بطول الأمل (21).
وأنه من الشقاء (22).
وأن من جرى في عنان أمله عثر بأجله (23).
وأن أشرف الغنى ترك المنى (24).
وأن علياً عليهالسلام قال : من أيقن أنه يفارق الأحباب ويسكن التراب ويواجه الحساب ويستغني عما خلّف ويفتقر إلى ما قدم ، كان حرياً بقصر الأمل وطول العمل (25).
__________________________________
1 ـ المعارج : ١٩ ـ ٢١.
2 ـ القيامة : ٥.
3 ـ البقرة : ٩٦.
4 ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٦٧.
5 ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٦٠.
6 ـ نفس المصدر السابق.
7 ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٦١ ـ دستور معالم الحكم : ص٨٤.
8 ـ الخصال : ص٥٣ ـ بحار الأنوار : ج١ ، ص١٦٨ وج٧٣ ص١٦١ ـ نور الثقلين : ج٣ ، ص٣٩٨.
9 ـ الخصال : ص٦٩ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣١٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٦١.
10 ـ الخصال : ص٧٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٦١.
11 ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٦٢.
12 ـ نفس المصدر السابق.
13 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٩٠ ـ الخصال : ص٢٤٣ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢٦٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٥٢ وج٧٧ ، ص١٥١ وج٩٣ ، ص٣٣٠.
14 ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٦٢.
15 ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٦٣.
16 ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٦٢.
17 ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٦٣.
18 ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٦٦.
19 ـ وسائل الشيعة : ج٢ ، ص٦٥٢.
20 ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٦٧.
21 ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٦٤.
22 ـ نفس المصدر السابق.
23 ـ نهج البلاغة : الحكمة ١٩ ـ وسائل الشيعة : ج٢ ، ص٦٥٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٦٦.
24 ـ نهج البلاغة : الحكمة ٣٤ و ٢١١ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٢ ، ص٣٩٠.
25 ـ كنز الفوائد : ج١ ، ص٣٥١ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص١٦٧
التعلیقات