إسلام مع وقف التنفيذ!!
المشاركة: حورية خليفة المناوس
منذ 8 سنواتفي مجتمع يسوده الجهل ويقوده نظام الغاب .. عقول جاهلة تتخضع للأصنام، ونفوس ذليلة نهزة الطامع وموطئ الأقدام، بين شرب خمرة ورذائل لا يتناهون عن منكر فعلوه، شريفهم ووضيعهم تحدده الأنساب، والمرأة يتوارثوها كالمتاع !
مؤودة رحمتهم مع المولودة ! .. وسجايا الخير فيهم معدودة .. على ذلك الركام من سيء الأخلاق وانحدار روابط التعامل بُعثت شخصية ذات رسالة !! ..
بعثت تلك الشخصية من بين ذاك الركام وتحت أنقاضه عن بعض من سجايا حميدة لتجعلها ركيزة رسالتها ونقطة انطلاقتها لينبثق من بين ثنايا الثغر المحمدي قول مفاده: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ..
نعم، كان القليل من الخلق الكريم محل تقدير نبي الإسلام؛ لتكون الأصل الذي سيُتمه .. توالت أيام الرسالة، فكانت تُليّن برحمة نبيها قسوة الفض الغليظ .. تقوّم بحكمتها اعوجاج كل مسار، وتزيل بنقاء مبادئها كدر الأوزار، بآيات كتاب كانت تبيانًا لكل شيء، لم يغادر من شؤون الحياة صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ..فلم يغفل مَن حَكمَ بالعذاب لمن اعتدى بالقتل وزهق الروح، عن من اعتدى بهمسة همزٍ أو إشارة لمزٍ، فحذّر بالويل لكل هُمزة لُمزة ..
كم ضخم من أخلاقيات وتربويات وضوابط تنظم الحياة وتصنع الإنسان الراقي، بل تحفّز لهذا بثواب لا يوصف ! في آيات وروايات باتت تراثًا نهبًا، وهي بيننا حبيسة دفات الكتب ! بعضها لم يترك لنا تسويفنا فرصة إطلاع لنقف عليها ونقرأها، فضلا عما يُقرأ ويطرق المسامع دونما تطبيق !! واقعا لو تَفحّص مجتمعاتنا شخص غريب يجهلنا، لصُدم أننا قوم دستوره هذا القران بما حوى!!
نعم فها هي آية (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ )(1) تُقتل فينا كل يوم!.. ورواية (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)(2) باتت كالطيف الخجول.. و(من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم)(3) ضاعت باللامبالاة .. و(وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا) (4) تتحطم على أعتاب مجالسنا .. و(وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ)(5) تتلاعب باحترامها أفواه الصغار قبل الكبار.. و(وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(6) صُهرت بلهيب النزاع .. و( وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا )(7)كشف اختبارها عن ضعف في درجة سخاء المشاعر تجاه بعضنا .. بتنا نفتقد (من آذى مؤمنًا فقد آذاني)(8) في احترام حقوق الطريق .. والطيبة والإبتسامة في وجه المؤمن كانت صدقة وأصبحت سذاجة ! .. لا نجد (البنيان المرصوص) وصفًا يحاكي روابطنا ! .. ودقة لا تقاس في الآفاق والأنفس لم تشكّل عِبرة لحياة الفوضوية التي نعيشها في سلوكياتنا ومواعيدنا .. مبادئ حثتنا على العلم والتقدم صارت تسخر من تباهينا باقتناء آخر ما أنتجته تكنلوجيا الشعوب الأخرى، وكأن الفخر لمن اقتنى لا لمن أنتج ! ما امتُدح في الدين من تفاؤل وعلو همة إن صمدتا في مراحلنا العمرية لا تصمدان بمرحلة التقاعد، وفينا من يستعجل التقاعد قبل أوانه !..
نعم، بدلنا وصية الأمير عليه السلام ولم نخشَ الإثم على من بدل ! حين أوصى قائلا :(الله الله في القرآن لا يسبقكم بالعمل به غيركم )(9)، بات من يعمل بقيم القرآن وأخلاقياته غيرنا ! غفلنا عن قيمنا ثم صرنا نستجديها من غيرنا باسم علوم في التربية وتطوير الذات ! والأعجب أن صرنا نستجديها لنقرأها في الكتب ونتناقلها في الرسائل لالنطبقها!!
أتمنى فعلا أن أكون مخطئة في كل ماذكرت وما لم أذكر فالحديث يطول، لكن المتتبع لحالنا يرى بحق أن إسلامنا في كثير من قيمه عند الكثير منا، وبعد أكثر من ألف وأربع مئة عام لم يزل مع وقف التنفيذ !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. الإسراء، 33.
2. نهج الفصاحه، ص 678، ح 2513.
3. اصول الكافي، ج2، ص 163.
4. حجرات، 12.
5. حجرات، 11.
6. نحل، 125.
7. نساء، 86.
8. بحارالانوار، ج64، ص72.
9. نهج البلاغه، ص422.
التعلیقات