الدين ليس لقلقة لسان وظنون وتمنيات
الوارث
منذ 7 سنواتبِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى.
إن الدين ليس لقلقة لسان
وظنون وتمنيات حلوة، بل هو جوهرة، لابد أن تستقر في القلب ثم تتفتح على الأعضاء.
وهذا ما يدعونا إلى أخذ الحذر والحيطة من كل غفلة وخديعة.. فالشيطان لا يخدع الإنسان بأن يقول لـه: هذا طريق الضلال فاسلكه، وإنما يزين له ذاك الطريق ويجعله في صورة أفضل من طريق الحق. فابن زياد مثلاً استطاع أن يخدع أهل الكوفة في قتال الإمام الحسين عليه السلام باستخراج فتوى من شريح القاضي. فالشيطان هنا استطاع - عبر جبة القاضي وعمامته وطول لحيته ومدة قضائه معاً - أن يخدع الناس.
ونحن يمكن أن نخدع أيضاً، فمن الواجب أن لا نغمض أعيننا حتى نرى طريقنا بشكل صحيح ونتجنب المزالق، ونستثير وعينا وعقولنا حتى ندرك سبيلنا ولا ننحرف عنه.
إن الإيمان والبر ليس في أن نقف في هذا الجانب أو ذاك فحسب، فان الصلاة مثلاً لا يسميها القرآن صلاة إذا لم تتحول في حياة الانسان الى سلوك، وفي لسانه الى صدق، وفي يده الى أمانة، وفي عينه الى خشوع، وفي أذنه الى استماع الحق، وفي قلبه الى شجاعة، وفي عزمه الى توكل، وفي حركته الى استقامة. فإذا خلت الصلاة من مثل هذه المعاني فلا تعتبر صلاة «لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ»، أي إننا نقف متوجهين الى جانب ما، غير إننا غير متوجهين الى الله، فهذا لا يؤدي الى حقيقة الصلاة، وقد قال ربنا عز وجل: «وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي» (طه/14) وقال جل وعلا: «فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ» (الماعون/4-5). لأنهم ساهون ليس عن ظاهر الصلاة فقط وإنما عن واقعها، وهذا الواقع والمعنى الذي سها عنه المصلي واستحق به الويل هو أنه يبالغ في ركوعه وسجوده ولكنه لا يساعد الناس «وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ» (الماعون/7) أي إنه يسهـو عن روح الصلاة وانهـا «تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ» (العنكبوت/45).
وهكذا يمضي القرآن ليقـول: «وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِاللّهِ وَالْيَومِ الاَخِرِ» فعندما نقول بلساننا: إننا مؤمنون بالله، ونتوقف عند هذا الحد، فان هذا لا يكفي، بل لابد من الإيمان بالله وباليوم الآخر ظاهراً وجوهراً. فالإيمان الحقيقي باليوم الآخر يعني أن تضع الموت نصب عينيك دائماً، فتفكر في أية لحظة ستموت، وفي أية لحظة تدفن، وكيف ستواجه منكر ونكير، وعذاب القبر، وفي أية لحظة ستقوم القيامة، وما موقفك فيها. فهكذا يكون معنى الإيمان.
التعلیقات