آداب النوم
زهراء الكواظمة
منذ سنتينوقت النوم
يتفاوت عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان الطبيعي تفاوتاً كبيراً من شخص إلى آخر، ولكن المؤكد أن عدد الساعات التي يحتاجها نفس الشخص تكون ثابتة دائماً. فبالرغم من أن الإنسان قد ينام في إحدى الليالي أكثر من ليلة أخرى، إلا أن عدد الساعات التي ينامها الشخص خلال أسبوع أو شهر تكون عادة ثابتة.
آداب قبل النوم
قبل أن يرقد الإنسان المؤمن إلى النوم هناك آداب وردت في الروايات يستحب القيام بها، ومنها:
عَرضُ النَّفسِ علَى الخَلاء
جاء في الخبر عن أمير المؤمنين عليه السلام قال لابنِهِ الإمام الحَسَنِ عليه السلام: «يا بُنَيَّ، ألا اُعَلِّمُكَ أربَعَ خِصالٍ تَستَغني بِها عَنِ الطِّبِّ؟ فقالَ: بلى، يا أميرَ المؤمنينَ. قالَ: لا تَجلِسْ علَى الطَّعامِ إلاّ وأنتَ جائعٌ، ولا تَقُمْ عَنِ الطَّعامِ إلاّ وأنتَ تَشتَهيهِ، وجَوِّدِ المَضغَ، وإذا نِمتَ فأعرِضْ نَفسَكَ علَى الخَلاءِ، فإذا استَعمَلتَ هذا استَغنَيتَ عَنِ الطِّبِّ»(1)
الوضوء
قال الإمام الصادق عليه السلام: «مَن تَطَهَّرَ، ثُمّ أوى إلى فِراشِهِ، باتَ وفِراشُهُ كمَسجِدِهِ، فإن ذَكرَ أنّهُ على غَيرِ وُضوءٍ فلْيَتَيمَّمْ مِن دِثارِهِ كائنا ما كانَ، فإن فَعَلَ ذلكَ لَم يَزَلْ في الصَّلاةِ وذِكرِ اللّه عزّ وجل»(2)
هذه من ألطاف الله سبحانه وتعالى على عباده بحيث يريدهم في كل الأحوال يحصلون على الثواب حتى يجازيهم في يوم الحساب، ويعطيهم لكل امتثال امتثله العبد لله سبحانه وتعالى، فهنا يجعل فراش العبد النائم الذي توضأ قبل نومه كمسجده، أي: كبيت الله سبحانه وتعالى، أو قل: كمحل سجوده، أي: في حالة عبادة.
المحاسبة والمراقبة
قال الإمام الصادق عليه السلام: «إذا أوَيتَ إلى فِراشِكَ فانظُرْ ما سَلَكتَ في بَطنِكَ، وما كَسَبتَ في يَومِكَ، واذكُرْ أنَّكَ مَيِّتٌ، وأنَّ لكَ مَعادا».(3) إن محاسبة النفس قبل النوم أمر لازم جداً؛ لأن الإنسان الذي يقصّر في الأعمال التي كان يجب أن يعلمها في النهار، ويتذكر ذلك قبل النوم، يحاول أن يجبر ذلك تقصير إمّا بعد أن يستيقظ من نومه، ويذهب إلى العمل، أو يستغفر الله لما قدّم في ذلك اليوم الذي مضى وفات.
القِراءةُ والدُّعاءُ عِندَ النَّوم
وقد ورد عن رسولُ اللّه صلى الله عليه وآله، أنّه قال: «مَن قَرَأَ ﴿قُلْ هُوَ اللّه ُ أحَدٌ﴾ حِينَ يأخُذُ مَضجَعَهُ، غَفَرَ اللّه ُ لَهُ ذُنوبَ خَمسينَ سَنَةً».(4)
وعنه صلى الله عليه وآله أيضا: «مَـن قَـرأَ ﴿ ألْهاكُمُ التَّكاثُرُ ﴾ عِندَ مَنامِهِ وُقِيَ فِتنَهَ القَبرِ».(5)
وروي عنه صلى الله عليه وآله: «إذا آوى أحَـدُكُـم إلـى فِراشِهِ... لِيَقُلْ: الـلّهُمّ إن أمسَكتَ نَفسي في مَنامي فاغفِرْ لَها، وإن أرسَلتَها فاحفَظْها بما تَحفَظُ بهِ عِبادَكَ الصّالِحينَ».(6)
الدُّعاءُ عِندَ الانتِباه
روى حُذَيفَةُ عن النَّبيَّ صلى الله عليه وآله، أنّه قال: كانَ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا آوى إلى فِراشِهِ قالَ: «باسمِكَ اللّهُمّ أمُوتُ وأحيا»، وإذا استَيقَظَ قالَ: «الحَمدُ للّه ِالّذي أحيانا بَعدَما أماتَنا، وإلَيهِ النُّشورُ».(7)
آداب أماكن النوم
وفيما أوصى به النبي صلى الله عليه وآله علياً عليه السلام: «يا عليّ، ثلاثة يتخوفّ منهن الجنون: التغوط بين القبور، والمشي في خف واحد، والرجل ينام وحده».(8)
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «من بات على سطح غير محجّر فأصابه شيء، فلا يلومنّ إلا نفسه».(9)
ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: «إذا نمت فأعرض نفسك على الخلاء».(10)
كيفيّة النوم
وكرّه الإسلام النوم منبطحاً، ورغّب في سائر أنواع النوم، فقد روي في خبر الشامي أنّه سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن النوم على كم وجه هو؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «النوم على أربعة أصناف:
الأنبياء تنام على أقفيتها مستلقية، وأعينها لا تنام متوقعة لوحي ربها عز وجل.
والمؤمن ينام على يمينه مستقبل القبلة.
والملوك وأبناؤها على شمائلها؛ ليستمرؤا ما يأكلون.
وإبليس وإخوانه وكل مجنون وذو عاهة ينامون على وجوههم منبطحين».(11)
1ــــــ الخصال « للشيخ الصدوق» / المجلّد: 1 / الصفحة:229/ الناشر: جامعة المدرسين.
2ـ بحار الأنوار « للعلامة المجلسي » / المجلّد: 76 / الصفحة: 182 / الناشر: مؤسسة الوفاء / الطبعة: 2.
3ـ بحار الأنوار « للعلامة المجلسي » / المجلّد: 76 / الصفحة: 190 / الناشر: مؤسسة الوفاء / الطبعة: 2.
4ـ الامالي« للشيخ الصدوق » / الصفحة: 64 / الناشر: مؤسسة البعثة.
أمالي الصدوق: 22 / 3.
5ـ بحار الأنوار « للعلامة المجلسي » / المجلّد: 76 / الصفحة: 196 / الناشر: مؤسسة الوفاء / الطبعة: 2.
6ـ علل الشرائع « للشيخ الصدوق » / المجلّد: 2/ الصفحة: 589/ الناشر: المكتبة الحيدرية.
7ـ عوالي اللئالي« لابن أبي جمهور » /المجلّد: 1 / الصفحة: 104.
8ـ بحار الأنوار « للعلامة المجلسي » / المجلّد: 73 / الصفحة: 187 / الناشر: مؤسسة الوفاء / الطبعة: 2.
9ـ بحار الأنوار « للعلامة المجلسي » / المجلّد: 73 / الصفحة: 289 / الناشر: مؤسسة الوفاء / الطبعة: 2.
10ـ بحار الأنوار « للعلامة المجلسي » / المجلّد: 73 / الصفحة: 187 / الناشر: مؤسسة الوفاء / الطبعة: 2.
11ـ بحار الأنوار « للعلامة المجلسي » / المجلّد: 10 / الصفحة: 8 / الناشر: مؤسسة الوفاء / الطبعة: 2.
التعلیقات