مقدمات الزواج في المنظور الإسلامي
عبّاس الذهبي
منذ 9 سنوات أُسس اختيار الشريك :
لا يخفى بأنّ الإسلام يرشد الزوجين إلى الأُسس السليمة
عند الاختيار ، ويكشف عن المواصفات التي يجب مراعاتها ، فهو يحث كلا من الزوجين على بذل الوسع واستنفاذ الجهد بغية التعرف على أوصاف شريك العمر المشورة مع الأقارب وغيرهم لكون القضية حيوية لا تقتصر على سعادتهما بل تنعكس آثارها على النسل.
وكان عباد الله الصالحون يطلبون المدد والعون من الله تعالى لكي يوفقهم لحسن الاختيار ، وأن يهب لهم الزوجة والذرية الصالحة ( والَّذِينَ يَقُولُونَ ربَّنا هَب لنا مِنْ أزواجِنَا وذُرِياتِنَا قُرَّةَ أعيُنٍ واجعَلنَا لِلمُتَّقينَ إمَامَاً ) (1).
وسوف نستعرض بإيجاز المواصفات المثالية التي حددها الإسلام لكلِّ من الزوجين.
1 ـ مواصفات الزوجة الصالحة :
في ضوء قراءتنا الفاحصة للنصوص الواردة في هذا الشأن ، نجد أن الاسلام يقدّم الارشادات المناسبة للزوج أسس اختيار الزوجة فيضوء معايير سليمة.
إنَّ الإسلام يرى أنّ الوقاية خيرٌ من العلاج ، لذلك يُسدي نصائحه بسخاء للزوج يحثه فيها على التثبت والتأني عند الاختيار حتى لا يكون كحاطب ليل لا يدري ما يجمع في حزمته ، وقد كشف له عن خطأ النظرة الأحادية الجانب التي تركّز على الجمال أو المال فحسب ، مؤكدا على النظرة الشمولية التي تتجاوز الظواهر المادية ، بل تغوص نحو العمق لتبحث عن المواصفات المعنوية من دين وأخلاق وما إلى ذلك.
وفي هذا الصدد يقول الإمام الصادق عليه السلام : « إنّما المرأة قلادة فانظر ما تتقلّد ، وليس للمرأة خطر ، لا لصالحتهنَّ ولا لطالحتهنَّ : فأما صالحتهنَّ فليس خطرها الذّهب والفضة ، هي خير من الذهب والفضة ، وأما طالحتهن فليس خطرها التراب ، التراب خير منها » (2).
وقد أولى الأئمة من عترة المصطفى عليهم السلام عناية خاصة لمسألة اختيار الزوجة ، وكانوا مع سموّ مقامهم ورجاحة عقلهم وكثرة تجاربهم ، يستشيرون الآخرين في هذا الشأن ، ومن الشواهد الدالة على ذلك ، أنّ أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة فاطمة عليها السلام : ( لما أراد أن يتزوّج قال لأخيه عقيل : « انظر لي امرأة قد أولدتها الفحولة من بني العرب لأتزوَّجها فتلدُ لي غلاماً فارساً ». وفكَّر عقيل قليلاً ثم قال لأخيه : تزوج أمُّ البنين الكلابية ، فإنه ليس في العرب على وجه الإطلاق أشجع من آبائها .. وصار عقيل يُعدِّد أمجاد أعمام وأخوال أمُّ البنين ، فخطبها الإمام وتزوَّجها .. وأنجبت أمُّ البنين من الإمام أربعة ذكور .. هم : العبّاسُ وعبدالله ، وجعفر ، وعثمان ) (3).
وكان أهل البيت عليهم السلام يسدون النصيحة المخلصة لكلِّ من استشارهم في هذا الشأن ، فعندما استشار داود الكرخي الإمام الصادق عليه السلام قائلاً له : إنَّ صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج ، قال الإمام عليه السلام : « اُنظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرّك ، وأمانتك فإن كنت لابدّ فاعلاً فبكراً تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق » (4).
وما يبدو مثيراً للاهتمام أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار عليه السلام يقدمون رؤيتهم المعرفية للشباب التي تكشف النقاب عن طبائع النساء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) سورة الفرقان : 25 / 74.
2) وسائل الشيعة 14 : 17 كتاب النكاح.
3) العباس بن علي ـ سلسلة عظماء الإسلام ، محمد كامل المحامي : 20 ـ 23 منشورات المكتب العالمي للطباعة ـ بيروت 1980 م ط3.
4) من لا يحضره الفقيه 3 : 244 باب اصناف النساء.
التعلیقات