آداب الدخول إلى الاُسرة وآداب الجماع (١)
عبّاس الذهبي
منذ 9 سنواتأ ـ آداب الدخول إلى الاُسرة :
للإسلام في هذا الباب آداب حضارية ،
يمكن اختصارها بالنقاط التالية :
1 ـ الدخول من الأبواب : قال تعالى : ( .. وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرِّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن أبْوَابِهِا .. ) (1). فالقرآن يُعلِّم المسلمين أدباً رفيعاً من أجل صيانة حرمة الاُسرة وعدم هتك ستر أفرادها ، إذ إن دخول البيوت من أبوابها يُبعد الشبهات والظنون السيئة التي يمكن أن تثيرها النفوس المريضة بما يسيء إلى سمعة العائلة.
2 ـ الاستئناس والسلام : قال تعالى : ( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لأ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أهْلِهَا ذلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أحَداً فَلأ تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أزْكَى لَكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) (2).
قال الطبرسي رحمه الله : روي عن أبي أيوب الأنصاري ، قال : قلنا يا رسول الله ، ما الاستئناس؟ قال : « يتكلم الرجل بالتسبيحة والتحميدة والتكبيرة ويتنحنح على أهل البيت ».
وروي أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم استأذن على أمي ، فقال : « نعم ، قال : إنها ليس لها خادم غيري ، أفتستأذن عليها كلمّا دخلت ، قال : اتحب أن تراها عريانة؟ قال الرجل : لا ، قال : فاستأذن عليها «.
لا يجوز دخول دار الغير بغير إذنه ، وإن لم يكن صاحبها فيها ، ولا يجوز أن يتطلع إلى المنزل ليرى من فيه فيستأذنه ، إذا كان الباب مغلقاً ، لقوله عليه السلام : « إنّما جعل الاستئناس لأجل النظر » إلاّ أن يكون الباب مفتوحاً ؛ حبه بالفتح أباح النظر .. ( وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا ) أي فانصرفوا ولا تلجوا عليهم ، وذلك بأن يأمروكم بالانصراف صريحاً أو يوجد منهم ما يدل عليه ( هو أزكى ) معناه : أن الانصراف أنفع لكم في دينكم ودنياكم ، وأطهر لقلوبكم ، وأقرب إلى أن تصيروا أزكياء (3).
وضمن هذا السياق ، قال أمير المؤمنين عليه السلام لأصحابه : « إذا دخل أحدكم منزله فليسلِّم على أهله ، يقول : السلام عليكم ، فإن لم يكن له أهل فليقل : السلام علينا من ربّنا .. » (4).
وينبغي الإشارة إلى أن الإسلام يحرص أشد الحرص على رعاية حرمة الاُسرة ، ومن مصاديق ذلك أنّه كره التطلّع في الدور ، جاء عن الإمام الصادق عليه السلام قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « إنَّ الله تبارك وتعالى كره التطلع في الدور » (5). كما أشار أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته القيمة للحسين عليه السلام إلى هذا الأمر بقوله : « من هتك حجاب غيره ، انكشفت عورات بيته » (6).
ضمن هذا النطاق حث الإسلام المرأة على مراعاة الآداب عند غياب زوجها ، بأن لا تدخل بيته أحداً يكرهه ، وقد اعتبر ذلك حقاً للزوج على زوجته ، جاء في خطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع أنه قال : « .. أيُّها الناس ، إنّ لنسائكم عليكم حقاً ، ولكم عليهنَّ حقاً ، حقكم عليهن أن لايوطئن أحداً فرُشكم ، ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم إلاّ بإذنكم .. » (7).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) سورة البقرة : 2 / 189.
2) سورة النور : 24 / 27 ـ 28.
3) مجمع البيان 5 : 32 / 19 منشورات دار مكتبة الحياة ـ بيروت.
4) الخصال ، للصدوق 2 : 626 / 400.
5) مكارم الأخلاق : 234.
6) تحف العقول : 88.
7) تحف العقول : 33.
التعلیقات