عناية الإسلام بمراحل نشوء الطفل ونموّه ( رابعاً : مرحلة الفطام )
عبّاس الذهبي
منذ 9 سنواتفيها ينقطع الطفل عن الرضاع ، ويبدأ بتناول الطعام بنفسه أو بمساعدة
أُمّه أو مربيته ، وعليه فإنه يحتاج إلى رعاية خاصة ، تتطلب الاهتمام بمراعاة الشروط الصحية اللازمة لنظافة الطفل ، فعن الإمام الرضا عليه السلام قال : « قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : اغسلوا صبيانكم من الغمر ، فإن الشيطان يشمّ الغمر فيفزع الصبي في رقاده ، ويتأذى به الكاتبان » (1).
كما أن الطفل في هذه المرحلة يميل بفطرته إلى الحركة واللعب ، ويسعى إلى جلب الأنظار إليه من خلال المشاغبة أو المشاكسة ، لذا يتوجّب على الوالدين تحمّله وعدم القسوة عليه ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « احمل صبيك حتى يأتي عليه ست سنين ، ثم أدّبه في الكتاب ستّ سنين ، ثم ضمّه إليك سبع سنين فأدّبه بأدبك ، فإن قبل وصلح ، وإلاّ فخلّ عنه » (2).
ومن الضروري إفهام الصبي بعد مرحلة الفطام بوجود الله تعالى من خلال تلقينه الوحدانية والصلوات على النبي وآله عليهم السلام ، عن عبدالله بن فضالة ، عن أبي عبدالله أو أبي جعفر عليهما السلام ، قال سمعته يقول : « إذا بلغ الغلام ثلاث سنين فقل له سبع مرات : قُلْ : لا إله إلاّ الله .. » (3).
وفي هذه الفترة يتوجب مراقبة صحة الطفل ووزنه ، وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه وضع حدّاً يمكن من خلاله معرفة وتيرة نمو الطفل من خلال مراقبة طوله ، قال عليه السلام : « يزيد الصبي في كل سنة أربع أصابع بإصبعه » (4).
ومن جانب آخر لابدّ في هذه المرحلة من تقبيل الطفل واشعاره بالحب له والاهتمام به ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : « أكثروا من قبلة أولادكم ، فإنّ لكم بكلِّ قبلةٍ درجة في الجنة مسيرة خمسمائة عام » (5).
وينبغي الإشارة هنا إلى استحباب التصابي للطفل ومناغاته ، لما لذلك من أثر كبير على نموّه العاطفي وحلّ عقدة لسانه ، وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يتصابى للحسن والحسين عليهما السلام ويُركبهما على ظهره.
وكانت فاطمة الزهراء عليها السلام تناغي الحسن عليه السلام وتقول :
أشبه أبـاك يا حسن
واخلع على الحق الرسن
واعبد إلهـاً ذا منن
ولا تـوال ذا الإحن
وتناغي الحسين عليه السلام وتقول :
أنت شبيهٌ بأبي
لست شبيهاً بعلي (6)
وفي خاتمة المطاف نجد في حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دعوة صادقة لحبّ الأطفال والرحمة بهم ، والوفاء لهم ، والصدق معهم ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « أحبّوا الصبيان وارحموهم ، فإذا وعدتموهم ففوا لهم ، فإنّهم لا يرون إلاّ أنكم ترزقونهم » (7).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) علل الشرائع : 557 باب 344 من ج2 العلة التي من أجلها يغسل الصبيان من الغمر والغمر ـ بالتحريك : زنخ اللحم وما يتعلق باليد من دسمة.
2) مكارم الأخلاق : 222.
3) مكارم الأخلاق : 223.
4) مكارم الأخلاق : 223.
5) روضة الواعظين : 369.
6) في رحاب أئمة أهل البيت عليهم السلام ، للسيد محسن الأمين 3 : 5 سيرة الحسن عليه السلام.
7) مكارم الأخلاق : 252.
التعلیقات