قيم التراحم
عباس ذهیبات
منذ 9 سنواتقيم التراحم تسهم إسهاماً كبيراً في دفع الناس نحو التكافل بعيداً عن حسابات الربح والخسارة
وهي قيم تسير في خط متوازٍ مع مبدأ الإخوة وباقي المبادئ والقيم الأخرى التي توقظ في نفوس الناس العاطفة نحو بعضهم البعض ، وتحقيق أعلى درجة من المشاركة والتعاون فيما بينهم.
وفي هذا السياق يقول أمير المؤمنين عليهالسلام : « من لم يرحم الناس منعه الله رحمته » (1). وعنه عليهالسلام أنّ « رحمة الضعفاء تستنزل الرَّحمة » (2). وفي قول ثالث : « عجبت لمن يرجو رحمة من فوقه ، كيف لا يرحم من دونه » (3).
وغنيّ عن البيان أن الرَّحمة هنا عامة ، ومن أجلى مصاديقها مدّ يد العون للضعفاء وغير القادرين مادياً كالمساكين ، وبذلك تكون الدعوة إلى التراحم تصب في مجرى التكافل بطبيعة الحال ، ومن مصاديق ذلك قول الإمام الصادق عليهالسلام : « إنّي لأرحم ثلاثة ، وحقّ لهم أن يرحموا : عزيزٌ أصابته مذلّة ، وغنيّ أصابته حاجة بعد الغنى ، وعالم يستخفّ به أهله والجهلة » (4).
فالإمام هنا يذهب إلى أبعد من التكافل المادي ، كما في حالة الغني الذي أصابته الفاقة ، فيرى ضرورة التكافل المعنوي مع العزيز الذي ألمّت به الذلّة ، والعالِم الذي يستخف به قرابته أو الجهلة المحيطون به. فهذا الحديث يفتح لنا أفقاً واسعاً حتى لا تضيق عدسة الرؤية لدينا فننظر فقط إلى التكافل في شكله المادي البحت ، بل علينا أن نولي عناية بالجانب المعنوي من التكافل ، ويطلق عليه بعض الباحثين تسمية « التكافل الأدبي » ، فهؤلاء يرون أن مفهوم التكافل الاجتماعي في الإسلام واسع ، لا يقتصر على الجانب المادي ، بل يشمل التكافل الأدبي : وهو أن يشعر الإنسان باحترام الآخرين وحبهم له.
****************************
(1) عيون الحكم المواعظ ، الليثي الواسطي : ٤٢٨.
(2) عيون الحكم والمواعظ : ٢٧٠.
(3) عيون الحكم والمواعظ : ٣٣٠.
(4) من لا يحضره الفقيه ٤ : ٣٩٤ / ٥٨٣٧ ، الخصال / الشيخ الصدوق : ٨٧ / ١٨.(١) من لا يحضره الفقيه ٤ : ٣٩٤ / ٥٨٣٧ ، الخصال / الشيخ الصدوق : ٨٧ / ١٨.
التعلیقات