الإحسان إلى الأرحام
عزّ الدين بحر العلوم
منذ 9 سنواتصلة الرحم ، وقطيعة الرحم ككل تعرضت لهما الآيات الكريمة ، والأخبار بصورة مكثفة ، وكلها تحذر من القطيعة
، وعدم التودد إلى الأرحام.
وقد بينت الأخبار ، وكشفت عن العواقب الوخيمة التي تترتب على التفكك الذي يحصل بين الأقرباء مهما كان السبب في ذلك التقاطع ، والتباعد ، ولكنها ـ في الوقت نفسه ـ أهابت بأبناء الأسرة الواحدة أن يتقاربوا حول بعضهم وينشدوا ، ويكونوا كالجسم الواحد إذا اشتكى بعضه اشتكى كله.
يقول سبحانه :
( والّذينَ يصلونَ ما أمر اللهُ به أن يوصلَ ويخشونَ ربَّهم ويخافونَ سوءَ الحسابِ ـ إلى قوله ـ أولئكَ لهم عُقبى الدّارِ ) (١).
وفي آية أخرى :
( والّذين ينقضونَ عهدَ اللهِ من بعدِ ميثاقهِ ويقطعونَ ما أمرَ اللهُ به أن يوصلَ ويُفسدونَ في الأرضِ أولئكَ لهمُ اللّعنةُ ولهم سوءُ الدّارِ ) (٢).
مقابلة دقيقة بين الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ، وبين الذين يقطعون ما أمر الله أن يوصل ، فلأولئك عقبى الدار ، ولهؤلاء سوء الدار.
والدار في الموضعين هي : الدار الآخرة. وعقبى الدار هي الجنة. وسوء الدار هي ، النار.
وما أمر الله به أن يوصل وإن كان في لسان الآية عاماً مشمولة للآيات والأخبار.
وهكذا الحال في قطيعة الرحم أيضاً فإنها تكون مشمولة إلا أن صلة الرحم من جملة ما أمر الله به أن يوصل فتكون على نحو ما هو الحال في صلة الرحم وبهذا الصدد تقول الآية الكريمة :
( واتّقُوا الله الذي تساءلونَ به والأرحامَ إنّ اللهَ كانَ عليكم رقيباً ) (3).
وقد سأل أحد الرواة من الإمام عليهالسلام عن قوله سبحانه :
( واتّقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ).
فأجاب عليهالسلام بأنها أرحام الناس إن الله أمر بها أن توصل ، وعظمها ألا ترى أنه جعلها منه (4).
والمراد من قوله عليهالسلام جعلها منه أي قرنها باسمه في الأمر بالتقوى.
ويقول عز وجل في آية آخرى :
( واعبدُوا الله ولا تشركوا بهِ شيئاً وبالوالدينِ إحساناً وبذِي القربى واليتامى ) (5).
ومن خلال هذا الآية تظهر لنا أهمية الإحسان بالوالدين ، وبذي القربى حيث أوص الله بهم وقد قرن هذه الوصية بالأمر بعبادته ، وعدم الشرك به. ومن الواضح ما للأمر بعبادته من الأهمية بالنسبة إليه ، وهكذا عدم الشرك ، قد صرحت الآية الكريمة بذلك في قوله تعالى :
( إنّ اللهَ لا يغفرُ أن يشركَ بهِ ويغفرُ ما دونَ ذلكَ لمن يشاءُ ) (6).
*************************
(١ و ٢) سورة الرعد / آية : ٢١ ، ٢٢ ، ٢٥.
(3) سورة النساء / آية : ١.
(4) أصول الكافي : ٢ / ١٥٠.
(5) سورة النساء / آية : ٣٦.
(6) سورة النساء / آية : ٤٨.
التعلیقات