وصية أب
مجلة الزهراء عليها السلام
منذ 8 سنواتوقفت على وصية أب معاصر لابنته ليلة العرس، جاء فيها:
إن الزواج يا بنتي ليس نزهة... وإنما هو مسؤولية كبيرة.. مسؤولية القيام بشؤون أسرة كاملة.. تبدأ أولاً بالاهتمام بشؤون شريكها في رحلة الحياة... ثم لا تلبث أن تشمل الأبناء والبنات .. ثم الأسباط والأحفاد..
إنها مسؤولية صنع ابناء الأمة وبناتها.. وان للتربية المنزلية دوراً كبيراً في إعطاء الأمة هويتها، وفي حفاظها على كيانها..
بعض البنات يتزوجن تخلصاً من قيود آبائهن، متصورات أن الزواج بدء حياة تخلو من القيود.. وهذا ظن خاطىء جداً.. لأن الآباء لاقيود عندهم ضد مصلحة البنات وسعادتهن.. هذا في الغالب الأعم من الناس، والشاذ لا حكم له. هذا ولا يمكن أن توجد حياة خالية من القيود.. إن الحرية المطلقة شر ودمار.. وهي غير موجودة في عرف من الأعراف، ولا في شريعة من الشرائع. بل يجب أن تعلم الفتاة انها اكثر حرية عندما تكون في بيت ابيها منها عندما تنتقل إلى بيت الزوجية.
إن الزواج يا بنتي ليس راحة، وعبثاً، ونوماً متواصلاً.. وإنما هو عمل وتخطيط.. إن الزوجة الناجحة هي التي تعمل بضع عشرة ساعة في بيتها.. إنها في مملكة البيت وزيرة مالية، تتولى مع زوجها ميزانية البيت.. ووزيره داخلية تحافظ على امنه.. ووزيرة تربية وتعليم تربي اولادها، وتوجههم، وتغرس في نفوسهم الدين ومثله السامية، وتنمي فيهم حب الله، وحب رسوله، حتى يكون الله ورسوله أحب إليهم مما سواهما، وتنمي فيهم مخافة الله، والرغبة فيما عنده من الثواب، وتغرس في نفوسهم العواطف السامية من حب الاخرين والتعاون معهم.. ووزيرة تموين تدبر الغذاء والملبس.. وتتعاون مع الزوج على تنظيم هذه الشؤون كلها.. ولا يجوز لها ان تتخلى عنه في واحدة منها.
وخذي يا بنتي درساً واعظاً مما نرى ونسمع.. إننا نسمع حواىث طلاق كثيرة لشابات... تزوجت الواحدة منهن على اساس ان الزواج هو:
الذهاب إلى المنتزهات ، وصالونات الصديقات كل يوم، والتجول في الأسواق كل ليلة، والعشاء الفخم في فندق كبير كل اسبوع.. والسفر إلى المصايف في اوروبا، وآسيا، وامريكا وغيرها كل عام.. والتفرج على برامج التلفاز، وسماع الإذاعات والتحدث مع الصويحبات في الهاتف.. ولبس كل شهر افخم الفساتين المفصلة على احدث الموديلات ، والتحلي بافخر انواع الحلي بين الحين والحين.
والسهر في النوادي النسائية، والجلسات العائلية، ومتطاء اجمل السيارات، واستخذام الخادمات والطاهيات وسكنى اضخم الفيلات، والتمتع برؤية ازهار حديقتها الغناء.
وتكتشف بعد حين الواحدة منهن أن الزواج عمل متواصل، واحتمال شاق لمصاعب الحياة، وصبر ومصابرة على ظروفها القاسية ومتاعبها، ومحاولة للتكيف مع الظروف، والتغلب على مصاعب الحياة، وترويض للنفس على الفة حياة جديدة، ربما كان فيها جوانب غير مالوفة، فتصاب بالإحباط ، وتندب حظها العاثر وتستولي عليها الكآبة، والحسرة، فتنفر وتتقوض الحياة الزوجية بين عشية وضحاها.
اعلمي يا بنتي ان الزوج قد يحتمل ان يمشي ساعة في شارع مليء بالتراب والقمامة والوحل والقاذورات.. ولكنه لا يستطيع ان يجلس في بيته دقيقة على كرسي مغطى بالتراب.. وان الزوج يمكن ان يأكل في مطعم، او عند صديق طعاماً لا لذة فيه ولا طعم.. ولكنه لا يستطيع تحمل ذلك في بيته ابداً.
إن الزوج يعود من عمله مرهقاً متعباً مكدوداً، وهو عندما يفتح باب داره عند عودته إليه يتوقع ان يقابل من الزوجة الحبيبة بالابتسامة الحلوة، والكلمة الطيبة، والوجه المشرق الطلق.
لقد قالوا: إن تكشيرة الزوجة في يوم واحد يمكن ان تقصر عمر الزوج سنة كاملة.
وقالوا: إذا اردت ان تطول حياة زوجك فابتسمي له، وإذا شئت ان تقصفي عمره فلا داعي لاستعمال السموم، او المسدسات، يكفي ان تستقبليه مكشرة، وتودعيه مكفهرة، وتصبحيه مقطبة ساخطة، وتمسيه غاضبة عابسة.
اعلمي يا بنتي ان اهتمام بنات اليوم في امور تافهة، وانهن يغفلن الأمور الأساسية في الحياة الزوجية السعيدة، واغفال هذه الأمور ينغص عليهن سعادتهن.
من الخطأ ان تهتم الزوجة بالشقة الفاخرة، او الفيلا الفخمة، واثاثها اكثر مما تهتم بالرجل، ومن الخطأ ان تهتم الزوجة بالتلفزيون الملون، والفيديو الحديث، والسيارة الجديدة ، أكثر مما تهتم بقضايا الزوج وطموحه. إن الشقة، والتلفزيون، والسيارة لا توفر السعادة.
ان القلب الكبير، والعاطفة الدافئة، والتفهم العميق، والتقدير الوافر، والحب الصادق ، والإيثار الحقيقي.. إن كل اولئك هي التي تحقق السعادة.. ومن ثم تأتي الأمور الاخرى والله يوفقك.
اقول: هذه وصية معاصرة نافعة للزوجة، وينبغي ان يوجه مثلها للزوج، وجماع الامر كله مراعاة حدود الله، فقد قال سبحانه بعد ان ذكر احكام الأسرة (تلك حدود الله فلا تعتدوها، ومن يتعد حدود الله فاولئك هم الظالمون) البقرة: 229 .
التعلیقات