الأم المذعورة
مجلة الزهراء عليها السلام
منذ 8 سنواتتحيل حياة إبنتها الى هروب مستمر
الحذر والحيطة من المرض أو الوقوع في الخطأ أمر نقوم به جميعاً ولكنه قد يتحول أحياناً إلى خوف بل ورعب من الإصابة بالمرض أو الوقوع في الخطأ وتدريجياً اصبحت حياة هؤلاء الأشخاص هي الفرار من أي خطأ أو مرض قد يصيبهم، وتصبح المشكلة أكبر بكثير لوكان هذا الشخص المذعور أمّاً لأطفال وشباب فكيف تكون تلك الحياة وكيف يمكن التغلب عليها؟
خطة تطهير
تقول فتاة لقد بدأت أشعر أنني على وشك الجنون، لقد فقدت القدرة على الإستمتاع بأي شيء فأمي تحذرني من تناول الأطعمة في الخارج لأنها ملوثة، وتنبهني ألا أسلّم على أي فتاة عن قرب فمن يدري قد تكون مصابة بمرض ما، وحين أعود للمنزل تبدأ رحلة التعقيم الطويلة من الاستحمام بمطهر وتبديل ملابسي ووضعها في غسالة الملابس التي تدور دائماً في منزلنا، لقد بدأت أكره الخروج وأحب العزلة حتى لا أضطر لمواجهة الجراثيم التي تنتظرني في الخارج.
الخطأ كارثة
وتقول أخرى كلنا نخطىء... وعلى الإنسان إذا أخطأ في حق ربه أن يستغفر ويتوب، ووعد الله التائبين بالمغفرة، أما أمي فالخطأ عندها معنى آخر، فخطئي في حل الواجبات تعني أنني إنسانة مهملة، وأنني لا استمع الى شرح المدرسة جيداً، وأن مستواي بدأ ينحدر، وأنني لاشك سأرسب هذا العام، وتأخري في العودة عن موعدي، يعني أن كارثة قد أخرتني، وإذا عدت سالمة فأمامي تحقيق طويل، ينتهي عادة إلى أني إنسانه غير صريحة، وأنها لم تربيني، وأن عليها أن تعيد حساباتها في التعامل معي، إنني أعيش في رعب من أي تقصير أو خطأ، والسبب أمي.
بيئة صارمة
إن هذا النموذج من الأمهات قد ينظر إليهن البعض على أنهن نتاج لحياة أسرية مثالية تعلمت منها قواعد الحياة الصحية السليمة والانضباط في السلوك والتصرفات، ولكنها في الحقيقة كما يرى علم النفس تعتبر شخصية هشة ينعكس ضعفها هذا في خوفها وهلعها الدائم من كل خطأ أو تقصير وتكون هذه الأم قد نشأت عادة في بيئة صارمة جداً لا تقبل الخطأ، وكانت من النوع المنعزل الذي رضي بهذه الحياة الصارمة وركن لها دون أي محاولة منها للتعرف على غيرها وبالتدريج تحولت تلك الحياة الصارمة وبقواعدها إلى مقاييس محددة تقيس عليها الخطأ والصواب، لهذا فهي تستغرب أي خطأ في أبنائها وتعتبره إذا خرج عما تؤمن به وتربت عليه بأنه الخطأ بعينه وأنه بداية لمشاكل لا تنتهي كما تعلمت في صغرها.
معلومات سطحية
هذا عن الأم الصارمة التي تخاف من الخطأ، أما الأم التي تخاف من المرض فهي غالباً ما تكون قد نشأت في بيئة محدودة الثقافة وحاولت أن تثقف نفسها بنفسها، وأكثرت من القراءة في مجالات الطب والأمراض دون تحاول التخصص فيها أو دراستها بعمق وكانت النتيجة خوف شديد من المرض بسبب هذه الحصيلة من المعلومات عن الأمراض دون أي دراسة مختصصة لكيفية التخلص منها أو علاجها أو التعامل معها.
خطوات للمواجهة
والتعامل مع هذا النوع من الأمهات يتطلب أولا الصبر والنقاش الهادىء في الأوقات المناسبة التي تكون الأم فيها هادئة وفي حالة نفسية تسمح بالنقاش وخلال هذه المناقشات المتفرقة حاولي:
1 ـ إقناعها بالأمثلة.. ففلان أصيب بالمرض لكنه شفي والحمد لله وأن شقيقتي رغم كل تلك الاحتياطات تمرض، وأنني رغم خطئي السابق في الواجب فقد حصلت على الدرجة النهائية في إختبار الشهر، وبالتدريج ستقتنع.
2 ـ عقد صداقة معها فهذا النوع من الأمهات غالباً ما يخشى مصادقة الآخرين وإقترابك منها قد يساعدها على الخروج مما هي فيه.
3 ـ حاولي البحث عن كتب طبية وأخرى في علم النفس توضح لوالدتك بدقة الجوانب التي تخاف منها وتناقشي معها فيها.
4 ـ عليك بالصبر والاحتمال فهذه المواقف لن تنتهي في يوم وليلة.
5 ـ يمكنك إذا كان الموقف قد تعدى الحدود المعقول أن تلجئي لوالدك ليقنع والدتك بالحصول على بعض جلسات العلاج النفسي، فقد تكون مصابة بمرض ما.
6 ـ حاولي الوقوف بجانب اخوتك وأن تقتربي منهم فأنتم معا لاشك ستكونا أقدر على مواجهة مثل تلك المواقف مما لو كان كل واحد منكم بمفرده.
التعلیقات