مسائل في حياة المرأة
موقع شبكة كربلاء المقدسة
منذ 8 سنواتبِسمِ أللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ
«وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ
عَزِيزٌ حَكُيمٌ»(1)
مباحث ألآية الكريمة
المبحث ألأول : اساس نظام تقسيم الخلق
تتناول هذه ألآية الكريمة جانبا مهما من جوانب فقه ألأسرة، فألأسرة عادة يكون قوامها ألأبوين، ولذا لا تكون مستقرة متوازنة ما لم يغمرها الرضا والوئام والحب، والشعور بأنها كيان متكافئ . وهذا يعتمد بدرجة أولى على تصور النظام الذي يقوم عليه الخلق وتقسيمه إلى ذكر وأنثى، ذلك أن بعض الناس يبني تصورا مخطوءا حول هذا ألأمر، فيظن أن ألأساس الذي إعتمد في تقسيم الناس إلى ذكر وأنثى هو التفضيل، أي أن الرجل أفضل من ألمرأة . وهذا مفهوم مخطوء وتصور غير صحيح، بل الصحيح أن الأساس في التنوع هو التصنيف، لا التفضيل .
وهذا هو التفسير الطبيعي لكل أصناف الخلق، جمادها ونباتها وحيوانها، ولذا لا يمكن القول بأن هذا النبات أفضل من الجبل، إذ كل واحد منهما له دوره في هذا الوجود والذي يؤديه ويقوم به، وهو ما خلقه ألله له وهيأه لأجله (2) . فألله تعالى قد خلق كل موجود لوظيفة معينة في هذا الوجود، وعليه أن يؤديها على أتم وجه، وكيّف كل موجود تبعا لوظيفته تلك.
هل الحاجة تخلق الوظيفة
وهذا ألأمر ينطبق تماما على المرأة، فصحيح أن المرأة عندها فوارق كثيرة تميزها وتختلف بها عن الرجل، لكن هذا لا يعني أن الرجل لا يتصف بفوارق تميزه عنها. وهذه الفوارق لم تخلق عبثا ولم توضع إعتباطا، إن نظرية دارون تقول : إن الوظيفة تخلق العضو، والواقع أن الحال عكس ذلك، فالعضو هو الذي يخلق الوظيفة . وبناء على نظرية دارون يكون إحتياج الطير إلى الطيران هو الذي يخلق له الجناح، وإحتياج السمكة إلى السباحة هو الذي يخلق لها الزعنفة . ومعنى هذا أن شعور الطائر بالطيران وشعور السمكة بالسباحة خلق عندهما تلك ألأعضاء المناسبة لتلك الوظائف التي إحتاجا إليها، وكذلك الحال في المرأة، فإنها عندما إحتاجت للحمل خلقت هذه الحاجة عندها الرحم .
وهذا إنكار للبديهة، فإن ألله تعالى قد صمم كل كائن بدقة ووفق متطلبات حياته وحاجاته : «إنّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» (3)، فالمرأة مكيفة لأداء وظيفتها ومهيأة للقيام بدورها، والرجل كذلك .
المبحث الثاني : حقوق المرأة وواجباتها
تقول ألآية الكريمة : «وَلَهُنَّ مِثلُ الَذي عَلَيْهِنَّ»، والمراد بهذا المقطع الشريف من ألآية المباركة ـ كما هو مروي عن مجاهد (4)وجماعة ـ ـ أربعة أمور تخلق لونا من الحساسية عند المرأة وهي :
ألأمر ألأول : مسألة الطلاق
فالبعض يتساءل : لماذا لا تعطى المرأة حق الطلاق كما أعطي الرجل ذلك، بحيث إنه بهذا أصبح يتحكم بحياتها ومصيرها ؟
والجواب عن هذا بأن يقال : إن الطلاق من المسائل الخطرة في حياة كل أسرة، ذلك أنه يهدم أللأسرة ويفكك المجتمع، ولذا عبر عنه الحديث النبوي الشريف بأنه يهتز له العرش، قال صلى ألله عليه وآله وسلم : «تزوجوا ولا تطلقوا، فإن الطلاق يهتز له العرش » (5)، فألأبوان حينما يهدمان ألأسرة فإنما يخلقان مشروع جريمة . فمسألة الطلاق مروعة جدا، ولأجل هذا إحتاط المشرع إحتياطا كبيرا بمسألة الزواج، فقد أوصى المسلم بوصايا وطالبه بأل يحيد عنها، ومنها ما جاء في صفة الزوجة كقوله صلى ألله عليه وآله وسلم : «تخيّروا لنطفكم»(6) ، وقوله صلى ألله عليه وآله وسلم : «إظفر بذات الدين تربت يداك» (7)، وغيرها من ألأحاديث(8).
فالمتعين التريث في هذه المسألة وعدم الركون إلى العجلة والتشنج في تنفيذ الرغبات، لأن المرأة هي التي تصنع الحياة، ذلك أن الولد يتعلق أولاً بأمه ثم بأبيه . كما أن إنشداده لأمه أكثر من إنشداده لأبيه، بحكم هذه ألأولية، فإذا طُلّقت ألأم تحول إلى كيان تائه مفتقر إلى المودة والعطف .
ومن المقدمات التي ألزمنا ألله تعالى بإتباعها هي أن تعامل مع ألاسرة وفق قنوات خاصة رسمتها لنا السماء، فمثلا كيف ندخل إلى البيت وكيف نخرج منه، وتحديد مدى الصلاحيات التي يجب أن يكون عليها ألإنسان قبل ألإقدام على الزواج . فأمر المحافظة على كيان ألاسرة قويا صلبا وعلى سلامة الجيل الجديد هو أمر حيوي جدا من وجهة نظر المشرع .
وفي حال تعذر إصلاح الزوجين يؤتى بحَـكم من أهل الزوج وآخر من أهل الزوجة ليحاولا التقريب بين وجهات نظريهما ،وليذكراهما بخطورة الطلاق وآثاره السلبية على الرجل والمرأة وألأطفال على حد سواء، وليبينا لهما أن الضحية ألأسوأ حظا من هذه ألأسرة هم ألأطفال الذين سيضيعون في مسالك الحياة التي ربما قادتهم إلى الجريمة . فإن تعذر ذلك« يُغْنِ أللهُ كُلاً مِنْ سَعَتِهِ»(9)، حيث يؤول ألأمر إلى الطلاق .
من غرائب مسائل الطلاق
وهناك نظريات عند المذاهب ألإسلامية ألأخرى حول الطلاق تعد غريبة في بابها، ولا تلتقي مع الخطوط العامة للإسلام، فمثلا لو أراد أحد أن يقول لزوجته : أنت طاهر، وأشتبه فقال : انت طالق، فإنها تطلق منه . والمعلوم أن العقود (10) تقع بالقصود، والقصد هنا غير متحقق، فما وقع لم يقصد، وما قصد لم يقع، فكيف يحكم بوقوع الطلاق ؟
وكذلك لو قال لها : أنت بتّة، فقد طلقت منه (11) . وعند بعض أنه لو قال لها : أنت طالق، لمرة واحدة حرمت عليه ولا تحل له بعد حتى تنكح زوجا غيره . لكن الحق أن بعض الفقهاء عاود النظر في مثل هذه ألأحكام .
إذن هناك ثغرات واضحة في نظرية الطلاق لا سبيل لقبولها أبدا، فالمرأةإذا طُلقت هُدمت أسرة بكاملها، ولذا يجب أن تراعى الضوابط الشرعية بدقة حتى لا نصل بالمجتمع إلى هذا الحد .
مشاكل الزواج غير المدروس
كما أن هناك مسألة يجب مراعاتها عند ألإقدام على الزواج، وهي إختيار الزوج المناسب والتحقق من أخلاقه : «إبنتك كريمتك فأنظر لمن ترقّها» ، فتأكد ممن ستزوجه منها، وإستوثق من أخلاقه وقيمه وعاداته، فلا تنظر للأسرة والمال، بل ليكن مقياسك : «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي . ما أكرم النساء إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم» (12) . ففكر بأن تختار لها الزوج الصالح .
وكذلك ألأمر بإختيار الزوجة فلا تكن الضابطة في إختيارها هي جمالها، فمجرد الجمال لا يكفي هنا، والطلاق له مشاكل عدة، وأغلبه ما يكون ناشئا من التسرع في أمر الزواج وعدم التروي فيه . فالطلاق غالبا ما يقع حتما في مثل هذه الحالات . ومن نتائجه :
أولا : ضياع ألأولاد .
ثانيا : خلق حالة من النفرة والتباغض بين أسرتي الزوجين .
ثالثا : فوات فرصة الزواج ثانية على المرأة . وهذه النظرية هي واقع مجتمعنا، حيث إنه ينظر إلى المطلقة على أنها لا يصح الزواج منها، فيلام كل من أقدم على خطبتها . بل نجد هذا حتى عند المسيحيين، ففي إنجيل متّي : «من يتزوج مطلقة فإنه يزني»(13) ، وفي إنجيل مرقس ألإصحاح العاشر : «إذا طلقت المرأة ثم تزوجت فقد زنت»(14).
مع أن ألأمر على عكس ذلك، فإن المرأة إذا تزوجت فقد سترت، وكلنا يعرف ما يترتب على ذلك من ثواب وأجر عند ألله تعالى . ثم إن هذا ألأمر بالتالي سيكون سترا للأسرة وللمجتمع، فأسرتنا بلدنا والمسلمون إخواننا .
فلهذا جُعل الطلاق بيد الرجل، وهذا الذي عليها، لكن ما لها مقابل ذلك ؟ إن من حقها أن تشترط العصمة في أصل العقد(15) .
وفوق ذلك يمكن أن يقال : إن معظم وظيفة المرأة في البيت، لأنها هي التي تصنع ألأجيال، فهي التي تسكب على الطفل من حنانها ورعايتها ما لا يستطيع الرجل أن يوفر له عشره . لقد وضع ألله تعالى فيها هرمونا يسمى «البرولاكتين»، وهو المعروف بهرمون ألأمومة، وهو هرمون إذا أفرزته غدد خاصة في جسمها تحولت إلى كيان كله شفقة حيث إنها تلتذ حينذاك بهز مهد الطفل وبرضاعه ورعايته وتنظيفه، وهو ما لا يوجد عند الرجل، لأن هذا من أصل تركيبها كما مر .
ألأمر الثاني : معنى كونها ناقصة عقل
إن المرأة تحتاج إلى غزارة في العاطفة كي ترسم الهدوء والشفقة في البيت الذي تسكنه، فالبيت الذي ليس فيه إمرأة لا تجد فيه لمسات الحنوّ والدعة واللطف، فهي ـ كما أشرنا ـ تمتاز بأن لها عاطفة أكثر من الرجل، وكذلك تستطيع أن تبقى ساعات وساعات تناغي الطفل وتداعبه . ولذا فهي ليست ناقصة عقل، بل إن عاطفتها تطغى على إرادتها وتفكيرها العقلاني، وهو ما يقابله العكس عند الرجل، حيث إنه ليس عنده عاطفة كبيرة كتلك التي عند المرأة، بل إنه يطغى على إرادته الجانب العقلاني، ذلك أنه يفكر أكثر فيما يحتك به من مشاكل الحياة ومواطن الصراع معها، ونتيجة لهذا فإنه يمتلك غزارة في إرادته . وهذا هو السبب الذي من أجله وضع ألله عصمة الطلاق بيده دونها .
وربما يقول قائل : إن هناك من الرجال من لا أهمية له في المجتمع ولا إرادة .
فنقول : هذا صحيح، لكنه ندرة وليس هو القاعدة التي يكون الرجال بمقتضاها ذوي إرادة وقوة .
هذا في المجتمع ألإسلامي، أما في المجتمعات الغربية فالرجل والمرأة كلاهما معا في العمل وفي المؤسسات، وكل واحد منهما يعول نفسه، فكل منهما يصارع الحياة بمفرده . فالمرأة هناك تطالب بالعمل خارج البيت أما في ألإسلام فهي لا تطالب بذلك، بل إن ألإسلام يكفل معيشتها ويطلب منها رعاية بيت الرجل وتربية أطفاله وتنشئتهم، وجعل لها حق المطالبة بأجر رضاع إبنها من أبيه .
مسألة الشهادة
ويتفرع على هذه المسألة مسألة هي ألأخرى خطرة وخطيرة، وهي مسألة الشهادة، فقد أفرد الشارع المقدس الرجل في بعض الموارد دون الحاجة إلى شاهد ثان، وكذلك جعل شهادة الرجل بشهادة أمرأتين، وهذا ما لم يفعله مع المرأة حيث أعطاها جق الشهادة، لكن جعل شهادتها بما يقابل نصف شهادة الرجل : «فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ» . وهذا ربما يثير حفيظة بعض النساء غير العارفات .
غير أن الحق يقال، وهو أن المرأة تمر بها أيام صعبة وعصيبة، كأيام الحمل والنفاس والحيض، فتكون عرضة للنسيان أكثر، فلذلك إشترط الشارع تضعيف عدد النساء في الشهادة : «أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى»(16).
ألأمر الثالث : مسألة الميراث
ومفاد هذه المسالة هو أن الزوجة لا تورّث من ألأرض، وألإبنة لها نصف حصة الرجل . وهذه المسألة ترتبط بالمؤسسة ألإسلامية المالية، ولا يمكن لأحد أن يرفض هذا النظام أو يحاول تغييره بهذه السهولة التي يتصورها هذا المعترض . إن هذا ألأمر مما يحاول به بعض المغرضين للنيل من عدالة ألإسلام الحنيف والتشهير به، لكن هؤلاء المشهرين نسوا أو تناسوا أمرا هاما جدا وهو أن ألإسلام الحنيف لم يكلف المرأة بشيء من ألأعمال أو التجارة أبدا، ولم يطالبها بشيء من ذلك، بل إنه كفل لها طعامها وشرابها وملبسها، فهي لا تحتاج للمال في شيء، فكل طلباتها مكفولة ومجابة، بخلاف الرجل فإنه الكاد السعاي الذي يشقى من أجل إعالة زوجته وأطفاله . فالرجل يأخذ حصته وينفقها على ألمرأة، أما المرأة فتأخذ حصتها وتدخرها ولا تكلف من قبل الشرع أو العرف في إنفاقها .
فالواقع أن المرأةهي الرابحة لا الرجل بهذا اللحاظ .
ألأمر الرابع : مسألة الجهاد
دخلت أسماء بنت يزيد ألأنصارية على النبي صلى ألله عليه وآله سولم ـ وهو بين أصحابه ـ فقالت له : بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إني وافدة النساء إليك، وأعلم (نفسي لك الفداء ) أنه ما من إمرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا إلا وهي على مثل رأيي . إن ألله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنّا بك وبإلهك الذي ارسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقسورات، قواعد بيتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فُضّلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل ألله . وإن الرجل منكم إذا خرج حاجا أو معتمرا أو مرابطا حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابكم، وربينا لكم أبناءكم، أفما نشارككم في ألأجر يا رسول ألله ؟
فإلتفت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أصحابه بوجهه كله، ثم قال : «هل سمعتم مقالة إمرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه ؟». فقالوا : يا رسول ألله، ما ظننا أن إمرأة تهتدي إلى مثل هذا . فإلتفت صلى الله عليه وآله وسلم إليها ثم قال لها : «إنصرفي أيتها المرأة، وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته وإتباعها موفقته يعدل ذلك كله » . فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر إستبشارا (17).
وأُحب أن أُلفت النظر إلى أن الجهاد إذا كان دفاعا عن النفس فإن المرأة تستوي فيه مع الرجل دون فرق يذكر، أما الجهاد ألإبتدائي ـ موضوع المقام ـ فإنه ينفرد فيه الرجال دون النساء .
فهذه المرأة دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وطلبت فيه أن يسمح لها ولمن خلفها من النساء بالمشاركة في ألجهاد ألإبتدائي، ولذا فإنه صلى الله عليه وآله وسلم اعطاهن وظيفة لا تقل أهمية وأجرا عن وظيفة وأجر المجاهد، فقرر لها أن جهادها هو حسن تبعلها لزوجها . وأهمية هذا الدور لا تخفى على من له نظر في ألأمور، ذلك أن المجاهد إذا كان يلعب دورا كبيرا وهاما حينما يدفع العدو بسيفه، ويضحي بدمه ونفسه بتعريضها للقتل أو الجرح، فالمرأة تدفع العدو عن البلد بالحياة، لأن وظيفتها خلق الولد الصالح وتربيته وتنشئته تربية وتنشئة صالحتين، فتخلق ذلك المجاهد .
وهذه هي الحياة الصحيحة التي تكون من إختصاص المرأة فقط، فالرجل يصارع في معترك الحياة، وعلى المرأة أن تقابل هذا بلمسة رقة وحنان ولطف في المنزل، وهو ما يسمى بحسن التبعل المبني على إحسانها لزوجها وخلق وسائل الراحة له في بيته، كي يتعيد فيه ما خسره في صراعه مع الحياة خارجه . يقول الرسول ألأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : « لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها، لأن الرجل قد كرس حياته وكيانه لها ولأطفالها .
فوظيفة المرأة إذن هي حسن التبعل بأن تصنع الحياة السليمة الصحيحة، وتتضافر جهودها مع جهود الزوج لبناء الجيل الصالح . وهذا لا يكون إلا إذا ساد الحب والعواطف المتبادلة حياتهما داخل البيت، وبخلافه يصبح البيت بؤرة صراع . فالمرأة من هذا المنظار تجاهد مجاهدة الرجل في ساحة المجتمع، وقد جعل ألله تعالى لها على ذلك أكثر من أجر (18)، ذلك أن الحياة ليست عبارة عن ألأكل والشرب فقط، لأن البعض يأكل ويشرب وهو كألأموات : «إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً»(19) . قال الشاعر :
ليس من مات وإستراح بميت إنما الميت ميت ألأحياءِ(20)
وقال غيره في رثاء أحدهم :
أرى الموت يحييكم وبعض الذي مشوا على ألأرض لو فكرت يمشي بهم قبر
تشد بهم للطين سوء فعالهم وتسمو بكم للنور أمثلة غر
كرائم أعمال وزاد من التقى وفيض من ألإصلاح هذا هو العمر
بل إن العمر والحياة هما ألأخلاق العالية وألإستقامة والطيبة، وهذه يصنعها حجر ألأم، ولذلك فإن ألله تعالى جعل لها حكم المجاهد والشهيد وأجرهما، وأن لها بكل طلقة أجر شهيد (21)، لأنها مجاهدة في ساحة المجتمع الداخلي بخلقها مجتمعا صالحا وعقيديا . وقد نص رسول ألله صلى ألله عليه وآله وسلم على هذا بقوله : «جهاد المرأة حسن التبعل»(22) . فالمراد منها هو أن تؤدي وظيفتها وما أفترض عليها في بيتها من واجبات إزاء الزوج وألأسرة .
حرية المرأة
فألآية الكريمة تريد أن تقول : إن هذه ألأمور ألأربعة يجب ألا تثير تلك الحساسية عند المرأة، بل حتى لو أثارت نوعا من الحساسية فإنها يجب ألا تقع تحت تأثيرها، لأن ألله قد أعطاها ما يقابل ذلك، لكن بعض ألأقلام المأجورة والعفـنة تؤدي دورا سلبيا تحاول من خلاله أن تظهر حقدها على ألإسلام، فهي تحاول أن تهدم ما يؤسسه عبر إثارة مثل هذه المسائل .
وهذه ألأقلام الحاقدة كانت وما تزال تثير هذه ألأمور الحساسة كي تبعد المرأة عن ألإسلام، فهي تطرق مواضيع خطرة وكثيرة من قبيل أن المرأة في ألإسلام حبيسة وليس لها أي حق . ونحن نتساءل بدورنا : هل كفلت أوربا للمرأة حياة حرة كريمة كالتي كفلها ألإسلام لها ؟ وهل هيأت لها ذلك الجو ألإنساني الكريم الذي هيأه لها ألإسلام ؟ لقد كانت أوربا قبل قرنين من الزمن تبيع المرأة بشلن واحد في لندن، في حين أن ألإسلام وضع الجنة تحت أقدامها (23).
فهؤلاء الكتاب ينادون بتحرير المرأة بشكل يريدونها معه أن تكون تحت متناول أيديهم في كل زمان وكل مكان متى ما تحركت رغباتهم تجاهها، في الشارع، وفي سوق ابغاء، وفي غيرهما دون مراعاة أي حرمة وقيمة لها . ونحن ألآن بدأنا نأخذ شيئا فشيئا بالإبتعاد عن روح ألإسلام ومبادئه، ولم نعد نعبأ بمفاهيمه وتعاليمه، وإلا بربك قل لي : ما هو النقص الذي يعتري المرأة في المجمتمع الإسلامي ؟ فإن كان في المجتمع ألإسلامي من يعامل المرأة بشكل غير إسلامي فإن الذنب ذنبه وليس ذنب ألإسلام، لأنه لم يروض نفسه بتعاليم ألإسلام وروحه السمحة .
المبحث الثالث : معنى علو الرجال على النساء درجة
ثم قالت ألاية الكريمة : «ولِلرِجَالِ عَلَيْهِّنَّ دَرَجَةٌ»، الدرجة هي القوامة، وهي عبارة عن إدارة شؤون ألأسرة من قبل الرجل، أي توحيد الزعامة داخل الأسرة، لأن الزعامة إذا تعددت تمزقت ألاسرة وضاعت شخصية الطفل . فالمجتمع إما أن يكون أمويما أو أبويا أو متوازنا. والمجتمع المتوازن هو المجتمع الصحيح، وكلا ألأبوين يتناوبان على تربية الولد .
فالمشرع وحّد القوامة وجعلها بيد الرجل، وذلك تحديدا لتنيظيم ألأسرة وتوحيدها . وهذه القوامة موجودة في كل أرجاء الكون : «لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا أللهُ لَفَسَدَتَا»(24)، فلو كان هناك إله ثان لما إستقام الكون، لما يترتب على ذلك من تعارض في ألإرادات، وهو أمر يؤدي إلى نهاية الكون . ولهذا أعطى ألله ألإنسان عقلا واحدا يسيطر على الغرائز في الجسم ويهذبها .
المبحث الرابع : دور المرأة في التاريخ
ونود ألآن أن ننطلق من هنا إلى ألأدوار التي قامت بها المرأة في التاريخ وإلى نظرة الناس إليها على مر التاريخ ألإسلامي، سواء في حضارتنا كعرب أو كمسلمين، حيث إن لها أدوارا مهمة وضخمة على الرغم من أن الميراث ألإجتماعي ميراث مر، حيث كانت المرأة محتقرة أشد ألإحتقار، فالنظرة السائدة عنها أنها كائن منحط، واقل مرتبة من الرجل، فجنسها هو الجنس الرديء . وهذه النظرة التي ينظرون بها إلى المرأة لا تخص المرأة فقط، بل أنهم يرون أن كل مؤنث رديء ولو كان مكانا أو حيوانا، فهم إن أرادوا تحقير أحد لقبوه لقب تأنيث، كقفة وبطة وغيرهما، يقول تعالى : «وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ» (25).
وبعض مجتمعاتنا لازالت تعيش حتى الساعة هذه النظرة . كما أنهم كانوا يعيشون حالة من التناقض، ففي الوقت الذي كانوا يأنفون فيه من المرأة، بل ويقومون بوأدها نراهم ينسبون البنات إلى ألله تعالى : «وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ»(26)، فهم ينسبون ألأنثى إلى ألله ويأنفون من نسبتها إليهم .
وقد عبر عنها تعالى بألإناث (البنات) لدافع إقتصادي كانوا يرونه، وذلك ليعطّف عليها القلوب، حيث إن الرجل ينشد للمرأة، وإذا إنشد إليها كان الربح أكثر . فالأصنام التي كانوا يعبدونها أسموها بأسماء إناث : «إنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إلا إنَاثاً»(27)، فاللات والعزى ومناة إناث، وكانوا يستفيدون مما يؤتى من هدايا ونذورات لها، إذ كانوا يأخذون ما يجلب إليها .
فهم يحتقرون المرأة من جانب، ويعتبرونها غريزة ويستغلون إسمها من جانب آخر فيعاملونها كغريزة . والذي ينظر للمرأة كغريزة يكون قد إحتقرها وغمطها حقها، لأنه يغمض عينيه عن عطاءاتها وإبداعاتها .
المرأة في المجتمع ألإسلامي
علما أن اوروبا تنظر إلى المراة كغريزة، وذلك يضهر جليا من خلال تعاملها معها، في حين أن المرأة في تراثنا ألإسلامي قد أعطيت دورا هاما فلعبته على أتم وجه، فابنتا الفِنْد الزماني مثلا قادتا جيشا من أضخم الجيوش، وبعد بزوغ شمس ألإسلام وسطوع نجمه على أرض المعمورة، إستمرت المرأة في عطائها، فكان دور الخنساء وخولة بنت ألأزور ونسيبة بنت كعب المازنية التي لعبت دورا لا ينكر في مجال الحروب وتطبيب الجرحى . وجاء بعد ذلك نساء عالمات فقيهات مجتهدات، وهذا يدل على أن المرأة في ألإسلام ليست كيانا منحطا عن الرجل كما هو ألأمر مع سائر الحضارات، بل هي كيان هام له قيمته ودوره ورسالته، وله وظيفته التي تعد من أخطر الوظائف في المجتمع .
وليس هناك مثل أضربه لك من أمثلة النساء المسلمات أوضح من سمية (أم عمار) التي عرضتها قريش لأشد أنواع التعذيب من أجل سلب عقيدتها، فقاومت مستميتة ولم تتخل عن عقيدتها ومبدئها الذي هي عليه، وكان أن ربطتها قريش إلى إثنتين من الخيل ومزقتها إربا بعد أن طعنها أبو جهل بحربة في بطنها . وهي التي قال عنها الرسول ألأكرم صلى ألله عليه وآله وسلم وفي زوجها وإبنها : «صبرا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة»(28) . وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «أللهم إغفر لآل ياسر»(29).
وهناك الكثير غيرها من الرائدات ألأوليات اللائي كن في منتهى الشدة والصلابة في الحق، فنحن نقرأ بطولات أسماء بنت عميس في هجرتها إلى الحبشة ووقوفها إلى جانب زوجها جعفرا رضي ألله عنه، وكذلك أسماء بنت ابي بكر حيث قال لها إبنها عبدالله : إني اخشى أن يُمثل بي . فقالت له : هوّن عليك فإن الشاة لا يضيرها السلخ بعد الذبح(30).
وأسماء بنت عميس حينما جاؤوها بخبر إبنها محمد بن أبي بكر ـ حيث كانت قد تزوجت من أبي بكر بعد إستشهاد جعفر رضي ألله عنه، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يعد محمدا بن أبي بكر كولده ـ فلم يبد عليها أي إنفعال، وكان موقفها في غاية الصلابة .
دور نساء بيت الوحي في تاريخ الرسالة
لقد أدت المرأة المحمدية أدوارا لا يمكن أن توصف بقلم أو لسان في تاريخ ألإسلام وقيام دولته وإشتداد شوكته، فلم تكن ألأدوار النسوية مقتصرة على غيرهن من بيوتات العرب، بل كان لهن قصب السبق فيه، والقدح المعلّى كما سنرى . فلقد وقفن كل نساء العالم في كل زمان ومكان في أداء تلك الوظيفة والقيام بذلك الدور على الوجه ألأكمل . ولكي نثبت صحة كلامنا سنضرب مثلين لأنموذجين من المرأة المحمدية :
ألأنموذج ألأول : خديجة الكبرى عليها السلام
والواقع أن قيام ألإسلام على قدميه مدين لهذه المرأة العظيمة، فهي المرأة التي تحملت كل ألأعباء وألآلام في سبيل الدعوة والدين، حتى بذلت كل مالها الذي كان يصفه بعض المؤرخين بأنه لو وقف رجلان ووضعت بينهما أموال خديجة عليها السلام لما رأى أحدهما ألآخر لما تشكله هذه ألأموال من تل من بدر الدنانير والدراهم (31) . كما ذكروا أنه ما من بيت من بيوت مكة إلا كان يضارب بأموال خديجة، وكان مجتمع قريش بأجمعه يتاجر بأموالها ويضارب بها (32). وقد ساقت هذه ألأموال كلها إلى بيت النبي صلى ألله عليه وآله وسلم لينفقها في سبيل الدعوة إلى ألله .
وكانت (سلام ألله عليها ) أول من إستقبل رسول ألله لحظة نزول الوحي السماوي المقدس عليه، إذ كان قد جاء وهو يرتعد من ثقل ما يحمل من أمر ألله، فواسته وطمأنته وقالت له : إن ألله لا يريد بك إلى خيرا، ودثّرته وأضجعته . ثم بعد ذلك راحت تواسيه وتمسح عنه آلامه وجروحه التي كان يلقاها ويصنعها فيه العناد القرشي ورفض الدعوة الكريمة التي جاء بها . فهو صلى ألله عليه وآله وسلم ما إن يدخل بيتها حتى تمسح عنه كل ألأعباء وألآلام والهموم إلى أن أدى رسالة ربه راضيا مرضيا .
يقول عفيف الكندي : دخلت مكة فجئت الكعبة لأطوف بها، فنزلت ضيفا على العباس بن عبدالمطلب، فأنا عنده، وأنا أنظر إلى الكعبة، وقد حلّقت الشمس فإرتفعت، إذ أقبل شاب حتى دنا من الكعبة، فرفع رأسه إلى السماء فنظر، ثم إستقبل الكعبة قائما، وجاء غلام حتى قام عن يمينه، ثم لم يلبث إلا يسيرا حتى جاءت إمرأة فقامت خلفهما، ثم ركع الشاب فركع الغلام وركعت المرأة، ثم رفع رأسه فرفعا، ثم خر ساجدا فسجدا معه .
فقلت للعباس: إني ارى أمرا عظيما . فقال العباس : هل تدري من هذا الشاب ؟ قلت : لا قال : هذا محمد بن عبدألله بن عبدالمطلب، إبن أخي، وهذه المرأة خديجة بنت خويلد زوجته، وهذا الغلام عليّ بن أبي طالب بن عبدالمطلب إبن أخي أيضا، وإنه حدّثنا أن ربه رب السماوات وألأرض أمره بهذا الدين، وهو يزعم أنه يتفتح عليه كنوز كسرى وقيصر . و وألله، ما علمت أن على ظهر ألأرض كلها على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة .
قال عفيف الكندي ـ وكان قد أسلم بعد ذلك ـ : لو كان ألله رزقني ألإسلام يومئذ فأكون ثانيا مع علي (33)
فكان مبعثه (صلوات ألله وسلامه عليه وآله ) يوم ألإثنين، وآمنت هي عليها السلام في اليوم نفسه، ثم وقفت معه بكل كيانها ووضعت تحت تصرفه ثروتها الضخمة كما أسلفنا، وسخرت لأجله ولأجل الدين الحنيف كل طاقاتها النفسية وألإجتماعية (34)، ولذلك كان رسول ألله صلى الله عليه وآله وسلم قد أطلق على العام الذي توفي فيه ناصراه خديجة وأبو طالب عليهما السلام إسم عام ألحزن .
وكذلك فعلت الزهراء (صلوات ألله وسلامه عليها ) مع خليفة رسول ألله وإبن عنه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، حيث وقفت معه في محنته مع القوم بعد وفاة أبيها صلى الله عليه وآله وسلم .
ألأنموذج الثاني : زينب بنت أمير المؤمنين عليها السلام
لقد كان الدور الذي قامت به زينب (سلام ألله عليها ) قبل واقعة الطف وبعدها دورا عظيما لا يستطيع أي رجل مهما كانت صلابته أن يحتمل وقعه إلا إذا كان من أهل بيت العصمة عليهم السلام . وكمثال على ذلك فإن الشاعر أبا ذؤيب الهذلي ـ وهو من الشعراء المعروفين بالصلابة ـ وقف على ثلاثة من أولاده قد فقدهم في إحدى المعارك، فقال قصيدته :
أمن المنون وريبه نتوجع والدهر ليس بمعتب من يجزع
أودى بنيّ فأعقبوني حسرة عند الرقاد وعبرة لا تقطع
سبقوا هواي وأعنقوا لهواهم وتخرموا ولكل جنب مصرع
فالعين بعدهم كأن جفونها كحلت بشوك فهي عورا تدمع
إلى أن قال :
وتجدلي للشامتين اُريهُـمُ أني لريب الدهر لا أتضعضع(35)
ولكنه في النهاية لم يقو على وقع المصيبة فسقط متهالكا على التراب لا يستطيع الحركة، ثم عمد إلى النياق وذبح فصائلها أمام أعينها، وذبح كل حيوان عنده في الحظيرة، ليوجد مشهدا من ألألم، ويتسنى له أن يوجد من يتألم معه في ذلك المشهد .
لكن زينب عليها السلام وقفت صلبة قوية لم تهن ولم تضعف أمام محنة الطف الفضيعة، بل وزيادة على ذلك فإنها كانت تعلم بما سيؤول إليه أمرها، ومع ذلك فقد أصرت على المضي في هذا الطريق الحاشد بألأشواك، كي تؤدي رسالتها وتدافع عن عقيدة ودين جدها صلى الله عليه وآله وسلم وابيها أمير المؤمنين عليه السلام .
من مظاهر صلابة زينب الكبرى عليها السلام في الطف
من مظاهر صلابتها (سلام ألله عليها ) أن كانت تمر على جثث الضحايا وأي ضحايا، إخوتها وأبناء عمومتها ووليدها فتنظر إلى ألأعضاء المقطعة والدماء السائلة، وتستمر في طريقها حتى تقف على ألأعضاء المتناثرة لأبي عبدألله الحسين عليه السلام، وترمق السماء بطرفها وتقول :
«أللهم تقبل منا هذا القتيل قربانا لوجهك» . وهي صلابة ما بعدها صلابة، إذ لم يشهد التاريخ مثلها .
ومن مظاهر صلابتها أن كانت تجمع شتات العيال وألأطفال في طريق ألاسر، وتحمي العائلة في غياب الكفيل .
ومن مظاهر صلابتها يقول حميد بن مسلم : نظرت إلى إمرأة على باب الخباء وقد أوشكت النار أن تأخذها، فدنوت منها وقلت : أمة ألله، ألنار قاربتك . فلم تجبني، فقلت : أمة ألله، النار علقت بأطراف ثيابك . فلم تجبني، فقلت في الثالثة بأعلى صوتي : النار أوشكت أن تلتهمك ! فأدارت وجهها قائلة : يا ظالم، أنا أرى النار، ولكن لنا عليل في هذه الخيمة، ثم دخلت عليه فقالت : يابن أخي، ماذا نصنع ؟ قال : «فروا على وجوهكم في البيداء».
ومن مظاهر صلابتها أن وقفت بوجه يزيد وقالت له : «أظننت يا يزيد حيث اخذت علينا أقطار ألأرض وآفاق السماء، فأصبحنا نساق بين يديك كما تساق ألأسارى أن بنا على ألله هوانا وبك عليه كرامة، وأن ذلك لعظم خطرك عنده وجليل قدرك لديه، فشمخت بأنفك ونظرت بعطفك جذلان مسرورا حتى رأيت الدنيا لك مستوسقة، وألأمور لك متسقة ؟ فمهلا مهلا، لا تطش جهلا، أنسيت قوله تبارك وتعالى : «وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ»(36)؟
أمن العدل يابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك، وسوقك بنات رسول ألله صلى الله عليه وآله وسلم سبايا قد هتك ستورهن وأبديت وجوههن؟»(37). إلى آخر خطبتها التي هزت أبعاد المجلس .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البقرة : 288 .
(2) فكل مخلوق ميسّر لما خُلق له .
(3) القمر : 49 .
(4) أنظر : تفسير الثعالبي 1 : 457 .
(5) مكارم ألأخلاق : 197 ، وسائل الشيعة 22 : 8 ـ 9 / 27880 .
(6) دعائم ألإسلام 2 : 199 ، سنن إبن ماجة 1 : 633 / 1968 .
(7) الكافي 5 : 332 / 1 ، مسند أحمد 2 : 428 .
(8) كقوله صلى الله عليه وآله وسلم : «إياكم وخضراء الدمن» . تهذيب ألأحكام 7 : 403 / 1608 ، كنز العمال 16 : 300 / 44587 . (9) النساء : 130 .
(10) ليس المقصود به العقد ألإصطلاحي ، بل العزم ، وإلا فإن الطلاق إيقاع وليس عقدا .
(11) ألأم 5 : 124 ، الشرح الكبير 2 : 402 ، المبسوط (السرخسي) 6 : 79 .
(12) الجامع الصغير 1 : 632 / 4102 ، كنز العمال 16 : 371 / 44943 .
(13) إنجيل متى / ألإصحاح : 5 ، ألآية : 32 .
(14) إنجيل مرقس / ألإصحاح : 10 ، ألآية : 11 .
(15) هذا ما عند المذاهب ألأخرى ، اما عندنا فلها أن تُعطى حق تطليق نفسها بالوكالة على إختلاف بين فقهائنا (قدس سرهم) فيه ، فمنهم من ذهب إلى جواز ذلك ، ومنهم من منعه ، ومنهم من تردد فيه . أنظر : المبسوط 2 : 365 ، مختلف الشيعة 6 : 21 ، السرائر 2 : 87 ،شرائع الإسلام 2 : 422 .
(16) البقرة : 282 .
(17) الميزان في تفسير القرآن 4 : 350 ، أُسد الغابة 5 : 398 ، الدر المنثور 2 : 153 .
(18) إنظر قوله صلى ألله عليه وآله وسلم لأسماء بنت يزيد ألأنصارية : «يعدل ذلك كله».
(19) الفرقان : 44 .
(20) مجمع البحرين 4 : 274 ـ موت .
(21) أنظر : مكارم ألأخلاق : 238 ، مستدرك وسائل الشيعة 1 : 214 / 18037 ظ .
(22) مسند الشهاب 1 : 81 / 79 ، دلائل النبوة : 75 ،وأنظر : الميزان في تفسير القرآن 4 : 350 ، أُسد الغابة 5 : 398 ، الدر المنثور 2 : 153 . وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام ، كما في نهج البلاغة / الحكمة : 136 ، الكافي 5 : 9 / 1 .
(23) أنظر : مستدرك وسائل الشيعة 15 : 180 / 17933 ، مسند الشهاب 1 : 102 / 118 ، كنز العمال 16 : 461 / 45439 .
(24) ألأنبياء : 22 .
(25) النحل : 58 .
(26) النحل : 57 .
(27) النساء : 17 .
(28) ألإحتجاج 1 : 266 ، المستدرك على الصحيحين 3 : 383 .
(29) ألإحتجاج 1 : 266 ، مسند أحمد 1 : 62 .
(30) شجرة طوبى 1 : 124 ، بلاغات النساء : 137 .
(31) قريب من في بحار ألأنوار 19 : 6362 .
(32) أنظر : مناقب آل أبي طالب 1 : 123 ، شواهد التنزيل 1 : 438 ـ 444 / 467 ـ 473 ، 570 / 608 ، الدر المنثور 4 : 177 .
(33) روضة الوعظين : 85 ، شرح ألأخبار 1 : 179 / 142 ، مسند أحمد 1 : 208 ، ميزان ألإعتدال 1 : 224 .
وروي عن عمرو بن عبسة السلمي انه قال : أتيت رسول ألله صلى الله عليه وآله وسلم أول ما بعث وبلغني أمره ، فقلت : صف لي أمرك. فوصف لي أمره وما بعثه ألله به ، فقلت : هل يتبعك على هذا أحد ؟ قال : «نعم ، إمرأة وصبي وعبد». يريد خديجة بنت خويلد وعلي بن أبي طالب وزيد بن حارثة . تاريخ اليعقوبي 2 : 23 .
(34) أنظر : محاضرة (أضواء على خطبة الزهراء عليها السلام ) في ج2 ص 177 ـ 192 .
(35) الكنى وألألقاب 1 : 76 .
(36) آل عمران : 178 .
(37) ألإحتجاج 2 : 35 ، اللهوف في قتلى الطفوف : 106 ، بحار ألأنوار 45 : 134 ، 158 .
التعلیقات