آثار حب علي(عليه السلام) وبغضه
موسسة علوم نهج البلاغة
منذ 7 سنواتأن الله عز وجل شرف نبيه محمد (صلى الله عليه وآله)، وفضله على جميع الأنبياء والمرسلين واختار له علياً (عليه السلام) وفضله على جميع الوصيين، وجعل حبه الإيمان وكمال الدين وعين اليقين.
فذكرت لنا كتب السيرة والتاريخ كثير من الروايات التي تبين آثار حب علي بن أبي طالب عليه السلام في غفران الذنوب وستر العيوب, وكذلك آثار من يبغض أمير المؤمنين (عليه السلام), ومن هذه الروايات, نذكر ما يأتي:
عن ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): أن الله نصب عليا علما بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن جهله كان ضالا ومن ساواه بغيره كان مشركا، ومن جاء بولايته كان فائزا، ودخل الجنة آمنا ومن جاء بعداواته دخل النار صاغرا (1).
وعن سديف عن جابر بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله من كتاب ما اتفق من الأخبار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أنت صاحب حوضي ووارث علمي، وحامل لوائي ومنجز وعدي، ومفرج همي، ومستودع مواريث الأنبياء، وأنت أمين الله في أرضه، وخليفته على خلقه، وأنت مصباح النجاة وطريق الهدى وإمام التقى، والحجة على الورى، وأنت العلم المرفوع في الدنيا والصراط المستقيم يوم القيامة (2).
وعن أبي سعيد الخدري قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال في خطبته: أيها الناس من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهوديا لا ينفعه إسلامه، وإن أدرك الدجال آمن به، وإن مات بعثه الله من قبره حتى يؤمن به (3).
وفي رواية: من أبغضنا أهل البيت لم يبعثه الله يهوديا ولا نصرانيا، ولكن خيرا منه.
(4) وهذا أفصح الكلام ومعناه يكون خيرا منه اليهود والنصارى فويل لمبغضهم وطوبى لمحبهم.
أيها الناس: إن ربي عز وجل مثل لي أمتي في الطين وعلمني أسماءهم كما علم آدم الأسماء، فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لشيعة علي، ألا أن أصحاب الجنة علي وشيعته (5).
ومن ذلك ما رواه ابن عباس قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا معاشر الناس، إن الله أوحى إلي أني مقبوض وأن ابن عمي هو أخي ووصيي وولي الله وخليفتي، والمبلغ عني وهو إمام المتقين وقائد الغرِّ المحجلين ويعسوب الدين، وإن استرشدتموه أرشدكم، وإن تبعتموه نجوتم، وإن أطعتموه فالله أطعتم، وإن عصيتموه فالله عصيتم، وإن بايعتموه فالله بايعتم، وإن نكثتم بيعته فبيعة الله نكثتم، إن الله عز وجل نزَّل عليَّ القرآن وعلي سفيره، فمن خالف القرآن ضل، ومن ابتغى علمه من غير علي زل، معاشر الناس ألا إن أهل بيتي خاصتي وقرابتي، وأولادي وذريتي ولحمي ودمي ووديعتي وإنكم مجموعون غدا ومساءلون عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهم، فمن آذاهم فقد آذاني، ومن ظلمهم فقد ظلمني، ومن نصرهم فقد نصرني ومن أعزهم فقد أعزني، ومن طلب الهدى من غيرهم فقد كذبني، فاتقوا الله وانظروا ما أنتم قائلون غدا فإني خصم لمن كان خصمهم ومن كنت خصمه فالويل له (6):
بني الوحي والآيات يا من مديحهم **** علوت به قدرا وطبت به ذكرا
مهابط سر الله خزان غيبه **** وأعلى الورى فخرا وأرفعهم قدرا
ركائب آمالي إليكم حثثتها **** فلا أرتجي في الناس زيدا ولا عمرا
ومن ذا الذي أضحى برفع نداكم **** نزيلا وما أبدلتم عسره يسرا؟
ومن ذلك ما رواه حذيفة بن اليمان قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله آخذ بيد الحسن بن علي وهو يقول: أيها الناس هذا ابن علي فاعرفوه، فو الذي نفس محمد بيده إنه لفي الجنة ومحبه في الجنة، ومحب محبيه في الجنة (7).
وعن أبي الطيب الهروي عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم، مبغض لمن أبغضكم، محب لمن أحبكم، شافع لمن والاكم آخذ بيد من مال إليكم (8).
ومن ذلك من كتاب الفردوس للديلمي مرفوعا إلى جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله مكتوب على باب الجنة لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أخوه ولي الله (9)، أخذت ولايته وعهده على الذر قبل خلق السماوات والأرض بألفي عام، من سره أن يلقى الله وهو عنه راض فليتولى عليا وعترته فهم نجبائي وأوليائي وخلفائي وأحبائي (10).
وعن كعب بن عياض عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: لعلي نوران نور في السماء، ونور في الأرض، فمن تمسك بنور منهما دخل الجنة، ومن أخطأهما دخل النار وما بعث الله وليا إلا وقد دعاه إلى ولاية علي طايعا أو كارها (11).
ومن ذلك من كتاب اللباب مرفوعا إلى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ستكون بعدي فتنة مظلمة لا ينجو منها إلا من تمسك بالعروة الوثقى، قيل: ومن هي يا رسول الله؟ قال: علي ابن أبي طالب (12).
يؤيد ذلك ما رواه في مناقب الغزالي الشافعي مرفوعا إلى أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ناصب عليا الخلافة بعدي فهو كافر (13)، وهذا فلان قد ناصب عليا الخلافة وغضبه، فما تقول؟ وعن سعيد بن جبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: جحود نعمة الله كفر وجحود نبوتي كفر، وجحود ولاية علي كفر، لأن التوحيد لا يبنى إلا على الولاية.
وعن الأسماخ بن الخزرج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي لا يتقدمك بعدي إلا كافر، ولا يتخلف عنك إلا كافر، أنت نور الله في عباده وحجة الله في بلاده وسيف الله على أعدائه، ووارث علوم أنبيائه، أنت كلمة الله العليا وآيته الكبرى، ولا يقبل الله الإيمان إلا بولايتك (14).
ومن ذلك ما رواه ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن يوم القيامة يوم شديد الهول فمن أراد منكم أن يتخلص من أهوال القيامة وشدائده فليوال وليي، وليتبع وصيي وخليفتي وصاحب حوضي علي بن أبي طالب، فإنه غدا على الحوض يذود عنه أعداءه ويسقي منه أولياءه فمن لم يشرب لم يزل ظمآنا لم يرو أبدا ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبدا، ألا وإن حب علي علامة بين الإيمان والنفاق فمن أحبه كان مؤمنا، ومن أبغضه كان منافقا، فمن سره أن يمر على الصراط كالبرق الخاطف ويدخل الجنة بغير حساب، فليوال وليي وخليفتي على أهلي وأمتي علي بن أبي طالب، فإنه باب الله والصراط المستقيم علي ويعسوب الدين، وقائد الغر المحجلين ومولى من أنا مولاه، لا يحبه إلا طاهر الولادة زاكي العنصر ولا يبغضه إلا من خبث أصله وولادته، وما كلمني ربي ليلة المعراج إلا قال لي: يا محمد اقرأ عليا مني السلام وعرفه أنه إمام أوليائي ونور من أطاعني فهنيئا له بهذه الكرامة مني (15).
وقال صلى الله عليه وآله: لا تستخفوا بالفقير من شيعة علي فإن الرجل منهم يشفع في مثل ربيعة ومضر (16).
وعليه:
فإن علامة الإيمان حب علي وعلامة النفاق بغض علي, فمن كان مؤمناً بعلي (عليه السلام) فهذا هو من دلائل الايمان الحقيقي بالله لأننا عرفنا الله سبحانه وتعالى برسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليه السلام), أما بغضه (عليه السلام) فهو نفاق وكفر بالله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) بحار الأنوار: 32 / 324 ح 300.
( 2) أمالي الصدوق: 306 المجلس 50، وبحار الأنوار: 38 / 100 ح 2.
( 3) بحار الأنوار: 27 / 135 ح 132.
( 5) بصائر الدرجات: 86 ح 15 باب أنه عرف ما رأى في الأظلة، وبحار الأنوار: 17 / 153 ح 59.
( 6) بحار الأنوار: 23 / 153 ح 118 و: 38 / 94 ح 10.
( 7) بحار الأنوار: 27 / 136 ح 134.
( 8) بحار الأنوار: 22 / 286 ح 55، وكفاية الطالب: 330.
( 9) كنز العمال: 11 / 624 ح 43. 330.
( 10) بحار الأنوار: 8 / 131 ح 34.
( 11) البحار: 11 / 60 ح 69.
( 12) البحار: 36 / 20 ح 16 و 37 / 307 ح 40.
( 13) مناقب ابن المغازلي: 46 ح 68، ومسند شمس الأخبار: 1 / 105.
( 14) كنز الفوائد: 185، ومائة منقبة: 79، وكفاية الطالب: 215، ومناقب ابن المغازلي: 46 ح 69 وتاريخ بغداد: 11 / 102.
( 15) بعضه في بحار الأنوار: 8 / 19 ح 6.
( 16) بحار الأنوار: 8 / 56 ح 68.
(مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين عليه السلام, الحافظ رجب البرسي, ص77-80), (بتصرف).
التعلیقات