زوجات الشهداء والأدوار التي يقمن بها
موقع وارث
منذ 7 سنواتالمؤلف : د. علي قائمي
الكتاب أو المصدر : علم النفس وتربية الايتام
الجزء والصفحة : ص185- 188
ـ قيمة الزوجة :
تعرف قيمة الزوجة جيداً عندما يفتقد البيت إليها، وخصوصاً عندما تترك وراءها عدة اطفال صغار، ومع ان عاطفة المرأة ارق واكثر حساسية امام الامور والاحداث والوقائع، فإنها تبدو اقدر واكثر نجاحاً في إعادة النظم الى الاسرة والإسراع في عودة مجراها الطبيعي، ولكن الرجل إذا ما فقد زوجته ووجد عدة اطفال صغار امامه، سرعان ما يضطرب ويستسلم امام هذه الفاجعة، فوجود الزوجة نعمة وسكينة للإنسان حتى ولو كان رجلاً عصبياً وحساساً وسيء الخلق والسلوك، لأن الانسان سرعان ما يتأقلم مع الوضع الجديد ويتلائم مع الظروف والاوضاع السائدة.
ـ المرأة بعد وفاة الزوج :
تتولى المرأة بعد شهادة الزوج وظيفتين اثنتين:ـ
الامومة بشكل طبيعي، والوظيفة الاخرى الابوة، أي ان لها وظيفتين اثنتين :ـ وظيفتها كامرأة وأم، والتي من خصائصها الانجذاب للطفل والاهتمام به، ووظيفتها كأب، أي ان تتولى امر الانضباط والنظام والعدالة، ويتوقف مدى نجاح المرأة في تربية الطفل على قيامها بالوظيفتين والجمع بينهما بدقة وتوازن.
أـ في دور الام : الام هي مصدر المحبة ومنبع المودة والحنان، وهي مركز ثقل الاسرة وسيدة بيتها "والمرأة سيدة بيتها ومسؤولة عن رعيتها" (عن الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) أي انها المسؤولة عن رفاهية الاولاد، والمشرفة والمديرة للأسرة، والمسؤولة عن تنظيمها وتنظيم امورها الاقتصادية والمعيشية والغذائية، ويقع على عاتقها مسؤولية كونها قدوة ومثلاً، وإبراز المحبة والعشق والعاطفة تجاه الاطفال. الام هي رفيق الطفل الاول في لهوه ولعبه، واكثر الناس معاشرة له، وفي الحقيقة فان وجود المرأة مع طفلها وملاعبته ومحادثته، مجالسته وهو جزء لا يتجزأ من حياة كل ام، تعلمه الكلام والنطق والحديث، كما تعرفه على العلاقات والصلات الإنسانية، وتلقنه العادات والتقاليد، وتعمل على رفع قدرة تحمله في وجه مصاعب الحياة، وتمنحه الحب في الوقت المناسب، وتثور في وجهه وتغضب في الوقت المناسب ايضاً.
تعتبر الام محطة الامل والاماني بالنسبة للطفل، ورفيقة دربه ومأواه، وملاعبه، ومن يعلمه الكلام والاصطلاحات اللغوية، وتبعث فيه الاحاسيس والعواطف الرقيقة، وتخلصه من الغم والألم، وتمنحه الهدوء والاستقرار والراحة، وتعد له طعامه، وتعمل على تلبية حوائجه، وتمنحه الشجاعة والامل في المصاعب والشدائد، وتعمل على تقوية دعائم سعادته وسروره.
بـ في دور الاب: مع ان المرأة اماً، ولكنها تتولى منصب الاب ايضاً بعد موت الزوج، وتصبح المسؤولة الاولى عن سلوك الطفل وانضباطه ونظامه ايضاً، وبذلك تتولى وظيفة مزدوجة، بحيث ان كلاً منهما اكثر صعوبة من تلك الوظيفة المعهودة بمفردها.
ومن الضروري هنا ان نزيل هذا التصور الخاطئ من الاذهان، وهو ان الام غير قادرة على القيام بدور الاب، ولكننا نؤكد هنا بانه بالعزم والارادة والتصميم يمكن إيفاء هاتين الوظيفتين بشكل لائق، وقد دلت التجارب على ذلك، ولدينا الكثير من الامثلة والنماذج التي تثبت بأن العديد من الاطفال الايتام لم ينشؤوا تنشئة سيئة، وخصوصاً من كان له ام حكيمة وواعية، حتى ان بعضهن هيأن ووفرن ظروفاً افضل لرشد الابناء وتقدمهم.
ـ القيام بواجب الابوة :
تتولى الام بعد موت زوجها او استشهاده الادوار التالية:ـ
1ـ تتولى قيادة الاسرة والابناء والتوجيه الانضباطي والفكري والاجتماعي والاقتصادي للأسرة، وتحدد لهم نوعية التعامل واتخاذ المواقف، وتجبرهم على تمثلها واتباعها.
إن قيادة الام من اشد اعمالها إثارة للإعجاب، وتبلغ اهميتها تقريباً اهمية تحديد مصير الابن.
2ـ كما تتولى الام دور المعلم في الاسرة، حيث تهيئ للأبناء اسباب الوعي لبلوغ النضج والرشد، تصف لهم الدنيا، وتحدثهم عن قيمتها واهميتها، وتعرفهم على ظواهرها المختلفة، وتكلمهم بلغتهم البسيطة التي يفهمونها، وتغدق عليهم الحنان والمحبة، وتحلي نفسها بسعة الصدر والحلم في مسيرها، وتقدم المأوى للفارّين من المدرسة، وتنمي شخصياتهم وتنشئ فيهم سلوكيات وعادات خاصة وتوفر لهم مقامات الحياة الاجتماعية السليمة في المحيط العائلي، وتترجم لهم مفاهيم الحياة الوجودية وتكشف لهم اسرار الحياة والدنيا، فالطفل فرد غريب واقف على اعتاب دخول ساحة الدنيا ومعترك الحياة يرنوا الى مظاهرها واحداثها بشغف.
3ـ القدوة والمثالية : فهي القدوة التي يقوم الطفل بتقليد كل تصرفاتها، وهي قدوة الاخلاق، ومثال العطف والعشق، ونموذج الخلق الحسن، وقدوة الإيثار والفداء والرحمة والمحبة، يتعلم الطفل منها الإنسانية، ويقوم بتقليد كل ما هو حسن وقبيح منها، ويأخذ عنها دروس العفة والطهارة.
4ـ الام هي قلعة الطفل الآمنة والملجأ الذي يأوي إليه، ويسرع اليه عند إحساسه بأي خطر، يختبئ في احضانها عند الخوف والوحشة، وحتى عند النوم يجب ان يضع يده بيدها، ويشعر الطفل بأنه غير قادر على اداء وإنجاز اي امر بدون والدته، فهي شريكة آلامه وآماله، وهذا الامر يصبح اكثر شفافية ووضوحاً بعد وفاة الزوج او استشهاده. لأن الاطفال الذين يحرمون من الاب يتوجهون نحو الام ويشعرون بحاجتهم الى وجودها اكثر من اي وقت آخر.
5ـ ومن الناحية الثقافية فإن الام فضلاً عن كونها معلماً ومربياً للطفل، فهي من يقوم بتعريفه على العالم، وهي التي تصنع الحضارة والإنسانية، وتقود السلام والحرب، وينبعث الفن من وجودها ودقة لمساتها، فهي التي تنقل القيم للأبناء، وتعلمهم فلسفة الحياة، وتلقي روح التفاؤل او التشاؤم في اعماقهم، وهي التي تصنع الفكر وتوجه التفكير والافكار وتظهر الميول والرغبات الجديدة.
6ـ ولها دور سياسي ايضاً فهي سبب الضغط والتحكم، والآمر والناهي، والمنظم للروابط والعلاقات، كما ان لها دوراً اقتصادياً أيضاً، فهي تتعهد امر المعيشة والحياة، وتلقي دروس الحرص او الاسراف، التبذير او الإقتصاد، ولها دور عاطفي ايضاً فلديها القدرة على شد قلب الطفل وجذبه، وإلقاء بذور العشق والمحبة في قلب الابناء، ولها دور ديني، فهي التي تعلم الدين والمثل والايمان وتزرع في اطفالها المعنويات.
التعلیقات