غفلة الروح
موقع وارث
منذ 7 سنواتيعاني كثير من الناس من مرض خطير للغاية. مرض أشد خطراً من الأمراض العضوية
لأن له تأثيراً كبيراً على حياتنا الدنيوية والأخروية.
هل تعرف ما هو هذا المرض ؟
إنه الفراغ الروحي .
ما هو الفراغ الروحي يا ترى؟
إنه عبارة عن غفلة الروح عن غايتها الحقيقية وهدفها المنشود.
إنه عبارة عن غربة الروح وابتعادها عن مبدأها ومنتهاها وهو الحق تبارك وتعالى.
فهل نحن نعاني من هذا المرض أم لا ؟ وما هي أسبابه ؟
وماهي طرق علاجه ؟
أ- هل نحن مصابون بالفراغ الروحي ؟
يمكننا أن نشخص أنفسنا من خلال ثلاثة طرق:
١- الغفلة عن الحق عزوجل
إذا وجدنا أنفسنا نرتكب الذنوب والمعاصي بلا خوف وبلا حياء منه تعالى فهذا معناه أننا في غفلة ونسيان عن سبحانه ولذلك لم نشعر بقربه منا وبرقابته علينا وهذا يعني أننا نعيش فراغاً روحياً وهذا ما أشار له القران ﴿ نسوا الله فأنساهم أنفسهم ﴾
٢- الإدبار عن العبادة:
إذا وجدنا أنفسنا مدبرةً ومنصرفة عن العبادة وتعيش حالة الكسل عن الصلاة و التثاقل عن تلاوة القرآن والدعاء فهذا يعني أننا نعاني من الفراغ الروحي وهذا مايشير إليه عزوجل ﴿ فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون ﴾
٣- عدم استشعار لذة العبادة:
إذا لم نتمكن من إحضار قلوبنا في العبادة وكنا نمارسها ممارسةً روتينية فلا نجد طعماً للصلاة ولا حلاوةً ولا نأنس بتلاوة القران . ولا نحس بلذة في مناجاة الله تعالى فهذا يعني أننا في فراغ روحي وهذا مايشير إليه سبحانه ﴿ وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولايذكرون الله إلا قليلا ﴾ .
وإلى هذا المعنى يشير الإمام السجاد عليه السلام في دعاء أبي حمزة الثمالي (اللهم إني كلما قلت قد تهيأت وتعبأت وقمت للصلاة بين يديك وناجيتك ألقيت علي نعاساً إذا أنا صليت وسلبتني مناجاتك إذا أنا ناجيت ).
ب- أسباب الفراغ الروحي:
هناك عدة أسباب تؤدي للفراغ الروحي منها:
١- الجهل بالهدف الحقيقي:
إذا كان الإنسان جاهلاً بالهدف الحقيقي الذي خلق من أجله وهو بلوغ مقام العبودية و للعروج بعدها نحو ساحة القدس والقرب فإنه سوف يجعل أهدافه محصورةً في ملذات هذه الدنيا فبدلاً من أن يجعل هدفه معرفة خالقه والمتفضل بالنعم عليه يجعل من المنصب الإجتماعي أو الشهرة أو الثروة أو غير ذلك هدفه الأكبر وغايته
القصوى فيلهث وراء هذه الأهداف الدنيوية القصيرة ويبتعد عن الهدف الحقيقي الذي به يلقى سعادته وهو معرفة البار عزوجل .
وبذلك يتحقق الخسران العظيم كما قال عزوجل ﴿ قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ﴾
وإلى هذا المعنى يشير الإمام الحسين عليه السلام في دعاء عرفة (عميت عين لا تراك عليها رقيبا وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا).
٢- الانغماس في حب الدنيا:
فإذا انغمس الإنسان في حب الدنيا وشهواتها الفانية فسوف يتعلق قلبه بها ومن تعلق قلبه بها خدعته وغرته و أبعدته عن الله عزوجل ولذا يقول سبحانه
﴿ ألهاكم التكاثر، حتى زرتم المقابر ﴾ وجاء في دعاء كميل ( وخدعتني الدنيا بغرورها)
و جاء في الرواية ( *أوحى الله عزوجل إلى موسى عليه السلام يا موسى لا تطول في الدنيا أملك فيقسو قلبك وقاسي القلب مني بعيد* ).
فلابد أن نفرغ قلوبنا من حب الدنيا حتى يدخل فيها حب الله تعالى وفي هذا الشأن يقول الإمام علي عليه السلام: ( يادنيا غري غيري هيهات هيهات لقد طلقتك ثلاثاً لارجعة لي فيك فأمدك قصير وزادك حقير وخطرك يسير. آه آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق ).
٣- تراكم الذنوب:
إذا عاش الإنسان في بحر الذنوب والمعاصي متبعاً الذنب بعد الذنب فإن ظلمة الذنوب سوف تخيم على قلبه كما قال عزوجل ﴿ كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ﴾ ومن استحوذ الظلام على قلبه فهو محجوب ومحروم من رؤية جمال الحق عزوجل ولن يجد لذةً في عبادة بل قد يحرم منها.
ولذا جاء في الخبر ( أنه جاء رجل لأمير المؤمنين عليه السلام يشتكي من حرمانه صلاة الليل فقال عليه السلام له أنت رجل قد قيدتك ذنوبك ).
٤- مجالسة الموتى:
من كان جلساؤه ورفاقه هم موتى القلوب فإنه لن يتمكن أن يعيش حلاوة القرب من الله تعالى وذلك لأن مجالسة الموتى تميت القلب وتذهب نور البصيرة.
ولذا يأمر سبحانه بالإبتعاد عن هؤلاء الموتى ( *فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا* )
وعن النبي صل الله عليه واله ( *إياكم ومجالسة الموتى، قيل يا رسول الله، من الموتى ؟ قال كل غني أطغاه غناه* ).
وهذا مايشير إليه الإمام زين العابدين عليه السلام في دعاء أبي حمزة ( *أو لعلك رأيتني آلف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني* ).
التعلیقات