وصية الصديقة الشهيدة لأمير المؤمنين عليهما السلام
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 10 أشهروصية الصديقة فاطمة عليهاالسلام
لما حانت وفاتها طلبت من أمير المؤمنين عليه السلام أن يجلس إلى جنبها لتوصيه بما تريد قائلة له يا ابن العم اجلس عندي هنيئة فقد حان الفراق فأخذ برأسها ووضعه في حجره وجعل يقول:
هو الدهرُ لا تَفنى عجائبُهُ
عن الكرام ولا تهدو نوائبُهُ
فليت شعري إلى كم ذا تُجاذُبنا
فنونُه وإلى كم ذا نُجاذبُهُ
فقالت: يا ابن العم هذا وقت الوصية لا وقت التعزية. فقال: ما وصيتك يا ابنة العم؟
قالت: أولا إن كان وقع مني في مدة حياتي تقصير فاعف عني. فقال: حاشاك يا سيدة نساء العالمين والتقصير بل كنت في نهاية المحبة لي والمودة والشفقة علي والرضا والشكر والقناعة بما يأتيك مني.
فقالت: والوصية الثانية: فإني أوصيك يا ابن العم، أن تلتفت إلى أولادي، فإنهما سيقتلان بعدنا وتشرد ذراريهما.
والوصية الثالثة: أن تتزوج بأمامة ابنة أختي لتقوم بخدمة أولادي.
والوصية الرابعة قالت يا أبا الحسن: غسلني من وراء الثياب ولا تكفني فإني طاهرة مطهرة. ( وتعلل بعض الأخبار لئلا يرى أمير المؤمنين ضلعها المكسور ومتنها المسود من ضرب السياط ).
قال بعضهم فلما غسلها أمير المؤمنين عليه السلام من وراء الثياب ومر بيده على صدرها أحسّ بخسف فيه فإذا هو ضلع من أضلاعها مكسور فاعتزلها وجلس ناحية يبكي فأقبل إليه الحسنان وهما يبكيان وكانت أسماء تعينه على تغسليها فلما رأته كذلك أتت إليه وقالت: سيدي لِمَ تركت تغسيلها سيدي أتبكي لفراقها ؟ فقال لا يا أسماء وإن عزّ عليّ فراقها، ولكن انظري هذا ضلع من أضلاعها مكسور وكانت تخفي عليّ ذلك.
أقول: يا أمير المؤمنين:
مصايب فاطمه اعظامي بدنها
واشوف البيت صار اظلم بدنها
او حين الغسَّلت بيدي بدنها
كِسر ضلعي كسر ضلع الزچيه
نعود إلى وصيتها عليها السلام ثم أوصته أن يتخذ لها نعشا لأنها رأت الملائكة صوروا صورته ووصفته له. بعد بماذا أوصته؟
وأن لا يشهد أحد جنازتي ممن ظلمني ومنعني ميراثي، ولا يصلوا علي، وإذا قضيت نحبي فغسلني وحنطني من فاضل حنوط رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وكفني وصل علي وادفني بالليل إذا هدأت الأصوات ونامت الأبصار، ولا تقطعني من زيارتك، لأن لي بك أنسا عظيما.
أما الوصية الأخيرة: فهي إذا أنزلتني في القبر وسويت علي التراب فاجلس عند رأسي قبالة وجهي وأكثر من تلاوة القرآن والدعاء فإنها ساعة يحتاج الميت فيها إلى اُنس الأحياء.
وأن لا يشهد أحد جنازتي ممن ظلمني ومنعني ميراثي، ولا يصلوا علي، وإذا قضيت نحبي فغسلني وحنطني من فاضل حنوط رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وكفني وصل علي وادفني بالليل إذا هدأت الأصوات ونامت الأبصار، ولا تقطعني من زيارتك، لأن لي بك أنسا عظيما.
أما الوصية الأخيرة: فهي إذا أنزلتني في القبر وسويت علي التراب فاجلس عند رأسي قبالة وجهي وأكثر من تلاوة القرآن والدعاء فإنها ساعة يحتاج الميت فيها إلى اُنس الأحياء.
أقول لقد سمع أمير المؤمنين عليه السلام وصيتها ودموعه جارية وقام بتنفيذها كما أرادت ولذا عندما قضت نحبها قام الإمام فغسلها و كفنها ثم صلي عليها و دفنها ليلا و ما معه إلا نفر قليل كعمار و سلمان و المقداد و أبي ذر(١) .
ورُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام قَال عِنْدَ دَفْنِهَا عليها السلام « السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنِّي وعَنِ ابْنَتِكَ النَّازِلَةِ فِي جِوَارِكَ والسَّرِيعَةِ اللَّحَاقِ بِكَ قَلَّ عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي ورَقَّ فِيهَا تَجَلُّدِي إِلَّا أَنَّ فِي التَّأَسِّي بِعَظِيمِ فُرْقَتِكَ وفَادِحِ مُصِيبَتِكَ مَوْضِعَ تَعَزٍّ فَلَقَدْ وَسَّدْتُكَ فِي مَلْحُودِ قَبْرِكَ وَ فَاضَتْ بَيْنَ نَحْرِي وصَدْرِي نَفْسُكَ إِنَّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فَلَقَدِ اسْتُرْجِعَتِ الْوَدِيعَةُ وأُخِذَتِ الرَّهِينَةُ أَمَّا حُزْنِي فَسَرْمَدٌ وأَمَّا لَيْلِي فَمُسَهَّدٌ إِلَى أَنْ يَخْتَارَ اللَّهُ لِي دَارَكَ الَّتِي أَنْتَ بِهَا مُقِيمٌ وَيَنْقُلُنِي مِنَ الْإِكْدَارِ وَالتَّأْثِيمِ وَسَتُنَبِّئُكَ ابْنَتُكَ فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ وَ اسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ هَذَا وَلَمْ يَطُلِ الْعَهْدُ وَلَمْ يَخْلُقِ الذِّكْرُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمَا سَلَامَ مُوَدِّعٍ لَا قَالٍ وَ لَا سَئِمٍ فَإِنْ أَنْصَرِفْ فَلَا عَنْ مَلَالَةٍ وَ إِنْ أُقِمْ فَلَا عَنْ سُوءِ ظَنٍّ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ الصَّابِرِينَ » (1).
دُفنتْ في الدجى وعَفّى عليٌ
قبرَها ليته استطال دُجاها
أفمثلُ ابنةِ النبيّ يوارى
شخصُها في الدجى ويُعفى ثراها
القصيدة: للشريف قتادة بن أدريس بن مطاعن
وأتتْ فاطمُ تُطالبُ بالإر
ثِ من المصطفى فما ورَّثاها
ليت شعري لِمْ خُولفتْ سُنَنُ القرآنِ
فيها واللهُ قد أبداها
نُسِختْ آيةُ المواريثِ فيها
أم هما بعد فرضِها بدّلاها
أم ترَى آيةَ المودةِ لم تأ
تِ بودِّ الزهراءِ في قُرباها
سلْ بإبطال قولِهم سورةَ النمـ
ـلِ وسلْ مريمَ التي قبلَ طاها
فهما ينبئانِ عن إرث يحيى
وسليمانَ لمن أراد انتباها
فدعت واشتكت إلى الله مِن ذا
ك وفاضت بدمعها مقلتاها
جرّعاها من بعد والدِها الغيـ
ـضَ مرارا فبئس ما جرّعاها
بنتُ مَن أمُّ مَن حليلةُ مَن
ويلٌ لمن سنَّ ظلمَها وأذاها
شَيَّعَتْ نعشَها ملائكةُ الرحمنِ
رِفقاً بها و ما شيَّعاها
أمْ لأنَ البتولَ أوصت بأن لا
يشهدا دفَنَها فما شَهِداها
أغضباها و أغضبا عند ذاك الإلهَ
ربَّ السماءِ إذ أغضباها
1ـ مناقب آل أبي طالب / ابن شهرآشوب / المجلّد : 3 / الصفحة : 365 / ط علامه.
التعلیقات