والدة الإمام الحسن العسكري عليه السلام وسبع الدجيل
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 4 سنواتمن جملة الصفات العملية التي تتمتع بها السيدة الجليلة حديث هي الرواية الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة، بل أكثر من ذلك كانت الشيعة ترجع اليها في أمورهم بعد ما استشهد الإمام الحسن العسكري عليه السلام، فلا نستعظم تصدّيها لبيان أحكام الشرع الحنيف، فقد عاشت، وترعرعت في بيت العصمة والعلم والحكمة إضافة إلى ما حباها الله من الكمال والاصطفاء، فقد كانت إحدى الرواة التي حظيت بالتأييد والوثاقة من قبل المعصوم علیه السلام، وكيف لا تكون ذلك؟! وهي أم حجة الله على الخلق وجدة صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.
السيد محمد سبع الدجيل عليه السلام من أولادها:
ومن أولادها السيد محمد بن علي الهادي المعروف بسبع الدجيل صاحب المقامات والكرامات العالية، شخصية فذّه ترقّبتها الأنظار لخلافة أبيه؛ لسموّ شأنه وعظيم أخلاقه ومكانته عنده وعند أخيه الحسن العسكري عليه السلام. قدِم سامراء لزيارة أبيه إلا أن الأجل وافاه، ودفن في منطقة بَلد قرب سامراء.
شكّك البعض في سبب وفاة السيد محمد عليه السلام، وأوعزوا باحتمال مقتله على يد العباسيين الذين أشخصوا رؤساء بني هاشم وساداتهم من البلدان، وفرضوا عليهم الإقامة الجبرية في سامراء.
مكانتها عند أهل البيت عليهم السلام:
فقد روى الشيخ الصدوق رحمه الله عن أحمد بن إبراهيم، قال: دخلت على حكيمة بنت محمد بن علي الرضا اُخت أبي الحسن صاحب العسكري عليه السلام في سنة اثنتي وستين ومائتين، فكلّمتها من وراء حجاب، وسألتها عن دينها، فسمّت لي من تأتم بهم.
ثم قالت: والحجة بن الحسن بن علي فسمته.
فقلت لها: جعلني الله فداك معاينة أو خبراً؟
فقالت: خبراً عن أبي محمّد عليه السلام كتب به إلى اُمّه.
فقلت لها: فأين الولد؟
فقالت: مستور.
فقلت: إلى من تفزع الشيعة؟
فقالت: إلى الجدة اُم أبي محمد عليه السلام.
فقلت لها: أقتدي بمن وصيّته إلى امرأة؟
فقالت: اقتداء بالحسين بن علي عليه السلام، فإنّ الحسين بن علي عليهما السلام أوصى إلى اُخته زينب بنت علي عليها السلام في الظاهر، فكان ما يخرج عن علي بن الحسين عليهما السلام من علم ينسب إلى زينب عليها السلام ستراً على علي بن الحسين عليه السلام. (1)
وعن صاحب المنتهى رحمه الله قال: كانت في غاية الصلاح والورع والتقوى وهي في حياة الخلود إذ ولد في أيامها إمام الزمان علیه السلام، وكفى في فضلها أنّها كانت مفزع الشيعة وغوثهم بعد وفاة الإمام العسكري علیه السلام. (2)
من أسمائها يقال لها: سوسن، وسمانة، وتكنى اُمّ الحسن، وأُم أبي محمد، وتعرف بالجدّة، أي: جدّة صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وقيل تسمى: حديث، وحديثة أو سليل.
سبب الاختلاف في تعيين اسمها:
اختلفوا أيضا في تعيين اسمها عليها السلام كما هو الحال في غيرها من أمهات الأئمة عليهم السلام؛ ربما يكون ذلك بسبب الظروف السياسية التي أحاطت وألمت بهم لاسيما في تعين أمّ الإمام الحجة علیه السلام التي وعدت بها الأحاديث عن النبي وغيره من أهل البيت وهي التي تلد المؤمل الموعود عندما تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً، فيظهر، «ويملأها عدلاً وقسطاً هو الّذي تخفى على النّاس ولادته، ويغيب عنهم شخصه»، (3) فأصبحت مراقبة خاصة لأمهات الأئمة في الآونة الأخيرة من قبل السلطة الحاكمة حينذاك، فعمد أهل البيت عليهم السلام إلى الكتمان والإيهام لاسيما في أمّ المعصوم علیه السلام. ولعل هذا السبب في اضطراب أقلام المؤرخين وترددهم واختلافهم في تحديد اسم أمّ المعصوم علیه السلام . بالإضافة إلى ذلك أنّ الأسماء التي تكللت بها السيدة حديث عليها السلام تحمل مداليل تحكي عن عظمة هذه السيدة الجليلة، وتكشف عن مدى أبعادها وصفاتها المعنوية والمادية.
1ـ كمال الدين وأتمام النعمة: ص 501.
2ـ منتهى الآمال: ج 2، ص 509.
3ـ كمال الدين وتمام النعمة: ص 378.
التعلیقات