قبسات من حیاة الإمام الرضا عليه السلام
موقع وارث
منذ 6 سنواتبِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى.
تواضعه عليه السلام
ومن الذي يدل على سمو مكارم الإمام الرضا عليه السلام التي هي ملئ فم الدنيا والتي هي موضع الاعتزاز والفخر للمسلمين هو أنه لم يكن يرى نفسه الزكية أشرف من الآخرين و كان دائمًا يؤكد بأن أكرم الناس عند الله أتقاهم.
فقال له شخص: أنت والله خير الناس.
فرد عليه قائلًا: لا تخلف يا هذا، خير مني من كان أتقى الله عزوجل، وأطوع له، والله ما نسخت هذه الآية: (وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم). (1)
وأثر عنه عليه السلام من الشعر في ذلك قوله:
لبست بالعفة ثوب الغنى وصرت أمشي شامخ الرأس
لست إلى النسناس مستأنسًا لكنني آنس بالناس
إذا رأيت التية من ذي الغنى تهت على التائه باليأس
ما إن تفاخرت على معدم ولا تضعفت لإفلاس (2)
معرفته بجميع اللغات
ظاهرة أخرى عن علومه ومعرفته التامة إحاطته التامة بجميع اللغات، ويدلل على ذلك ما رواه أبو إسماعيل السندي، قال: «سمعت بالهند أن لله في العرب حجة، فخرجت في طلبه، فدللت على الرضا عليه السلام فقصدته وأنا لا أحسن العربية، فسلمت عليه بالسندية، فرد علي بلغتي، فجعلت أكلمه بالسندية، و هو يرد علي بها، و قلت له: إني سمعت أن لله حجة في العرب، فخرجت في طلبه.
فقال عليه السلام: أنا هو، ثم قال لي: سل عما أردته، فسألته عن مسائل فأجابني عليه السلام عنها بلغتي.» (3).
وقد أكد هذه الظاهرة الكثيرون ممن اتصلوا بالإمام عليه السلام.
تكريمه عليه السلام للناس
ومن سمو أخلاقه أنه إذا جلس على مائدة أجلس عليها مماليكه حتى السائس والبواب.
وقد أعطى بذلك درسًا لهم وهو إلغاء التمايز بين الناس، وأنهم جميعًا على صعيد واحد، ويقول إبراهيم بن العباس: «سمعت علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: حلفت بالعتق ولا أحلف بالعتق إلا أعتقت رقبه، وأعتقت بعدها جميع ما أملك، إن كان يرى أنه خير من هذا، وأومأ إلى عبد أسود من غلمانه، إذا كان ذلك بقرابة من رسول الله صلی الله عليه وآله، إلا أن يكون له عمل صالح فأكون أفضل به منه.»(4).
عدم استعلائه علی الناس
من معالي أخلاقه عليه السلام أنه كما تقلد ولاية العهد التي هي أرقى منصب في الدولة الإسلامية لم يأمر أحدًا من مواليه وخدمه في الكثير من شؤونه، وإنما كان يقوم بذاته في خدمة نفسه.
يقول الرواة: «إن احتاج إلى الحمام فكره أن يأمر أحد بتهيئته له، ومضى إلى حمام في البلد لم يكن صاحبه يظن أن ولي العهد يأتي إلى الحمام في السوق فيشغل فيه، وإنما حمامات الملوك في قصورهم.
ولما دخل الإمام الحمام كان فيه جندي، فأزال الإمام عن موضعه، وأمره أن يصب الماء على رأسه، ففعل الإمام ذلك، ودخل الحمام رجل كان يعرف الإمام فصاح بالجندي هلكت، أتستخدم ابن بنت رسول الله صلی الله عليه وآله؟
فذعر الجندي، ووقع على الإمام يقبل أقدامه، ويقول له متضرعًا: يابن رسول الله، هلا عصيتني إذا أمرتك؟
فتبسم الإمام في وجهه وقال له برفق ولطف: إنها لمثوبة، وما أردت أن أعصيك فيما أثاب عليه.» (5).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار 224:39
(2) مناقب آل أبي طالب 361:4
(3) بحار الأنوار 50:49
(4) عيون أخبار الرضا عليه السلام 262:1
(5) عيون التواريخ 227:3
التعلیقات