لا للعبثية في الحياة
السيد حيدر الجلالي
منذ 5 سنواتجاؤوا إلى الشيخ أبي سعيد، وقالوا له: فلانٌ يمشي على الماء!
قال:هذا سهلٌ، فإنّ الوزغ والصعوة يمشيان على الماء.
قالوا للشيخ: إنّ فلاناً يطير في السماء!
قال الشيخ: هذا سهلٌ كذلك، فإنّ الزغن والذبابة يطيران في الهواء أيضاً.
قالوا له: إنّ فلاناً يطيء الأرض!
قال الشيخ: إنّ الشيطان يسير من المشرق إلى المغرب بنَفَسٍ واحد. لا قيمة لهذه الأمور، فإنّ الرجل هو مَن يقوم ويقعد مع الخلق ويعيش معهم، ومن جهة أخرى عليه أن لا يغفل عن ذكر الله عزّ وجلّ.
ما يفعله الإنسان لابد أن يكون نافعاً سواء له أو للآخرين، وأحسن ذلك أن يكون في ذلك رضا الله ورضا عباده.
أمّا هذا لا يدل على أنّ الشخص لا يُرفّه عن نفسه، وينشغل بالعبادة، ولا يفكّر بنفسه وبعياله، بل المقصود من هذا الكلام هو أن لا يفعل الإنسان ما هو لغوٌ، وليس فيه أيّ نفع، بل فيه مضرّات في حياته الدنيوية ولو بقليل؛ ولذا قال الله تعالى: { والذين هم عن اللغو معرضون}(1).
من المهم بالنسبة إلى المرأة التي تمضي معظم أوقات حياتها في البيت، أن تسير في الاتجاه الصحيح السليم البعيد عن اللَغْوِيَّة والفراغ الذي يُسهّل مسيرها إلى الصلاح والنجاة في الدنيا والآخرة، ولابد أن تُواظب نفسها عن السَير في الاتجاه الخاطئ الذي يرميها في الحجيم.
لكن مع اتّساع القنوات والبرامج التواصل الاجتماعي الإلكتروني يصعب أن يمنع الشخص نفسه من الوقوع في مستنقع اللَغْوِيَّة والفراغ الذي ليس فيه صلاح الدنيا والآخرة الذي هو طريقٌ يؤدي إلى الجحيم، فيسوقُ الشيطانُ الإنسانَ إلى الجحيم، كما قال الإمام الجواد (عليه السلام): >مَن أصغى إلى ناطِقٍ فَقَد عَبَدَهُ، فإن كانَ النّاطِقُ عَنِ اللّه ِ فَقَد عَبَدَ اللّه َ، وإن كانَ النّاطِقُ عَن إبليسَ فَقَد عَبَدَ إبليسَ<.(2)
أحد تأثيرات الأعمال الْلَغويّة والفارغة عن أي فائدة في الحياة، تتجلّى في سلوك حياة ممثلي "هوليوود" وما يجري حولهم من الأخبار والوقائع التي ليست فيها أي فائدة لمُتِتَبِّعي هذه الأخبار إلّا إتلاف الوقت والابتعاد عن الأسرة والمجتمع والوقوع في أمورٍ باطلة لا نتيجة لها؛ لأنّ هؤلاء الممثلين يعيشون أو بالأحرى يُعرضون حياتهم بشكل مُتميزٍ عن باقي أفراد المجتمع حيث يلبسون، ويأكلون، ويمشون و... عادتا بشكلٍ غير متعارف عليه في المجتمع، فالمتتبع لهؤلاء الممثلين يأمل أن يعيش كما يعيشون، ويلبس، ويأكل، ويتصرّف، كما يتصرفون، لكن لا يقدر على ذلك، فيبقى يتتبّع تلك الأخبار والوقائع التي لا ناتج لها إلّا ذهاب وقته وخسارة عمره في الفراغ واللَغو.
لكن لو وضع الإنسانُ اللهَ أمام عينه، وتحذر من الشيطان وهمزاته ولمزاته لا يقع في مستنقع الفراغ والهلاك.
(1) المؤمنون: 3.
(2) بحار الأنوار، ج72، ص264، ح1
التعلیقات