زواج المساكنة
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 5 سنواتنواجه اليوم ظاهرة جديدة في مجتمعنا الإسلامي لم نسمع عنه من قبل، بل تفاجنئنا حين سماعنا بأنّه يحدث عندنا، ولكن كالعادة استنكرنا الأمر في قلبنا، وتألمنا ومن ثم نسينا وكأنّه لم يحصل شيء.
نعم، هذه الظاهرة الجديدة تم تقليدها من دول الغرب التي ماتت فيها معاني القيّم والأخلاق والعائلة. نعم، العائلة الكلمة المقدسة في مجتمعنا وفي ثقافتنا، واليوم كل العالم يسعى في دمار هذه الكلمة وهدمها.
وهذه الظاهرة تعرف بزواج المساكنة: وهي تعني إقامة شاب وفتاة تحت سقف واحد في سكن واحد، ولم يكن بينهما أي عقد شرعي كالزوجين.
وأهمّ الدوافع لمن يمارس هذه الرابطة تبرر تحت عنوان أنّها تقلل التكاليف في البيت الزوجي، وهناك خيار في هذه العلاقة غير الشرعية، وهو يمكنك بعد مدة قطع هذه الرابطة، وكأنّه لم يحدث شيء أكثر سهولة من الزواج والطلاق.
تعسير الحلال وتسهيل الحرام
التقصير من جانب الدولة والأسرة التي عسّرت أمر الزواج بأمور لم ينزّل الله بها من سلطان.
غلاء المهور، والأسعار الخرافية للبيوت والأثاث وتكاليف الزواج، والأهم من كل هذا عدم امتثال كلام رسول الله صلى الله عليه وآله: «إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَ أَمَانَتَهُ فَزَوِّجُوهُ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ﴿تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ فَسٰادٌ كَبِيرٌ﴾(1)» (2). نعم، لم نطبّق هذا الحديث في غالب الأوقات، فما أكثر سماعنا به فالعجب كل العجب من أنفسنا!
والدور الأساسي التي تعمله في نشر ثقافة الغير هي الفضائيات. نعم، ظل الانفتاح الفضائي وسهولة تناقل الثقافات، ومع الأسف أن بعض شبابنا اعتاد تقليد الأعمى للغرب تحت عنوان الانفتاح والعولمة والحريّة.
واستخدام لفظ الزواج المساكنة على هذا العمل غير الصحيح وغير اللائق؛ لأن الزواج أمر مقدس يحدث في ظروف وشروط خاصة، ويفقد هذا العمل تلك القيم والشروط التي من خلال تبنى صرح العائلة المقدس، ومصطلح المساكنة المأخوذ عن السكينة والهدوء والطمأنينة هنا أيضاً مفقود كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾(3)، فهنا لا توجد أي مودة ولا رحمة، بل يعتريه قلق واضطراب؛ لعدم وجود شيء يجعلك تثق بطرف الآخر، وليس هناك شيء يجعل الطرفين مجذوبين نحو الآخر، فبمجرد حدوث أية مشكلة تنهار العلاقة المزيفة القائمة بينهما ويكون مصيرها الانفصال، وهذا ما يؤثر على الطرفين بشكل السلبي ويكون ضحية هذا الأمر غالباً المرأة وإذا حصل بينهم حمل أو إنجاب فالضحية الكبرى لهذا الأمر هو الطفل المولود عن هذه الرابطة.
1ـ سورة الأنفال: الآية 73.
2ـ الجعفريات - الأشعثيات: ص 89.
3ـ سورة الروم: الآية 21.
التعلیقات