مداراة الزوجة في كلام رسول الله (صلّى الله عليه وآله)
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 5 سنواتإن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أوصى بالنساء خيرا، وذلك في مواقف عديدة، وقد ورد في هذا الشأن روايات عديدة تشير إلى عظمة ثواب مداراة الأهل وعلى الخصوص الزوجة والبنت.
وتصدَّر الحديث عن المرأة في الإسلام الكثير من البحوث الدراسات، وحاول أن تغيّر النظرة الجاهلية في هذا الصدد، حيث بيَّن الله تعالى حال النساء في الجاهلية، فكانت تُعامل كأنّها متاعٌ يُورّث مع الأشياء، إلى أن جاء الإسلام ووضعها في مكانا ليق بها، فأصبحت هي التي ترث، وقد كان بُغض المشركين للمرأة يصل إلى قتلها، ووأدها خوفاً من العار، فقد كانت المرأة في مجتمعهم من العيوب، وتعدّ من منقصة، يقول الله تعالى: ﴿إِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ* يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾. (1)
ولقد دَحض القرآن الحكيم الأفكار الباطلة التي كان الناس يعتقد بها في السابق، وأقرَّ بأن طبيعة التكوين وأصل الخلقة بين الرجل والمرأة واحد، فلم يخلق الرجل من جوهرٍ مكرم، ولا المرأة من جوهر وضيع، بل خلقهما الله من عنصر واحد وهو التراب، ومن نفس واحدة، فيقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء﴾. (2)
فمع هذه العقلية الساذجة والأخلاق غير الإنسانية تعامل النبي الأكرم معها بعقلية عالية ورفيع، وجعل من هذا المجتمع المنحط مجتمعاً ناضجاً عارفاً لحقوق الإنسان، ولقد طبقها بنفسه في حياته؛ ليكون أسوة يقتدى بها. فقال صلى الله عليه وآله لهم في بيان عظمة مداراة الأهل: «كلما ازداد العبد إيمانا ازداد حبا للنساء». (3)
وقال أيضا: «إن خير نسائكم الولود الودود العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرجة مع زوجها، الحصان على غيره التي تسمع قوله وتطيع أمره، وإذا خلا بها بذلت له ما يريد منها، ولم تبذل كتبذل الرجل». (4)
وأشاد بموقف الرجل تجاه زوجته، فقال (ص): «إنَّ الرجل ليؤجر في رفع اللقمة إلى في امرأته». (5)
كما بيّن صلى الله عليه وآله صفات الرجال الذين يؤدون واجبهم من الخدمة لعيالهم، وقال في هذا المعنى :«لا يخدم العيال إلاّ صدّيق، أو شهيد، أو رجل يريد الله به خير الدنيا والآخرة». (6)
وأعطى صلى الله عليه وآله المكانة الرفيعة لمن يبذل لأهله، وينفق عليها، فقال (ص) في هذ المقام: «من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله كان كحامل صدقة إلى قوم محاويج، وليبدأ بالإناث قبل الذكور، فان من فرح ابنته فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل، ومن أقر بعين ابن فكأنما بكى من خشية الله، ومن بكى من خشية الله أدخله الله جنات النعيم». (7)
ووضع صلى الله عليه وآله الزوجة الصالحة في مكان تستحقه كرامة لها وتعظيما لمقامها، وجعلها في عداد سعادة الرجل، فقال (ص): «من سعادة المرء المسلم الزوجة الصالحة، والمسكن الواسع، والمركب البهي، والولد الصالح». (8)
ــــــ
1ـ سورة النحل: الآية 58، و59.
2ـ سورة النساء: الآية 1.
3ـ بحار الأنوار: ج 103، ص 228.
4ـ الكافي: ج 5، ص 324.
5ـ المحجة البيضاء: ج ٣، ص 70.
6ـ بحار الأنوار: ج ١٠٤، ص ١٣٢.
7ـ وسائل الشيعة: ج 15، ص 227.
8ـ بحار الأنوار: ج 76، ص 155.
التعلیقات