قصة ولادة الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 4 سنواتروت حكيمة بنت الإمام الجواد عليه السلام قائلة: عند ما توفي أبو الحسن الهادي عليه السّلام، وخلفه أبو محمد الحسن العسكري عليه السّلام كنت أزوره كما كنت أزور والده، فجاءتني نرجس يوما تخلع خفّي فقالت: يا مولاتي ناوليني خفّك، فقلت: بل أنت سيدتي ومولاتي، واللّه! لا أدفع إليك خفّي؛ لتخلعيه، ولا لتخدميني، بل أنا أخدمك على بصري.
فسمع أبو محمد عليه السّلام ذلك، فقال: جزاك اللّه يا عمة خيرا، فجلست عنده إلى وقت غروب الشمس، فصحت بالجارية، وقلت: ناوليني ثيابي؛ لأنصرف، فقال عليه السّلام: يا عمّتاه! بيّتي، وابق الليلة عندنا؛ فانّه سيولد الليلة المولود الكريم على اللّه عزّ وجل الذي يحيى اللّه عزّ وجل به الأرض بعد موتها.
فقلت: ممّن يا سيدي! ولست أرى بنرجس شيئا من أثر الحبل، فقال: من نرجس لا من غيرها، قالت: فوثبت إليهاـ فقلبتها ظهرا لبطن، فلم أر بها أثرا من حبل، فعدت إليه عليه السّلام، فأخبرته بما فعلت، فتبسّم ثم قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل؛ لأنّ مثلها مثل أمّ موسى لم يظهر بها الحبل، ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبالى في طلب موسى، وهذا نظير موسى عليه السّلام. (1)
وفي رواية أخرى انّه قال: «إنّا معاشر الأوصياء لسنا نحمل في البطون، وإنمّا نحمل في الجنوب، ولا نخرج من الأرحام، وإنمّا نخرج من الفخذ الأيمن من أمّهاتنا؛ لأنّنا نور اللّه الذي لا تناله الدانسات». (2)
قالت حكيمة: فذهبت إلى نرجس، وأخبرتها، فقالت: لم أر شيئا ولا أثرا، فبقيت الليل هناك، وأفطرت عندهم، ونمت قرب نرجس، وكنت أفحصها كلّ ساعة وهي نائمة، فازدادت حيرتي، وأكثرت في هذه الليلة من القيام والصلاة، فلمّا كنت في الوتر من صلاة الليل قامت نرجس، فتوضّأت. وصلّت صلاة الليل.
ونظرت فإذا الفجر الأول قد طلع، فتداخل قلبي الشك، فصاح بي أبو محمد عليه السّلام، فقال: لا تعجلي يا عمّة! فإنّ الأمر قد قرب، فرأيت اضطرابا في نرجس، فضممتها إلى صدري، وسمّيت عليها، فصاح أبو محمد عليه السّلام، وقال: اقرئي عليها ﴿انّا أنزلناه في ليلة القدر﴾، فأقبلت أقرأ عليها، وقلت لها: ما حالك؟ قالت: ظهر الأمر الذي أخبرك به مولاي.
فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ كما أقرأ، وسلّم عليّ، قالت حكيمة: ففزعت لمّا سمعت، فصاح بي أبو محمد عليه السّلام: لا تعجبي من أمر اللّه عزّ وجل إنّ اللّه تبارك وتعالى ينطقنا بالحكمة صغارا، ويجعلنا حجة في أرضه كبارا، فلم يستتمّ الكلام حتى غيّبت عنّي نرجس، فلم أرها كأنّه ضرب بيني وبينها حجاب.
فعدوت نحو أبي محمد عليه السّلام، وأنا صارخة، فقال لي: ارجعي يا عمّة! فإنّك ستجديها في مكانها. قالت: فرجعت، فلم ألبث أن كشف الحجاب بيني وبينها، وإذا أنا بها، وعليها من أثر النور ما غشي بصري، وإذا أنا بالصبي عليه السّلام ساجدا على وجهه جاثيا على ركبتيه رافعا سبّابتيه [نحو السماء] وهو يقول: «أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له، وأنّ جدّي رسول اللّه، وأنّ أبي أمير المؤمنين»، ثمّ عَدّ إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه، فقال: «اللهم أنجز لي وعدي، وأتمم لي أمري، وثبّت وطأتي، واملأ الأرض بي عدلا وقسطا». (3)
فناداني أبو محمد عليه السّلام، وقال: يا عمة! هاتي ابني إليّ، فكشفت عن سيدي عليه السّلام، فإذا به مختونا مسرورا طهرا طاهرا، وعلى ذراعه الأيمن مكتوب: ... ﴿جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً﴾. (4)
فأتيت به نحوه، فلمّا مثلت بين يدي أبيه سلّم على أبيه، فتناوله الحسن، وأدخل لسانه في فمه، ومسح بيده على ظهره، وسمعه، ومفاصله، ثم قال له: يا بني! انطق بقدرة اللّه، فاستعاذ وليّ اللّه عليه السّلام من الشيطان الرجيم، واستفتح: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ﴾. (5)
وصلّى على رسول اللّه وعلى أمير المؤمنين والأئمة عليهم السّلام واحدا واحدا، حتى انتهى إلى أبيه، وكانت هناك طيور ترفرف على رأسه، فصاح بطير منها، فقال له: احمله، واحفظه، وردّه إلينا في كلّ أربعين يوما.
قالت حكيمة: فلمّا أن كان بعد أربعين يوما ردّ الغلام، ووجّه إليّ ابن أخي عليه السّلام، فدعاني، فدخلت عليه، فاذا أنا بصبيّ متحرك يمشي بين يديه، فقلت: سيدي هذا ابن سنتين! فتبسّم عليه السّلام ثم قال: «إنّ أولاد الأنبياء والأوصياء إذا كانوا أئمة ينشؤون بخلاف ما ينشأ غيرهم، وأنّ الصبي منّا إذا أتى عليه شهر كان كمن يأتي عليه سنة، وأنّ الصبي منّا ليتكلّم في بطن أمّه، ويقرأ القرآن، ويعبد ربّه عزّ وجل وعند الرضاع تطيعه الملائكة، وتنزل عليه كل صباح ومساء».
قالت حكيمة: فلم أزل أرى ذلك الصبي كلّ أربعين يوما إلى أن رأيته رجلا قبل مضيّ أبي محمد عليه السّلام بأيّام قلائل، فلم أعرفه، فقلت لأبي محمد عليه السّلام: من هذا الذي تأمرني أن أجلس بين يديه؟ فقال: «ابن نرجس، وهو خليفتي من بعدي، وعن قليل تفقدوني، فاسمعي له، وأطيعي». (6)
فسمع أبو محمد عليه السّلام ذلك، فقال: جزاك اللّه يا عمة خيرا، فجلست عنده إلى وقت غروب الشمس، فصحت بالجارية، وقلت: ناوليني ثيابي؛ لأنصرف، فقال عليه السّلام: يا عمّتاه! بيّتي، وابق الليلة عندنا؛ فانّه سيولد الليلة المولود الكريم على اللّه عزّ وجل الذي يحيى اللّه عزّ وجل به الأرض بعد موتها.
فقلت: ممّن يا سيدي! ولست أرى بنرجس شيئا من أثر الحبل، فقال: من نرجس لا من غيرها، قالت: فوثبت إليهاـ فقلبتها ظهرا لبطن، فلم أر بها أثرا من حبل، فعدت إليه عليه السّلام، فأخبرته بما فعلت، فتبسّم ثم قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل؛ لأنّ مثلها مثل أمّ موسى لم يظهر بها الحبل، ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبالى في طلب موسى، وهذا نظير موسى عليه السّلام. (1)
وفي رواية أخرى انّه قال: «إنّا معاشر الأوصياء لسنا نحمل في البطون، وإنمّا نحمل في الجنوب، ولا نخرج من الأرحام، وإنمّا نخرج من الفخذ الأيمن من أمّهاتنا؛ لأنّنا نور اللّه الذي لا تناله الدانسات». (2)
قالت حكيمة: فذهبت إلى نرجس، وأخبرتها، فقالت: لم أر شيئا ولا أثرا، فبقيت الليل هناك، وأفطرت عندهم، ونمت قرب نرجس، وكنت أفحصها كلّ ساعة وهي نائمة، فازدادت حيرتي، وأكثرت في هذه الليلة من القيام والصلاة، فلمّا كنت في الوتر من صلاة الليل قامت نرجس، فتوضّأت. وصلّت صلاة الليل.
ونظرت فإذا الفجر الأول قد طلع، فتداخل قلبي الشك، فصاح بي أبو محمد عليه السّلام، فقال: لا تعجلي يا عمّة! فإنّ الأمر قد قرب، فرأيت اضطرابا في نرجس، فضممتها إلى صدري، وسمّيت عليها، فصاح أبو محمد عليه السّلام، وقال: اقرئي عليها ﴿انّا أنزلناه في ليلة القدر﴾، فأقبلت أقرأ عليها، وقلت لها: ما حالك؟ قالت: ظهر الأمر الذي أخبرك به مولاي.
فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ كما أقرأ، وسلّم عليّ، قالت حكيمة: ففزعت لمّا سمعت، فصاح بي أبو محمد عليه السّلام: لا تعجبي من أمر اللّه عزّ وجل إنّ اللّه تبارك وتعالى ينطقنا بالحكمة صغارا، ويجعلنا حجة في أرضه كبارا، فلم يستتمّ الكلام حتى غيّبت عنّي نرجس، فلم أرها كأنّه ضرب بيني وبينها حجاب.
فعدوت نحو أبي محمد عليه السّلام، وأنا صارخة، فقال لي: ارجعي يا عمّة! فإنّك ستجديها في مكانها. قالت: فرجعت، فلم ألبث أن كشف الحجاب بيني وبينها، وإذا أنا بها، وعليها من أثر النور ما غشي بصري، وإذا أنا بالصبي عليه السّلام ساجدا على وجهه جاثيا على ركبتيه رافعا سبّابتيه [نحو السماء] وهو يقول: «أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له، وأنّ جدّي رسول اللّه، وأنّ أبي أمير المؤمنين»، ثمّ عَدّ إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه، فقال: «اللهم أنجز لي وعدي، وأتمم لي أمري، وثبّت وطأتي، واملأ الأرض بي عدلا وقسطا». (3)
فناداني أبو محمد عليه السّلام، وقال: يا عمة! هاتي ابني إليّ، فكشفت عن سيدي عليه السّلام، فإذا به مختونا مسرورا طهرا طاهرا، وعلى ذراعه الأيمن مكتوب: ... ﴿جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً﴾. (4)
فأتيت به نحوه، فلمّا مثلت بين يدي أبيه سلّم على أبيه، فتناوله الحسن، وأدخل لسانه في فمه، ومسح بيده على ظهره، وسمعه، ومفاصله، ثم قال له: يا بني! انطق بقدرة اللّه، فاستعاذ وليّ اللّه عليه السّلام من الشيطان الرجيم، واستفتح: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ﴾. (5)
وصلّى على رسول اللّه وعلى أمير المؤمنين والأئمة عليهم السّلام واحدا واحدا، حتى انتهى إلى أبيه، وكانت هناك طيور ترفرف على رأسه، فصاح بطير منها، فقال له: احمله، واحفظه، وردّه إلينا في كلّ أربعين يوما.
قالت حكيمة: فلمّا أن كان بعد أربعين يوما ردّ الغلام، ووجّه إليّ ابن أخي عليه السّلام، فدعاني، فدخلت عليه، فاذا أنا بصبيّ متحرك يمشي بين يديه، فقلت: سيدي هذا ابن سنتين! فتبسّم عليه السّلام ثم قال: «إنّ أولاد الأنبياء والأوصياء إذا كانوا أئمة ينشؤون بخلاف ما ينشأ غيرهم، وأنّ الصبي منّا إذا أتى عليه شهر كان كمن يأتي عليه سنة، وأنّ الصبي منّا ليتكلّم في بطن أمّه، ويقرأ القرآن، ويعبد ربّه عزّ وجل وعند الرضاع تطيعه الملائكة، وتنزل عليه كل صباح ومساء».
قالت حكيمة: فلم أزل أرى ذلك الصبي كلّ أربعين يوما إلى أن رأيته رجلا قبل مضيّ أبي محمد عليه السّلام بأيّام قلائل، فلم أعرفه، فقلت لأبي محمد عليه السّلام: من هذا الذي تأمرني أن أجلس بين يديه؟ فقال: «ابن نرجس، وهو خليفتي من بعدي، وعن قليل تفقدوني، فاسمعي له، وأطيعي». (6)
1ـ كمال الدين: ص 426، ح 2؛ عنه البحار: ج 51، ص 11، ص 24.
2ـ البحار: ج 51، ص 26.
3ـ كمال الدين: ص 426، ح 2؛ البحار، ج 51، ص 13.
4ـ الإسراء: الآية 81.
5ـ القصص: الآية 5 و6.
6ـ كمال الدين، ج 2، ص 429؛ تعريب منتهى الآمال في تواريخ النبي والآل: ج 2، ص 701.
التعلیقات