جعدة بنت الأشعث والمؤامرة السوداء
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 4 سنواتإن الحسن عليه السلام قال لأهل بيته: «إني أموت بالسم كما مات رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا: ومن يفعل ذلك؟ قال: امرأتي جعدة بنت الأشعث بن قيس، فإن معاوية يدس إليها، ويأمرها بذلك، قالوا: أخرجها من منزلك، وباعدها من نفسك، قال: كيف أخرجها، ولم تفعل بعد شيئا، ولو أخرجتها ما قتلني غيرها، وكان لها عذر عند الناس».
فما ذهبت الأيام حتى بعث إليها معاوية مالا جسيما، وجعل يمنيها بأن يعطيها مائة ألف درهم أيضا، ويزوجها من يزيد، وحمل إليها شربة سم؛ لتسقيها الحسن عليه السلام، فانصرف إلى منزله وهو صائم، فأخرجت وقت الأفطار، وكان يوما حارا شربة لبن، وقد ألقت فيها ذلك السم، فشربها، وقال: عدوة الله! قتلتيني قتلك الله! والله لا تصيبين مني خلفا، ولقد غرك، وسخر منك، والله يخزيك ويخزيه.
فمكث عليه السلام يومان، ثم مضى، فغدر بها معاوية، ولم يف لها بما عاهد عليه.(1)
زواجها من الإمام الحسن عليه السلام
أشار البلاذري إلى الدور الذي لعبه الأشعث بن قيس في تزويج ابنته جعدة من الإمام الحسن عليه السلام، فإنَّ الإمام علي عليه السلام خطب أم عمران بنت سعيد بن قيس وهو أخو الأشعث لولده الإمام الحسن عليه السلام، فقال الأشعث لأخيه سعيد: زوَّج أم عمران لابني محمد فهو ابن عمّها وهو خير لها من غيره، فزوج سعيد ابنته من محمد ابن أخيه الأشعث، وبعد هذا اقترح الأشعث تزويج ابنته جعدة للإمام الحسن عليه السلام(2).
جعدة بنت الأشعث قاتلة الإمام الحسن عليه السلام
اتفق المؤرخون على أن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله صل الله عليه وآله وريحانته، وسيد شباب أهل الجنة، ورابع أصحاب الكساء عليهم السَّلام قُتل شهيداً بالسم، وإن جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي(3) زوجته هي التي قتلته بالسم.
عن أبي بكر الحضرمي قال: إن جعدة بنت أشعث بن قيس الكندي سمت الحسن بن علي، وسمت مولاة له، فأما مولاته فقاءت السم، وأما الحسن فاستمسك في بطنه، ثم انتفط به فمات.(4)
المؤامرة السوداء بين جعدة بنت الأشعث ومعاوية
تؤكد كتب التاريخ بأن التي باشرت قتل الإمام الحسن الزكي المجتبى عليه السلام هي زوجته جعدة، لكن الذي خطط لقتل الحسن، وأمر بذلك، وأعطى الوعود والجوائز على قتل سبط رسول الله صل الله عليه وآله هو معاوية بن أبي سفيان لعنة الله عليه.
ما رواه عيسى بن مهران قال: حدّثنا عبيدالله بن الصّباح قال: حدّثنا جرير، عن مغيرة قال: أرسل معاوية إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس: أنّي مزوّجك يزيد ابني، على أن تسمّي الحسن، وبعث إليها مائة ألف درهم، ففعلت، وسمّت الحسن عليه السلام، فسوّغها المال، ولم يزوّجها من يزيد، فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها، فكان إذا وقع بينهم وبين بطون قريش كلام عيّروهم، وقالوا: يا بني مسمّة الأزواج.(5)
وعن عبد الله بن عباس، أنه قال: كان الحسن عليه السلام قد سقي السم، سقته امرأته إياه ـ جعدة بنت الاشعث ـ فكانت نفسه فيه، واعطيت على ذلك مالا كثيراً.(6)
وقال أبو الحسن المدائني: وكانت وفاته في سنة تسع وأربعين و كان مرضه أربعين يوما، وكانت سنه سبعا وأربعين سنة دس إليه معاوية سما على يد جعدة بنت الأشعث بن قيس زوجة الحسن، وقال لها: إن قتلتيه بالسم فلك مائة ألف وأزوجك يزيد ابني، فلما مات وفى لها بالمال، ولم يزوجها من يزيد، قال: أخشى أن تصنع بابني كما صنعت بابن رسول الله صلى الله عليه وآله.(7)
قال أمين الاسلام الطبرسي: وَخَرَجَ الْحَسَنُ عليه السلام إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَقَامَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ، ومَضَى لِرَحْمَةِ رَبِّهِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ، ولَهُ سَبْعٌ وَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَأَشْهُرٌ مَسْمُوماً، سَقَتْهُ زَوْجَتُهُ جَعْدَةُ بِنْتُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ قَدْ دَسَّ إِلَيْهَا مَنْ حَمَلَهَا إِلَى ذَلِكَ، وضَمِنَ لَهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ يَزِيدَ ابْنِهِ، وأَوْصَلَ إِلَيْهَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَسَقَتْهُ السَّمَّ، وَبَقِيَ مَرِيضاً أَرْبَعِينَ يَوْماً، وتَوَلَّى أَخُوهُ الْحُسَيْنُ عليه السلام غُسْلَهُ وتَكْفِينَهُ ودَفْنَهُ عِنْدَ جَدَّتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بِالْبَقِيعِ.(8)
شعر النجاشي فيها
روي أنه لمّا مات الإمام الحسن عليه السلام بعثت جعدة إلى يزيد تسأله الوفاء بما وعدها، فقال: إنا والله لم نرضك للحسن، فنرضاك لأنفسنا، فقال كثير، وروي أنَّ القائل هو قيس بن عمرو بن مالك المعروف بالنجاشي:
يا جعد! أبكي ولا تسأمــــــي*** بكاء حــــــــــــــــــــــــــق ليس بالباطل
لن تستري البيت على مثله ***في الناس من حاف ومن ناعل
أعني الذي اسلمه أهلــــــــــــــــه ***للزمــــــــــــــــــن المستخرج الماحل
كان إذا شبت لــــــــــــــــــــــه ناره ***يرفعها بالسبب المــــــــــــــــــــــــــــاثل
كيما يـــــــــــــــراها بائس مرمل ***أو فرد قـــــــــــــــــــوم ليس بالآهـل
يغلي بنيء اللحـــم حتى إذا ***أنضج لــــــــــــــــــــــم يغل على آكل(9)
فما ذهبت الأيام حتى بعث إليها معاوية مالا جسيما، وجعل يمنيها بأن يعطيها مائة ألف درهم أيضا، ويزوجها من يزيد، وحمل إليها شربة سم؛ لتسقيها الحسن عليه السلام، فانصرف إلى منزله وهو صائم، فأخرجت وقت الأفطار، وكان يوما حارا شربة لبن، وقد ألقت فيها ذلك السم، فشربها، وقال: عدوة الله! قتلتيني قتلك الله! والله لا تصيبين مني خلفا، ولقد غرك، وسخر منك، والله يخزيك ويخزيه.
فمكث عليه السلام يومان، ثم مضى، فغدر بها معاوية، ولم يف لها بما عاهد عليه.(1)
زواجها من الإمام الحسن عليه السلام
أشار البلاذري إلى الدور الذي لعبه الأشعث بن قيس في تزويج ابنته جعدة من الإمام الحسن عليه السلام، فإنَّ الإمام علي عليه السلام خطب أم عمران بنت سعيد بن قيس وهو أخو الأشعث لولده الإمام الحسن عليه السلام، فقال الأشعث لأخيه سعيد: زوَّج أم عمران لابني محمد فهو ابن عمّها وهو خير لها من غيره، فزوج سعيد ابنته من محمد ابن أخيه الأشعث، وبعد هذا اقترح الأشعث تزويج ابنته جعدة للإمام الحسن عليه السلام(2).
جعدة بنت الأشعث قاتلة الإمام الحسن عليه السلام
اتفق المؤرخون على أن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله صل الله عليه وآله وريحانته، وسيد شباب أهل الجنة، ورابع أصحاب الكساء عليهم السَّلام قُتل شهيداً بالسم، وإن جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي(3) زوجته هي التي قتلته بالسم.
عن أبي بكر الحضرمي قال: إن جعدة بنت أشعث بن قيس الكندي سمت الحسن بن علي، وسمت مولاة له، فأما مولاته فقاءت السم، وأما الحسن فاستمسك في بطنه، ثم انتفط به فمات.(4)
المؤامرة السوداء بين جعدة بنت الأشعث ومعاوية
تؤكد كتب التاريخ بأن التي باشرت قتل الإمام الحسن الزكي المجتبى عليه السلام هي زوجته جعدة، لكن الذي خطط لقتل الحسن، وأمر بذلك، وأعطى الوعود والجوائز على قتل سبط رسول الله صل الله عليه وآله هو معاوية بن أبي سفيان لعنة الله عليه.
ما رواه عيسى بن مهران قال: حدّثنا عبيدالله بن الصّباح قال: حدّثنا جرير، عن مغيرة قال: أرسل معاوية إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس: أنّي مزوّجك يزيد ابني، على أن تسمّي الحسن، وبعث إليها مائة ألف درهم، ففعلت، وسمّت الحسن عليه السلام، فسوّغها المال، ولم يزوّجها من يزيد، فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها، فكان إذا وقع بينهم وبين بطون قريش كلام عيّروهم، وقالوا: يا بني مسمّة الأزواج.(5)
وعن عبد الله بن عباس، أنه قال: كان الحسن عليه السلام قد سقي السم، سقته امرأته إياه ـ جعدة بنت الاشعث ـ فكانت نفسه فيه، واعطيت على ذلك مالا كثيراً.(6)
وقال أبو الحسن المدائني: وكانت وفاته في سنة تسع وأربعين و كان مرضه أربعين يوما، وكانت سنه سبعا وأربعين سنة دس إليه معاوية سما على يد جعدة بنت الأشعث بن قيس زوجة الحسن، وقال لها: إن قتلتيه بالسم فلك مائة ألف وأزوجك يزيد ابني، فلما مات وفى لها بالمال، ولم يزوجها من يزيد، قال: أخشى أن تصنع بابني كما صنعت بابن رسول الله صلى الله عليه وآله.(7)
قال أمين الاسلام الطبرسي: وَخَرَجَ الْحَسَنُ عليه السلام إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَقَامَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ، ومَضَى لِرَحْمَةِ رَبِّهِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ، ولَهُ سَبْعٌ وَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَأَشْهُرٌ مَسْمُوماً، سَقَتْهُ زَوْجَتُهُ جَعْدَةُ بِنْتُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ قَدْ دَسَّ إِلَيْهَا مَنْ حَمَلَهَا إِلَى ذَلِكَ، وضَمِنَ لَهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ يَزِيدَ ابْنِهِ، وأَوْصَلَ إِلَيْهَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَسَقَتْهُ السَّمَّ، وَبَقِيَ مَرِيضاً أَرْبَعِينَ يَوْماً، وتَوَلَّى أَخُوهُ الْحُسَيْنُ عليه السلام غُسْلَهُ وتَكْفِينَهُ ودَفْنَهُ عِنْدَ جَدَّتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بِالْبَقِيعِ.(8)
شعر النجاشي فيها
روي أنه لمّا مات الإمام الحسن عليه السلام بعثت جعدة إلى يزيد تسأله الوفاء بما وعدها، فقال: إنا والله لم نرضك للحسن، فنرضاك لأنفسنا، فقال كثير، وروي أنَّ القائل هو قيس بن عمرو بن مالك المعروف بالنجاشي:
يا جعد! أبكي ولا تسأمــــــي*** بكاء حــــــــــــــــــــــــــق ليس بالباطل
لن تستري البيت على مثله ***في الناس من حاف ومن ناعل
أعني الذي اسلمه أهلــــــــــــــــه ***للزمــــــــــــــــــن المستخرج الماحل
كان إذا شبت لــــــــــــــــــــــه ناره ***يرفعها بالسبب المــــــــــــــــــــــــــــاثل
كيما يـــــــــــــــراها بائس مرمل ***أو فرد قـــــــــــــــــــوم ليس بالآهـل
يغلي بنيء اللحـــم حتى إذا ***أنضج لــــــــــــــــــــــم يغل على آكل(9)
1ـ بحار الأنوار: ج 44، ص 154.
2ـ أنساب الأشراف: ج 3، ص 14 - 15.
3ـ الأشعث بن قيس شيخ قبيلة كندة المعروفة، وهو رأس منافقي الكوفة في عهد الإمام أمير المؤمنين علي عليه السَّلام.
4ـ الكافي: ج 1، ص 462.
5ـ الإرشاد: ج 2، ص 16.
6ـ شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار: ج3، 128.
7ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 16، ص 11.
8ـ إعلام الورى بأعلام الهدى: 206؛ مناقب ابن شهرآشوب: ج 4 ص42؛ ومقاتل الطالبيين: 73.
9ـ تاريخ مدينة دمشق: ج 13، ص 284؛ تهذيب الكمال: ج 6، ص 253.
التعلیقات