ايام الحمر
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 5 سنواتتعتبر مسألة المرأة الحائض عادة نجسة وعليها قواعد يجب اتباعها، فأثناء الحيض، لا يُسمح للنساء دخول المطبخ والمعابد، والنوم في النهار، والاستحمام، وارتداء الزهور، وممارسة الجنس، ولمس الرجال أو النساء الأخريات، أو التحدث بصوت عال. ولا يجوز لهن امتطاء حصان، أو ثور، أو فيل، أو قيادة أية مركبة أخرى.
فالمرأة تحسب نفسها نجسة وملوثة، وغالبَا ما يتم عزلها كالمنبوذين، غير قادرة على العودة إلى أسرتها، طوال فترة حيضها.(1)
كل هذا ما عانته النساء في المجتمعات المختلفة حتى في بعض الأحيان كان التعامل معها أقسى مما ذكر عند الهندوس.
جمع من اليهود قالوا: إنّ معاشرة المرأة الحائض حرام، بل حتّى المجالسة على مائدة الطعام أو في غرفة واحدة. ويذهبون إلى حظر جلوس الرجل في المكان الذي تجلس فيه الحائض، وإن فعل ذلك تنجّست ملابسه، وعليه أن يغسلها، وإن رقد معها على سرير واحد تنجّس بدنه ولباسه، فهم يعدون المرأة في هذه الحالة موجوداً دنساً يلزم اجتنابه.(2)
لكن النصارى تذهب إلى عدم التفريق بين حالة الحيض والطهر في المرأة، حتّى بالنسبة للجماع.
وأما المشركون العرب، وخاصّة أهل المدينة منهم، فكانوا متأثرين بالنظرة اليهودية، ويتعاملون مع المرأة الحائض بناء على المعتقد اليهودي، فيبتعدون عنها خلال مدّة الحيض. وكان بعضهم يرى أن معاشرة المرأة الحائض لها فوائد كما اذا حملت فيكون ولدها سفاكاً للدماء(وكانت هذه من صفات المتميزة عندهم كما أنهم كانوا لا يعلمون أن النطقة لا تنعقد في هذه الأيام) وهذا الاختلاف في المواقف وما يصحبه من إفراط وتفريط دفع ببعض المسلمين أن يسألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ذلك، فنزلت الآية.(3)
{وَيَسْئلُونَكَ عَنِ الَمحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُواْ الِنّسَآءَ فِي الَمحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْن فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهّرِينَ* نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لاِنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (4)
تعاني معظم الفتيات خلال الدورة الشهرية من الآلام الشديدة والتي تؤثر على حياتهن اليومية، وتؤدي إلى إهمالهن بأنفسهن، فيصبحن أكثر عصبية، أو لا يرغبن بتناول الطعام في بعض الأحيان، أو يخلدن ساعات طويلة في النوم؛ لذلك يجب الأخذ ببعض النصائح، والامتناع عن بعض الأمور خلال هذه الفترة
كما يجب على النساء مدارات أنفسهن في هذه الحالة أيضا، فيجب على من يكون له علاقة بالمرأة أن يراعي حالها في هذه فترة، وخير ما يُعمل به ما أوصاه القرآن الكريم وما جاء عن أهل بيت العصمة والطهارة أي الثقلين.
تشير الآيات إلى أن هذا الأمر فيه أذىً للنساء، فيجب اعتزالها وعدم المقاربة منها؛ لما فيه من الضرر على المرأة والرجل، ويجوز جميع الاستمتاعات منها ما عدا الوطء، فورد عن عيسى بن عبدالله قال : قال أبو عبدالله عليهالسلام : >المرأة تحيض يحرم على زوجها أن يأتيها في فرجها لقول الله عزّ وجلّ : {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْ} فيستقيم للرجل أن يأتي امرأته وهى حائض فيما دون الفرج<.(5)
ومراعاة لحالها وتسهيلا لأمرها يسقط عنها بعض الفرائض الأحكام الشرعية التي يجب أدائها، فيحرم عليها العبادات المشروطة بالطهارة كالصلاة والصوم والطواف والاعتكاف.
ويُستحب للحائض الوضوء في أوقات الصلوات، والجلوس في المصلى، والاشتغال بذكر الله بقدر الصلاة.
وانظر إلى هذه الرويات كيف يجعل النبي الأكرم صلى الله عليه وآله مقاماً خاصاً للمرأة المسلمة لتحملها هذه الآلام.
قال النبي صلّى الله عليه وآله مخاطبا النساء والبنات: «حيض يوم لكُنّ خير من عبادة سنة، صيام نهارها وقيام ليلها».(6)
وقال صلّى الله عليه وآله: «من ماتت في حيضها ماتت شهيدة».(7)
وقال صلى الله عليه وآله «واذا اغتسلت من حيضها كفر لها كل ذنب ولم يكتب عليها خطيئة، إلى الحيضة الاخرى».(8)
ــــ
1ـ https://ar.wikipedia.org/wiki/محظورات_الحيض
2ـ ورد في باب 15 من سفر اللاويين من التوراة
3ـ تفسير الأمثل: ج 2، ص 130.
4ـ سورة البقرة: 222ـ 223.
5ـ وسائل الشيعة: ج20، ص 327.
6ـ مستدرك الوسائل: ج 2، ص 41.
7ـ مستدرك الوسائل: ج 2، ص 41.
8ـ مستدرك الوسائل: ج 2، ص 41.
التعلیقات