خصوصية زوار الحسين عليه السلام قبل شهادته وبعدها قبل ان يُدفن
آية الله الشيخ جعفر التستري
منذ 13 سنةفمنها مطلبان:
المطلب الاول: في زواره قبل شهادته وهم اقسام:
الاول: الملائكة، ففي الحديث عن الامام الصادق عليه السلام: ألا وإن الملائكة زارت كربلا ألف عام من قبل أن يسكنه جدّي الحسين عليه السلام.
المطلب الاول: في زواره قبل شهادته وهم اقسام:
الاول: الملائكة، ففي الحديث عن الامام الصادق عليه السلام: ألا وإن الملائكة زارت كربلا ألف عام من قبل أن يسكنه جدّي الحسين عليه السلام.
الثاني: سفينة نوح عليه السلام، وبساط سليمان، وغنم اسماعيل، والظباء التي كلّمت عيسى بن مريم، صلوات الله عليهم اجمعين.
فهذه كلها قد زارته بطرق خاصة، وقد مرّ تفصيل احاديثها في مجالس البكاء.
الثالث: الشهداء الذين اسشهدوا بين يديه حالة تهيؤهم للمقاتلة، فانهم قد زاروه زيارة مخصوصة فإذا اراد احدهم المبارزة راكبا او راجلا جاء عنده ووقف بين يديه.
وقال: السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا بن رسول الله، فيقول له عليه السلام: وعليكم السلام، ونحن خلفك (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدّلوا تبديلاً).
والوجه في اهتمامهم بهذه الزيارة انهم ارادوا ادراك فيض الزيارة، وهم احياء، فيضاف ذلك الى اجر شهادتهم.
نعم، لبعض الشهداء في كيفية هذه الزيارة خصوصيات، وزياراتهم مخصوصة، فمنهم الاخوان، عبدالله وعبدالرحمن الغفاريان، جاءا لزيارته، فوقفا قدّامه بعيدا منه.
وقالا: السلام عليك يا أبا عبد الله.
فقال لهما (ع) " ادنوا مني، فدنيا، ووقفا قريبا منه.
وقالا: يا أبا عبدالله السلام عليك، جئنا لنـُقتل بين يديك.
فقال عليه السلام: وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته.
وجاء الفتيان الجابريان حسيناً عليه السلام فدنيا منه، وكانا يبكيان بكاءاً شديداً.
فقال (ع) لهما: يا ابني اخي ما يبكيكما؟ فوالله اني لأرجو ان تكونا بعد ساعة قريري العين.
فقالا: جعلنا الله فداك، والله ما على انفسنا نبكي، ولكن نبكي عليك، نراك وقد اُحيط بك، ولا نقدر ان ننفعك.
فقال صلوات الله عليه: جزاكما الله يا ابني اخي بوجدكما من ذلك، ومواساتكما اياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين.
* معنى وجدكما اي: حزنكما.
ومن ذوي الخصوصية لهذه الزيارة المخصوصة علي بن الحسين عليهما السلام، فقد جعل سلامه بعد مبارزته ومقاتلته.
ووقوعه على الارض مجدّلاً وقد أعياه نزف الدماء وحرارة الشمس، فتوجه في ذلك الوقت الى زيارة والده الحسيـن عليه السلام، فقال (ع) " يا أبتـاه، عليك مني السلام، " فكانت له خصوصية في وقت السلام، وكيفيته وجوابه.
أما سبب تأخيره الى ذلك الوقت فلأن الحسين عليه السلام كان جالساً او واقفاً امام الخيمة حين اراده سائر الشهداء للمبارزة
فكانوا يسلمون عليه على حسب العادة ولإدراك ثواب زيارته، وهم احياء كما ذكرنا.
واما علي (ع) فانه لما اراد المبارزة جاء الحسين (ع) اليه ومشى ورائه، ولم يستقر حتى يخاطبه بالسلام.
واما سبب السلام بعليك السلام لا بالسلام عليك: فلأن سلامه كان سلام وادع وانصراف، لا سلام تحية.
واما خصوصية الجواب: فإنه (ع) لم يجب هذا السلام، لانه لم يكن سلام تحية يجب رده، ولأنه عرضت له حالة عند سماع هذا السلام أسقطت جميع قواه، وغيّرت أحواله فأجايبه بندائه: يا بني قتلوك، وسيجيء تفصيل الحال إن شاء الله في عنوان شهادته عليه السلام.
المطلب الثاني: في زواره بعد شهادته قبل دفنه.
فنقول:
اول من زاره بعد الشهادة هو الله تعالى العلي العظيم، كناية عن توجه خصوصيات الألطاف الخاصة الكثيرة اليه، والرحمات الالهية، والفيض الرباني له.
ثم زاره رسول الله المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأعطاه الكأس المذخورة له، وهي التي أخبر بها علي ولده.
فيُعلم من ذلك انها كانت في يده قبل شهادته، وقد سقاه بعدها بلا فاصلة، واذا كان رسول الله (ص) زائرا قطعا، فعلي وفاطمة والحسن عليهم السلام معه ايضا.
ثم زاره بعد ذلك الملائكة الذين نزلوا انصره، فلم يدركوه، فاُمروا بأن يقوموا عند قبره يزورونه الى يوم القيامة، كما مرّ تفصيل ذلك في عنوان الملائكة.
ثم زاره بعد ذلك ذو الجناح، " فرسه ".
ثم الطيور نهارا، والوحوش ليلا، والجن ونساء الجن، لكل منهم زيارة خاصة.
واما زواره من الناس فأولهم الامام السجاد زين العابدين عليه السلام، وزينب الكبرى عليها السلام، وسائر اهل بيته الاسرى عليهم السلام، وأحد عشر طفلا من أهل البيت، وقد اجتمع هؤلاء الزوار، فقصدوا زيارته.
وأتوا بجميع آداب الزيارة بالطريق الذي ورد بالخصوص في آداب زيارته التي ذكرناها، فأتوه مغبرين، جائعين ظامئين، حزينين باكين، وزيادة على ذلك انهم حفاة عراة حاسرون.
ومنهم من زاد على ذلك بالاغلال، والجامعة في العنق الدامي الذي تآكل من شدة الجامعة التي في عنقه المبارك.
نعم، قد فاتتهم احدى الآداب للزيارة، وهي الغسل بماء الفرات، أو الوضوء للزيارة.
لكن قد استبدلوا ذلك بتيممهم دما طيبا زاكياً، فمسحوا وجوهمم وأيديهم منه، فصار هذا التيمم أفضل من الغسل بالفرات، ثم شرعوا في الزيارة، وكانت الزيارة على نحو ما ورد في زياراته: من الابتداء بالسلام على النبي وعلي وفاطمة والحسن عليهم السلام، ثم السلام على الامام الحسين الغريب الشهيد عليه السلام.
وكان أصل الزيارة لزينب الحوراء عليها السلام، وباقي الزوار يقرأون معها، ولم ينقل عن الامام السجاد عليه السلام بأحد أنواع السلام مع أنه أولى بذلك، والوجه في ذلك أنه عليه السلام، مع أنه كان عليـلاً، وصار مغلولاً، وكانت الجامعة في عنقه الدامي، وما مكنوه من الزول من الجمل الراكب عليه، قد عرضت له (ع) في ذلك الوقت حالة، اذ كان يجود بنفسه، وصار محتضرا.
فتبينت منه ذلك زينباً الكبرى عليها السلام، وسألته فأجابها بما أجابها مما سنذكر تفصيله إن شاء الله تعالى، فلهذا لم يزر زيارة خطاب وسلام، واختص ذلك بباقي أهل البيت عليهم السلام، لكن لم يدعوهن ليتممن الزيارة ففرقوا بين الزوار والمزور، وقربوا الاظعان، وجروهن قهرا من فوق الاجساد، وجعلوهن على اقتاب المطايا يُسار بهن الى الكوفة.
التعلیقات