الإنحطاط العائلي
محمد تقي فلسفي
منذ 13 سنةالإنحطاط العائلي من عوامل نشوء عقدة الحقارة والإصابة بالخجل المفرط في الاتصال بالناس. إن المصابين بهذه المشكلة يحسون بعدم الإرتياح في ضمائرهم ويخافون تعيير الناس لهم.
لقد حذر الإسلام أتباعه في تعاليمه الخلقية والإجتماعية من التنابز والسخرية. إن المجرم يجب أن يعاقب حسب التعاليم الإسلامية ، ولا يجوز تعييره على ذنبه.
« قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إذا زنَت خادم أحدكم فليجلدها الحدّ ولا يعيّرها » (1) فإذا كان المسلم لا يحق له أن يعير الزانية على عملها ، كيف يحق له أن يعير أحداً بذنب صدر من أبيه أو أمه ؟
لقد أنقذ الإسلام كثيراً من المسلمين الذين كانوا ينتمون الى عوائل منحطة من ضغط الحقارة بمنعه من ذم بعضهم البعض ، وهكذا نجد أن هؤلاء يتصلوان بالناس ويعاشرونهم دون شعور بالخجل والإنحطاط ، وإذا كان أحدب من المسلمين يوجه الذم نحوهم فإن الرسول الأعظم ( ص ) كان يمنعه من ذلك بصراحة.
كلنا نعلم ما كان يقوم به أبو جهل في صدر الإسلام من معارضة النبي ( ص ) في نشر دعوته. وقد اشتهر بسبب من سوء ما أضمر ، وفظاعة الجرائم التي قام بها بالخيانة والدنس بين المسلمين. لقد حضر إبنه عكرمة بعد موت أبيه بين يدي النبي ( ص ) واعتنق الإسلام ، فقبل النبي اسلامه ، واحتضنه وأثنى عليه. لكن لما كان عكرمة ينتمي الى أسرة أصرت على الكفر واشتهرت بسوء السمعة بين المسلمين فإن ذلك كان إلى دعاياً إحتقاره من قبل المسلمين. وفي رواية أن المسلمين كانوا يقولون : « هذا ابن عدو الله أبي جهل ، فكشى ذلك إلى النبي صلّى الله عليه وآله ، فمنعهم من ذلك. ثم استعمله على صدقات هوازن » (2).
* * *
نستنتج مما تقدم أن الإسلام يرى أن الحياء المعقول الذي يضمن تنفيذ القوانين ويمنع من إرتكاب الذنوب ، من الصفات الفاضلة. أما الحياء المفرط غير المعقول ، والخجل المفرط الناشيء من ضعف النفس والضعة فهو مذموم عنده.
لقد أوصى الرسول الأعظم ( ص ) المسلمين بوصايا كثيرة منعاً من نشوء عقدة الحقارة فيهم. ورسم لهم الخطوط العريضة للحياة الصالحة السعيدة بفضل تعاليمه القانونية والخلقية. وفي ذلك كله وقاية عن ظهور هذا الداء الإجتماعي.
في نهاية المحاضرة أذكر لكم بعض الموارد التي لا يستحسن فيها الحياء حيث صرح الإسلام بالمنع منه فيها.
من ذلك قوله تعالى : ( والله لا يستحي من الحق ) (3) والرجال المؤمنون يتبعون أوامر الله عز وجل ويقولون الحق بكل صراحة وصرامة ويصرّون عليه دون حياء أو خوف.
إن الرجال المؤمنين لا يخافون لومة لائم في طريق الحق والواقع... ولذلك فقد وصفهم الله تعالى في كتابه المجيد حيث قال : « يجاهدون في سبيل الله ، ولا يخافون لومة لائم » (4).
والرجال المؤمنون لا يستحون أن يتعلموا ويتزودوا بالمعرفة في أي سن كانوا ، ففي الحديث : « ولا يستحين أحد إذا لم يعلم الشيء أن يتعلمه » (5).
والرجال المؤمنون لا يستحون أن يعترفوا بجهلهم إذا بجهلهم إذا سئلوا عن شيء وكان يجلهونه ، فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام : « ولا يستحين أحد منكم إذا سئل عمّا لا يعلم ، أن يقول : لا أعلم » (6).
لقد حذر الأئمة عليهم السلام المسلمين من الخجل والحياء في كثير من الموارد ، حيث لا داعي لذلك.
وما أكثر الأشخاص المصابين بعقدة الحقارة بسبب من فقدان الإيمان أو الجهل ، أو ضعف الشخصية.. فيرتطمون في هوة الخجل المفرط في موارد لا تستحق ذلك. أما الأفراد المؤمنون فإنهم بمنجى عن هذه المشاكل بفضل اتباعهم التعاليم الإسلامية القيمة ، وإقتدائهم بسيرة أئمتهم عليهم السلام.
____________
( 1 ) مجموعة ورام ج1|57.
( 1 ) مجموعة ورام ج1|57.
( 2 ) سفينة البحار للقمي ، مادة ( عكرم ) ص 216.
( 3 ) سورة الأحزاب | 53.
( 4 ) سورة المائدة | 54.
( 5 ) نهج البلاغة ، شرح الفيض الاصفهاني ص 113.
( 3 ) سورة الأحزاب | 53.
( 4 ) سورة المائدة | 54.
( 5 ) نهج البلاغة ، شرح الفيض الاصفهاني ص 113.
( 6 ) نفس المصدر.
التعلیقات