زواج فاطمة من علي عليهماالسلام
السيّدة مريم نور الدّين فضل الله
منذ 11 سنةفي المدينة المنورة ، وفي بيت الرسول العظيم أقامت فاطمة عليهاالسلام ، تملأ بيت أبيها بعد الوحشة ، وتسهر على راحة ، ذلك الوالد العظيم ، بكل سرور واعتزاز. وقد سبحت عليهاالسلام شاكرة الباري سبحانه وتعالى على نعمه وآلائه وهي ترى أباها النبي عليه وآله الصلاة والسلام في أعز موضع مع أصحابه الذين يفدونه بالمهج والأرواح
.وكان رسول الله (صلّى الله عليه السلام) قبل وصول الزهراء إلى المدينة بمدة وجيزة آخى بين المهاجرين والأنصار وذلك لحكمة بالغة حتى لا يشعرون بوحشة الاغتراب وتجتمع كلمتهم ويشد ازر بعضهم بعضاً.
وفي السنة الثانية للهجرة من شهر رمضان المبارك ، زوج النبي (صلّى الله عليه السلام) ابنته فاطمة من علي عليهالسلام وبذلك أصبح علي صهر النبي ... وابن عمه وأخاه.
ويذكر أهل السير ، انه لما عزم النبي على تزويج علي بن ابي طالب من ابنته فاطمة الزهراء عليهماالسلام ، جمع الصحابة وخطب فيهم قائلاً « الحمد لله المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته ، المطاع سلطانه ، المرغوب عن عذابه وسطوته النافذ أمره في سمائه وأرضه ، الذي خلق الخلق بقدرته وميزهم باحكامه وأعزهم بدينه وأكرمهم بنبيه محمد (صلّى الله عليه السلام) وإن الله تبارك وتعالى اسمه وتعالت عظمته ، جعل المصاهرة سبباً لاحقاً وأمراً مفترضاً وانتهج بها الارحام وانتظم بها الانام وقال عز من قائل : « وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً » فأمر الله تعالى يجري إلى قضائه وقضاؤه يجري إلى قدره ولكل قدر اجل ولكل اجل كتاب ، يمحو الله ويثبت ويحكم ما يريد وعنده أم الكتاب ».
ثم قال عليه الصلاة والسلام : « ان الله امرني ان أزوج فاطمة بعلي ابن ابي طالب ابن عمي ، فاشهدوا اني قد زوجته بها ». ثم قال :
« يا علي إن الله تبارك وتعالى أمرني ان ازوجك فاطمة ، اني قد زوجتكما على اربعمائة مثقال فضة » فقال علي : « قد رضيتها يا رسول الله ورضيت بذلك عن الله العظيم ورسوله الكريم » ثم ان علياً خر ساجداً لله شكراً ، فلما رفع رأسه قال له رسول الله (صلّى الله عليه السلام) جمع الله شملكما وأعز جد كما واطاب نسلكما وجعل نسلكما مفاتيح الرحمة ومعادن الحكمة وامن الأمة وبارك الله لكما وبارك فيكما وبارك عليكما وأسعدكما وأخرج منكما الكثير الطيب.
« اللهم انهما مني وأنا منهما ، اللهم كما اذهبت عني الرجس وطهرتني فاذهب عنهما الرجس وطهرهما ... وطهر نسلهما ».
وقد ذكر جميع المؤرخين زواج فاطمة الزهراء عليهاالسلام بنفس المعنى وبالفاظ مختلفة.
وبعد الخطبة قال النبي (صلّى الله عليه السلام) : يا علي لابد للعرس من وليمة ، فقال سعد بن عبادة : عندي كبش وجمع له رهط من الأنصار اصوعاً من الاذرة فلما كانت ليلة البناء قال النبي عليه الصلاة والسلام : يا علي لا تحدث شيئاً حتى آتيك ، فأتى اليهما فدعا بماء فتوضأ منه ثم انضحه على علي وفاطمة وقال : اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما وبارك في شملهما وفي طبقات ابن اسعد قال : « احتفل بنو عبد المطلب بهذا الزواج كما لم يحتفلوا بزواج مثله من قبل وجاء حمزة عم محمد وعلي بشارفين فنخرهما وأطعم الناس.
ولما انقضى الحفل وانصرف المهنئون دعا الرسول أم سلمة ... وعائشة وبعض أمهات المؤمنين وطلب منهن أن يمضين بالعروس إلى بيت علي (عليه السلام).
وبعد صلاة العشاء ذهب النبي (صلّى الله عليه السلام) إلى بيت علي وهناك تجلت عاطفة الأبوة الصحيحة ، وحنانه الفياض وحبه لفاطمة وزوجها عليهماالسلام.
دعا الرسول بماء فقرأ عليه بعض آي الذكر الحكيم ثم أمر العروسين أن يشربا منه وتوضأ بالباقي ونثره على رأسيهما وهو يقول : اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما »
لقد استجاب الله سبحانه وتعالى لدعاء نبيه الكريم في تلك الساعة فبارك الله لعلي وفاطمة عليهماالسلام في هذا الزواج السعيد وحصر ذرية النبي المختار في أولاد ابنته وحبيبته فاطمة الزهراء.
لم يتمالك الرسول إلا أن أرسل دموعه عندما قبل فاطمة وهي تبكي شأن كل انثى فارقت بيت أبيها ومرتع طفولتها وملاعب صباها.
ولما هم عليه الصلاة والسلام بالانصراف انحنى على فاطمة بكل عطف وحنان قائلاً : لقد تركتك وديعة عند أول الناس إسلاماً وأقوى الناس ايماناً وأكثرهم علماً وأفضلهم اخلاقاً « أما والله يا فاطمة لقد زوجتك سيداً في الدنيا والآخرة »
التعلیقات