المحيط الأسري مكان للتربية والبناء
موقع بلاغ
منذ 10 سنوات◄المحيط الأسري مكان، وموقع متقدم تربوي ينبغي لنا أن لا نضيعه من أيدينا وهو مصداق
للحديث الذي يقول:
"إلا أنّ في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها".
هذه النفحات هي من أجل بناء أنفسنا وبناء أولادنا، فيجب أن نسعى جاهدين لنيل ما نرقى به إلى خلافة الله – تعالى – في أرضه التي غمرها بالخيرات حباً لنا ورحمة.
ثمرة النصح العملي:
يمكن للرجل أن ينجز أعماله على أكمل وجه برحابة صدر، فبالموعظة الحسنة والنصح العاطفي يمكن أن تتأثر المرأة سريعاً وتنقاد إذا أحسن إليها وخوطبت خطاباً ليناً.
وإذا كانت هذه النصيحة مقرونةً بالعمل كان لها آثار إيجابية بنّاءة ضعف ما نحصل عليه في إبداء النصيحة باللسان فقط.
ومثلاً نتطرق له هنا، إنّ الرجل، ربّ الأسرة عندما يكون متهجداً قائماً ليله، سوف تماثله زوجته في عمله هذا وستقع تحت تأثير هذا العمل الصالح، فتكون من اللواتي يقمن الليل تهجداً.
تأثر المرأة بسلوك الرجل:
إذا استنكر الزوج الغيبة على زوجته وردها عنها بلطف حكيم وبيان رحيم، فتحت قلبها لنصحه وتأثرت بفعله.
وكان ذلك مدعاة لطهارة الأسرة من هذا الوباء.
وإذا كان الرجل غير صادق في تعامله، محتالاً، ماكراً كانت زوجته كذلك، حتى لو كانت من الصادقات قبل اقترانها به.
وكذلك إذا ما كان البنت تأتم بأبيها في صلاتها أوّل الوقت فستكبر طاهرة نقية، ولكن الزوجة التي ترى زوجها لا يعير أيّة أهمية للصلاة أو باقي العبادات، لا يمضي وقت طويل حتى تنصبغ بنفس اللون الذي عليه زوجها.
وكذلك في الغالب تنصبغ بباقي القضايا التي عليها ربّ الأسرة، وإذا رأت المرأة من زوجها عفة إزدادت عفة، وإذا رأت منه عدم الالتزام – لا سمح الله – بالعفة أو بغيرها تبعته في سلوكه المنحرف.
وقد أيدت التجارب ما دعانا إليه القرآن الكريم وأهل البيت، فما من امرأة تزوجت مؤمناً رشيداً إلا التزمت مبادئ الشريعة وأخلاقها.
وعلى العكس من ذلك تتدنى وتنحط أخلاق الفتيات العفيفات اللائي يرتبطن بأسر وضعية لا تعير أهمية للمقاييس الإسلامية ولا تلتفت إلى حلال الله وحرامه.
ضرورة الصدق في الأسرة:
هكذا، ترد أعمال وأفعال الرجل والمرأة في الدنيا والآخرة ويضيق بهم المجتمع ذرعاً إذا لم يتعاملا بصدق وعاطفة في المحيط الأسري.
وإذا كان الزوج قليل التعاطف مع زوجته فقدت عاطفتها نحوه، وانجرت لما يكرهه.
عليكم أن تسعوا حثيثاً بالابتعاد عن الكذب، حتى لو كان لمصلحة.
صورة واحدة عن جواز الغيبة:
جاء في حكاية أنّ شخصاً ذهب إلى الرسول محمّد (ص) وقال له: "يا رسول الله إنّ جاري يؤذيني فقال له: اصبر، الجار الصالح ليس فقط ذلك الذي لا يؤذي جاره، بل الجار الصالح ذاك الذي يصبر على أذى جاره".
وشكا ذلك الرجل جاره إلى الرسول (ص) ثانية فأمره بالصبر وبشره بالأجر.
وشكاه إليه ثالثة، فأجاز له أن يشكوه وقال له: إذا كان يوم الجمعة أخرج ما في دارك من متاع واطرحه خارجاً، واجلس زوجتك وأبناءك عليه لأنّ يوم الجمعة يغص بالمارة من الناس أكثر من بقية الأيام، وإذا سؤلت عن السبب فقل: "آه من ظلم الجار".
وعمل الرجل ذلك، فعرف الجار المؤذي أنّه يشكوه، فأسرع إليه يسترضيه نادماً وبهذه الطريقة آل أمر الجار إلى الصلاح.
جاء في القرآن المجيد:
(لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) (النساء/ 148).
معنى الغيبة:
سُئل رسول الله (ص) عن الغيبة فأجاب: الغيبة كشف العورة المستورة في ظهر أخيك المسلم.
وهذا الذنب من الكبائر التي وعد مرتكبها بنار جهنم الماء الحميم.
ومن المأسوف عليه أنّ الغيبة أصبحت زينة مجالسنا على الرغم من معرفة العقاب عليها.
حقيقة الغيبة وحدّها:
قالت عائشة يوماً لرسول الله (ص): "إن فلاناً قصير".
فتغير لونه (ص) تغيراً مفاجئاً وقال: "يا عائشة لماذا اغتبت فلاناً؟ انهضي واستفرغي ما في جوفك".
وعندما استفرغت خرج مع ما خرج من جوفها لحم متعفن؛ تعجبت! وقالت: "يا رسول الله (ص)، ما أكلت لحماً! قال رسول الله (ص): ألم تقرأي القرآن حين يقول:
(وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ) (الحجرات/ 12).
فلا يختلف المغتابون عن أكلة الأموات.
تأثر الأسرة بالغيبة:
إخواني الأعزّاء، لا تغتابوا لكي لا يتلوث محيط الأسرة بهذا الذنب، فإنّ الزوج والأبناء يعتقدون برب الأسرة فيما يفعل ويقول.
وما يشهد لذلك ما شاع بين الناس من أن فعل الولد هو فعل أبيه.
فالأبناء عندما يرحبون بك بحرارة، اعلم أنّ الأب والأُم يودونك؛ وإذا ما كان عكس ذلك، فاعلم أنّ أباهم وأمهم لا يودونك، بل يتظاهرون بالتودد إليك.
ذنب الوالدين المضاعف:
هكذا كررنا وأكدنا لمرات أنّ محيط الأسرة مدرسة، لذا فإنّ وظيفة الرجال بحقِّ أبنائهم هي تربيتهم في هذه المدرسة، وإذا نشأ الابن بسبب أعمالكم كاذباً، مغتاباً، مرتكباً لقبائح أخرى، فإن آثامه تسجل في سجل أعمالكم أيضاً مصداقاُ للحديث القائل:
من سنّ سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنّ سنةً سيئةً فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً.
فإذا عمل الأبناء أعمالاً من مثل الغيبة وقول الكذب، فسيحظى الآباء والأُمّهات بنفس العذاب المكتوب على أبنائهم يوم القيامة.
التقليد عند الأطفال:
إنّ دماغ الأطفال يشبه إلى حدٍ ما آلة التصوير، فيرسم كلّ ما يواجهه فمن المستحب أن يؤذن في أذن الطفل الرضيع اليمنى، ويقام في أذنه اليسرى حتى يتأثر من يوم ولادته بالتكبير والتهليل ليتعرف التوحيد، وبالشهادتين ليتعرف النبوة والولاية لأهل البيت (عليهم السلام).
التعلیقات