حينما يتدخل الأهل بين الزوجين
موقع رسالة الأمرة
منذ 10 سنواتمن أخطر ما يهدد استقرار الحياة الزوجية ويؤثر عليها سلبًا وربما يقضي عليها تماما تدخل الأهل بين
الزوجين بشكل سافر مزعج يتسبب في تضخم الخلافات بينهما وفقدان الخصوصية الزوجية، وحدوث شرخ وجفاء في العلاقة بينهما، إضافة إلى تزايد الغضب المكبوت لدى الزوجين أو أحدهما الذي قد يؤدي إلى انفجار ثورة غضب في وجه والدي الشريك لسبب قد يبدو بسيطا، مما يؤدي إلى توتر العلاقة مع الأهل لدرجة تصل في بعض الأحيان إلى حد المقاطعة والعداء..
هناك عدة أسباب تؤدي في مجملها إلى تدخل الأهل بين الزوجين، من بينها:
ـ الارتباط العاطفي والنفسي الزائد للوالدين بالأبناء واعتمادهما عليهم بشكل يزيد عن حده.
- شعور الآباء والأمهات بالوحدة والفراغ بعد زواج الأبناء وخوفهم من فقدان أهميتهم في حياة أبنائهم، فضلًا عن عدم وعيهم باحتياج أبنائهم إلى الاستقلال والاعتماد على أنفسهم.
- عدم الاستقلال المادي للزوجين، واعتمادهما في الإنفاق على الأهل، مما يجعلهم يتدخلون في كل كبيرة وصغيرة في حياتهما، فتكثر الخلافات والمشكلات، خاصةً لو كان الزوجان يسكنان معهم في بيت واحد.
- لجوء الزوجين أو أحدهما إلى الأهل عند حدوث أي خلاف بينهما نتيجة قصور التواصل الزوجي والاحتياج إلى طرف آخر لحل مشكلاتهما.
- عدم قدرة أحد الزوجين أو كليهما على اتخاذ القرار والاعتماد على الأهل دومًا.
ـ إفشاء أحد الزوجين أسرار حياتهما لطرف من الأهل وإعلامه بتفاصيل كل ما يحدث بينه وبين شريكه دون علمه بالأمور التي يجب كتمانها عن كل أحد.
وحتى يتمكن الزوجان من وقاية حياتهما شر تدخل الأهل السافر السلبي مع حفاظهما على علاقتهما الطيبة بهم، أنصح باتباع ما يلي:
أولًا: على الزوجين أن يحددا الأمور المسموح وغير المسموح للأهل بالتدخل فيها حفاظا على حياتهما من الاختراق المدمر.
ثانيًا: أن يحرص الزوجان على الاستقلال المادى عن الأهل والتكيف فى حدود قدراتهما المالية، حتى لا يضطرا إلى تحمل سيطرتهم وفضولهم والرضوخ والانصياع لهم سواء أخطأوا أو أصابوا.
ثالثًا: على الزوجة أن تتعلم كيفية الإجابة عن الأسئلة التى لا تريد الإجابة عنها بطريقة دبلوماسية، إما بتغيير الموضوع أو بالرد بكلام عام يُفهَم بأكثر من معنى.
رابعًا: أن يحترم الزوجان بعضهما البعض وألا يسيء أحدهما إلى الآخر في غيابه ولا يسمح لأحد من الأهل بالتحدث عنه بشكل غير لائق.
خامسًا: إدراك أن بر الوالدين هو المطلوب، وليس طاعتهما طاعة عمياء فى كل شيء، أو إخبارهما دائمًا عن كل شيء، مع تقديرهما والاستماع إلى آرائهما ونصائحهما باحترام، وأخذ المناسب منها ثم اتخاذ الزوجين القرار المناسب لهما.
سادسًا: ربما يتطلب الأمر أن يتحدث كل من الزوجين مع أبويه بهدوء ولباقة حول طبيعة الحياة الزوجية الجديدة وأهمية الخصوصية، مع طمأنة الأهل بأنهم سيظلون محل تقدير، وأنه لا يمكن الاستغناء عنهم، فضلًا عن المداومة على زيارتهم والتواصل معهم عبر الهاتف وتقديم الهدايا لهم وقضاء حوائجهم، واستشارتهم واللجوء إليهم إذا لزم الأمر.
ما أود التأكيد عليه هو أن الزوجين يجب أن يدركا أهمية اعتمادهما على نفسيهما في اتخاذ القرارات المهمة وحل الخلافات التي تواجههما وتحمل تبعات ذلك، وألا يلجآ إلى الأهل إلا إذا خافا الشقاق تطبيقا لقول الله عز وجل: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحا يُوَفِّق الله بينهما إن الله كان عليمًا خبيرا}، النساء: 35
وعلى الأهل أن يتقوا الله في أبنائهم المتزوجين ويمنحوهم فرصة الاستقلال ومواجهة ومكابدة الحياة الزوجية أيًا كانت النتائج والعقبات، وأن يكون تدخلهم إذا اقتضت الضرورة الإصلاح لا الشقاق أو إحداث خلافات جديدة غير موجودة.
التعلیقات