في الذنوب وآثارها(٢)
الشيخ علي المشكيني
منذ 9 سنوات
ومما يدل على تأثيرها في باطن الإنسان وقلبه وروحه
:
ما ورد في النصوص : أنه : ما من شيء أفسد للقلب من خطيئته ، إن القلب ليواقع الخطيئة فلا تزال به حتى تغلب عليه فيصير أعلاه أسفله ، (1) ( فلا تزال به ، أي : لا يزال يتكرر جنس الخطيئة حتى يغلب عليه ، أو لا تزال تلك الخطيئة الواقعة تؤثر ؛ لعدم التوبة حتى تغلب عليه ، وصيرورة أعلاه أسفله : إما كناية عن كونه نحو الظرف المقلوب لا يستقر في شيء فلا يستقر الإيمان والمعارف في القلب ، أو المعنى ينقلب توجه القلب من جهة الحق والدين التي هي العليا إلى جهة الدنيا التي هي السفلى.
وأنه : ما من عبد مؤمن إلا وفي قلبه نكتة بيضاء ، فإن أذنب وثنّى ، خرج من تلك النكتة سواد ، فإن تاب انمحت ، وإن تمادى في الذنوب اتسع ذلك السواد حتى يغطي البياض ، فإذا غطّى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبداً ، (2) وهو قول الله : ( كلاّ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) (3).
وأن العمل السيء أسرع في صاحبه من السكين في اللحم (4).
وأنه : من همّ بسيئة فلا يعملها فإنه ربما يعمل العبد السيئة فيراه الرب فيقول : « وعزتي وجلالي لا أغفر لك بعد ذلك أبداً » (5).
وأنه : لا وجع أوجع للقلوب من الذنوب (6).
وأن من علامات الشقاء : الإصرار على الذنب (7).
وأن الذنب على الذنب يميت القلب (8).
وأنه : ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب ، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب (9).
وأنه : احذروا الإنهماك في المعاصي والتهاون بها ، فإنها تستولي الخذلان على صاحبها حتى توقعه في رد نبوة نبي الله وولاية وصيه ، ولا تزال حتى توقعه في دفع التوحيد والالحاد في الدين (10).
ومما يدل على تأثيرها في جلب المكاره والمصيبات : قوله تعالى : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير ) (11).
وقوله : ( أو يوبقهنّ بما كسبوا ) (12) وقوله : ( مما خطيئاتهم اُغرقوا فادخلوا ناراً ) (13) وقوله : ( فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسوّاها ) (14) وقوله : ( فطاف عليها طائف من ربّك وهم نائمون فأصبحت كالصّريم ) (15).
وقد ورد في النصوص أنه : ما من بليّة ولا نقص رزق ولا من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض حتى الخدش والكبوة والمصيبة إلا بذنب (16).
وأنه : لا يأمن البيات من عمل السيئات (17).
وأن العبد ليذنب الذنب فيحرم صلاة الليل ويزوى عنه الرزق (18).
وأنه : لينوى الذنب فيحرم الرزق (19).
وأن العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها ، فيذنب ذنباً فيقول الله للملك : لا تقض حاجته ، فإنه تعرض لسخطي (20).
وأن الله قضى قضاء حتماً لا ينعم على عبد بنعمة فيسلبها إياه حتى يحدث العبد ذنباً يستحقق بذلك النقمة (21).
وأن أحدكم ليكثر به الخوف من السلطان وما ذلك إلا بالذنوب ، فتوقوها (22).
وأنه : قال تعالى : « إذا عصاني من عرفني سلطت عليه من لا يعرفني ».
وأن من يموت بالذنوب أكثر ممن يموت بالآجال (23).
ومما يدل على تأثيرها في البلاد والعباد قوله تعالى : ( ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) (24) وقوله : ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) (25) وقوله : ( فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون ) (26).
وورد في النصوص أنه : ما من سنة أقل مطراً من سنة ، ولكن الله يضعه حيث يشاء ، إن الله إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم وإلى الفيا في والبحار والجبال ، وإن الله ليعذب الجعل في حجرها ، فيحبس المطر عن الأرض التي هي بمحلّتها لخطايا من بحضرتها ، وقد جعل الله لها السبيل في مسلك سوى محلّة أهل المعاصي ، فاعتبروا يا أولي الأبصار (27).
وأنه حق على الله أن لا يعصى في دار إلا أضحاها للشمس حتى تطهّرها (28).
وأن قوم سبأ كفروا نعم الله فغير الله ما بهم من نعمة فغرق قراهم ، وخرب ديارهم ، وذهب بأموالهم (29) ( ذلك جزيناهم بما كفروا ) (30).
وأن الله قال : « ليس من أهل قرية ولا ناس كانوا على طاعتي فأصابهم سرّاء ( شرُّ ) فتحوّلوا عمّا أحب الى ما أكره إلاّ تحولت لهم عمّا يحبون إلى ما يكرهون » (31).
وأنه : كلما أحدث العباد من الذنوب مالم يكونوا يعلمون أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون (32).
وأن لله تعالى في كل يوم وليلة منادياً ينادي : مهلاً مهلاً عباد الله عن معاصي الله ، فلولا بهائم رتّع ، وصبية رضّع ، وشيوخ ركّع لصب عليكم العذاب صباً ، ترضّون به رضّاً (33).
وأنه : إذا غضب الله على أمة ولم ينزل بها العذاب ، غلت أسعارها ، وقصرت أعمارها ، ولم تربح تجّارها ، ولم تزك ثمارها ، ولم تغزر أنهارها ، وحبس عنها أمطارها ، وسلط عليها أشرارها (34).
وأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لا تزل أمتي بخير ما تحابوا وأدّوا الأمانة واجتنبوا الحرام ... ، فإذا لم يفعلوا ابتلوا بالقحط والسنين (35).
ومما يدل على تأثيرها في عذاب الآخرة وعقابها ، قوله تعالى : ( بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فاولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) ، (36) وقوله : ( ومن جاء بالسيئة فكبّت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعلمون ) (37).
وقال : ( مما خطيئاتهم أغرقوا فادخلوا ناراً ) (38) ( ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم ) (39) و ( إنها إن تلك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير. (40) وهذه الطائفة كثيرة في القرآن جداً.
وورد في النصوص : أن النبي 6 نزل بأرض قرعاء ، ما بها من حطب ، قال فليأت كل إنسان بما قدر عليه ، فجاؤا به حتى رموه بين يديه ، فقال : هكذا تجتمع الذنوب ، ثم قال : اتقوا المحقّرات من الذنوب ، فإن لكل شيء طالباً ألا وإن طالبها يكتب ما قدّموا وآثارهم (41). ( المحقّرات أي : ما يعدّه الإنسان صغيراً فلا يتوب ، فيكون مما يكتب ويبقى ، وقوله : ما قدموا أي : قدموه قبل موتهم ، وأثارهم : ما يبقى من آثار عملهم بعده ، أو ما قدّموا من نيّة العمل ومقدماته ، والآثار : نفس العمل ) (42).
وأن العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام. وأنه لينظر إلى أزواجه في لجنة يتنعمن (43).
وأنه : إن كانت العقوبة من الله النار فالمعصية لماذا؟ (44).
وأنه : من أذنب ذنباً وهو ضاحك ، دخل النار وهو باك (45).
وأن علياً عليهالسلام قال : إن الشك والمعصية في النار ليس منا ولا إلينا (46).
_______________________________
1 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٦٨ ـ الامالي : ج١ ، ص٣٢٤ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢٣٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٥٤ ، وج٧٣ ، ص٣١٢.
2 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٧٣ ـ الوافي : ج٥ ، ص١٠٠٣ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢٣٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٣٢.
3 ـ المطففين : ١٤.
4 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٧٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٣٠.
5 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٧٢ ـ الوافي : ج٥ ، ص١٠٠٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٣١.
6 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٧٥ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢٤٠ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٤٢.
7 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٩٠ ـ الخصال : ص٢٤٣ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢٦٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٥٢ وج٧٣ ، ص١٦٢ وج٩٣ ، ص٣٣٠.
8 ـ تنبيه الخواطر ج٢ ، ص١١٨.
9 ـ علل الشرائع : ج٨١ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٣٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٥٥ وج٧٣ ، ص٣٥٤.
10 ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٦٠.
11 ـ الشورى : ٣٠.
12 ـ الشورى : ٣٤.
13 ـ نوح : ٢٥.
14 ـ الشمس : ١٤.
15 ـ القلم : ١٩ ـ ٢٠.
16 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٦٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣١٤ و٣٥٠.
17 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٦٩ ـ مجمع البحرين : ج٢ ، ص١٩٤.
18 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٧٢ ـ الوافي : ج٥ ، ص١٠٠٣ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢٣٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٣٠.
19 ـ ثواب الأعمال : ص٢٨٨ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٤٢ ـ بحار الأنوار : ج٧١ ، ص٢٤٧ وج٧٣ ، ص٣٥٨.
20 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٧١ ـ وسائل لاشيعة : ج٤ ، ص١١٧٥ وج١١ ، ص٢٣٩ وبحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٢٩.
21 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٧٣ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢٤٠ ـ بحار الأنوار : ج٦ ، ص٥٦ وج٧٣ ، ص٣٣٤.
22 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٧٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٤٢.
23 ـ بحار الأنوار : ج٥ ، ص١٤٠.
24 ـ الروم : ٤١.
25 ـ النمل : ٥٢.
26 ـ البقرة : ٥٩.
27 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٧٢ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٥٠١ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٢٩ وج٩١ ، ص٣٢٧ وج١٠٠ ، ص٧٢.
28 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٧٢ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢٤١ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٣١.
29 ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٣٥.
30 ـ سبأ : ١٧.
31 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٧٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ٣٣٩.
32 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٧٥ ـ علل الشرائع : ص٥٢٢ ـ وسائل لاشيعة : ج١١ ، ص٢٤٠ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٤٣.
33 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٧٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٤٤.
34 ـ الكافي : ج٥ ، ص٣١٧ ـ الخصال : ص٣٦٠ ـ من لا يحضره الفقيه : ج١ ، ص٥٢٤ ـ وسائل الشيعة : ج٥ ، ص١٦٨ ـ بحار الأنوار : ج٥٨ ، ص٣٣٤ وج٧٣ ، ص٣٥٠ وج٧٧ ، ص١٥٥ وج٩١ ، ص٣٢٨.
35 ـ بحار الأنوار : ج٦٩ ، ص٣٩٤ وج٧٤ ، ص٤٠٠ وج٧٥ ، ص٤٦٠.
36 ـ البقرة : ٨١.
37 ـ النمل : ٩٠.
38 ـ نوح : ٢٥.
39 ـ الجن : ٢٣.
40 ـ لقمان : ١٦.
41 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٨٨ ـ وسائل الشيعة : : ج١١ ، ص٢٤٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٤١.
42 ـ
43 ـ الكافي : ج٢ ، ص٢٧٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٣١.
44 ـ بحار الأنوار : ج٧٣ ، ص٣٤٧.
45 ـ ثواب الأعمال : ص٢٦٦ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٢٤٠.
46 ـ الكافي : ج٢ ، ص٤٠٠ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٣ ، ص٥٧٣ ـ وسائل الشيعة : ج١٨ ، ص١١٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٥٤ وج٧٢ ، ص١٢٦.
التعلیقات