هجرة فاطمة الزهرا (سلام الله عليها) الى المدينة
السيّدة مريم نور الدّين فضل الله
منذ 11 سنةهاجرت فاطمة عليهاالسلام الى المدينة لتلتحق بأبيها النبي (صلّى الله عليها السلام) حيث كانت لا يقر لها قرار إلا بقربه ، ولا يهدأ لها بال إِلا بظله. ولا غرابة في ذلك فالنبي العظيم (صلّى الله عليها السلام) في ابوته الرحيمة ، وانسانية العالية ، وحنانه الفياض ، قد غمر الزهراء مزيداً من العطف والحب حتى ينسيها ذلك الشعور المرير المشحون بالوحشة لفراق امها
.ذكر أكثر أهل السير وأصحاب التاريخ : أن النبي (صلّى الله عليها السلام) أمر علياً (عليه السلام) قبل هجرته بالمبيت على فراشه. وأوصاه ان يلحق به مع النساء بعد تسليم الودائع والامانات الموجودة عند الرسول لأهلها.
وبعد هجرة النبي (صلّى الله عليها السلام) الى المدينة ، نفذ الامام علي (عليه السلام) امر الاموال والودائع ، ثم هيأ للنساء الرواحل ، واخرجهن من مكة في طريقه الى المدينة ، واشار الامام علي (عليه السلام) على المؤمنين ان يتسللوا ليلاً الى ذي طوى ، حيث يتوجه الركب منها باتجاه المدينة.
ولكن الامام علي (عليه السلام) خرج بالفواطم في وضح النهار غير مبال بالمخاطر اعتماداً منه على شجاعته واتكاله على الله.
وكان معه الفواطم وهن ... فاطمة الزهراء بنت محمد عليه الصلاة والسلام ... وفاطمة بنت الحمزة ... وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب. وكان معه ايضاً : ام ايمن وابو واقد الليثي ...
فجعل أبو واقد يجد السير مخافة ان تلحق بهم قريش ، وتحول بينهم وبين اتمام المسير. فقال له علي (عليه السلام) :
أرفق بالنسوة يا أبا واقد وتمهل ... وارتجز علي يقول :
ليس إلا الله فارفع ظنكا
يكفيك رب الخلق ما اهمكا
وقد روي عن هجرة الزهراء (عليها السلام) الى المدينة غير هذا النحو تقول الدكتورة بنت الشاطئ :
« هاجر النبي الى يثرب وعلى أثره هاجر علي بن ابي طالب وكان قد تمهل ثلاثة أيام بمكة ريثما أدى عن النبي المهاجر الودائع التي كانت عنده للناس.
وبقيت فاطمة واختها ام كلثوم حتى جاء رسول من ابيهما فصحبهما الى يثرب ، واغلقت دار محمد بمكة كما أغلقت دور المسلمين فيها هجرة ، ليس فيها ساكن.
ولم تمر رحلتها بسلام : فما كادتا تودعان أم القرى وينفصل الركب بهما ، مستقبلاً طريق الشمال ، حتى طاردهما اللئام من مشركي قريش ، وباء الحويرث بن نقيذ بن عبد بن قصي ، وكان ممن يؤذي أباهما النبي بمكة باثم اللحاق بهما حتى نخس بعيرهما فرمى بهما الى الأرض.
وكانت فاطمة (عليها السلام) يومئذ ضعيفة نحيلة الجسم قد أنهكتها الأحداث الجسام التي لقيتها قبل ان تمتلئ شبعاً ورياً.
وترك الحصار المنهك أثره في صحتها ، وان زاد في معنويتها قوة على قوة. فلما نخس بها « الحويرث القرشي » فرمى بها واختها على اديم الصحراء الاوعث ، سارت بقية الطريق متعبة الى ان بلغت المدينة ـ وما تكاد ساقاها تنهضان بها.
فلم يبق هناك من لم يلعن الحويرث. وسوف تمر السنوات وابوها الرسول (صلّى الله عليها السلام) لا ينسى الفعلة الشنعاء الآثمة ، بل سنراه في العام الثامن للهجرة. يذكر « الحويرث » يوم الفتح الاكبر. ويسميه مع النفر الذين عهد النبي إلى امرائه ان يقتلوهم وان وجدوا تحت استار الكعبة.
وكان علي بن ابي طالب احق هؤلاء الامراء بقتل الحويرث وقد فعل. ».
التعلیقات