ممارسة المندوبات
عبّاس الذهبي
منذ 9 سنواتوتأتي في المرحلة التالية بعد أداء الواجبات ، فتساهم في رفع إيمان الزوجين
إلى آفاق عالية ، وتحيط حياتهما الزوجية بهالة من الروحانية ، وقبل كل ذلك تقربهما إلى الله زلفى ، قال الإمام الكاظم عليه السلام : « صلاة النَّوافل قُربان إلى الله لكلِّ مؤمن » (1).
ويأتي ذكر الله تعالى في طليعة المندوبات ، إذ يعمل على زرع الطمأنينة في القلوب ، وقشع غيوم المخاوف التي تزخر بها الحياة ، قال تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ ألأ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) (2).
ثم إنَّ ذكر الله لا تقتصر آثاره النافعة على الناحية الروحية ، بل يشتمل الجوانب السلوكية أيضاً ، فلا شكّ أنّها تنعكس على العائلة ، وتحقق الحياة الطيبة والسعيدة لأفرادها ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : « من عمّر قلبه بدوام الذكر حسنت أفعاله في السر والجهر » (3) ، وقال أيضاً : « اذكروا الله ذكراً خالصاً ، تحيوا به أفضل الحياة ، وتسلكوا به طرق النجاة » (4).
وما يعزز ذلك نجد أن بيوت الأنبياء وأهل البيت عليهم السلام خاصة تخيم عليها السعادة والسكينة والاحترام المتبادل ، وذلك نتيجة لمواظبتهم على الطاعات وكثرة ذكرهم لله سبحانه.
ذكر صاحب مجمع البيان في معرض تفسيره لقوله تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أذِنَ اللهُ أن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ) (5). ( أنّه سُئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قرأ الآية ، أيّ بيوتٍ هذه؟ فقال : « هي بيوت الأنبياء » فقام أبوبكر فقال : يا رسول الله ، هذا البيت منها؟ يعني بيت علي وفاطمة عليهما السلام ، قال « نعم ، من أفضلها ». ويعضد هذا القول قوله تعالى : ( إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (6) وقوله : ( رَحمةُ اللهِ وَبركاتُهُ عَليكُم أهلَ البيتِ ) ) (7).
من جهة ثانية نجد أن البيوت التي تبتعد عن جادّة الإيمان وطاعة الله تعالى وتُعرض عن ذكره ، تكون عرضة للمشاكل والمشاجرات بين الزوجين ، وينفرط فيما بينها عقد المحبة والاُلفة ، كما أخبر تعالى : ( ومَن أعرضَ عن ذِكري فإنَّ لهُ معيشَةً ضنكاً .. ) (8).
وينبغي الاشارة هنا إلى أن صلاة اللّيل هي من المندوبات التي تساهم في رفع المؤشر الروحي للزوجين ، وتدخلهما في عداد الذاكرين ؛ لذلك قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : « من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصلّيا ركعتين جميعاً ، كُتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات » (9).
أضف إلى ذلك أن الصوم المندوب يُطهر القلب والصدر من الوساوس والشكوك والنوايا السيئة التي قد تعكّر صفو الحياة الزوجية ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : « .. صوم ثلاثة أيام من كلِّ شهر ، أربعاء بين خميسين وصوم شعبان ، يذهب بوساوس الصدر وبلابل القلب » (10).
_________________
1) تحف العقول : 403.
2) سورة الرعد : 13 / 28.
3) غرر الحكم ح 8872.
4) تحف العقول : 20 حكم ومواعظ أمير المؤمنين عليه السلام.
5) سورة النور : 24 / 36.
6) سورة الأحزاب : 33 / 33.
7) مجمع البيان / الطبرسي 5 : 50 ـ 51 / 19 منشورات مكتبة الحياة ـ بيروت.
8) سورة طه : 20 / 124.
9) سنن أبي داود 2 : 70 / 1451 باب الحث على صلاة الليل.
10) الخصال ، للصدوق 2 : 612 / 400 منشورات جماعة المدرسين ـ قم طبع 1403 هـ.
التعلیقات