ايثار طاعة أبوي الدين على طاعة أبوينا
المرأة والاسلام
منذ 9 سنواتورد في الحديث الشريف: «من آثر طاعة أبوي دينه محمّد و علي عليهما السلام على طاعة أبوي نفسه، قال الله عز وجل له: لاؤثرنك كما آثرتني ولا شرفنّك بحضرة أبوي دينك كما شرفت نفسك بإيثار حبّهما على حبّ أبوي نسبك» . بحار الأنوار 36: 10 /
11.
لاريب ولا شك أنّ طاعة الوالدين من الواجبات التي أمر الله تعالى بها في القرآن الكريم وقرن طاعتهما بطاعته في محكم آياته، قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّـهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) سورة البقرة 2: 83، وأيضاً قال تعالى: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا...) سورة الإسراء 17: 23، وأيضاً قال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا...) سورة الأحقاف 46: 15.
هذا في القرآن الكريم وكفى به معلماً وأمّا السنّة فكثيرة جداً الروايات التي وردت فيها والتي توجب وتحث على طاعة الوالدين وتحذر من عصياتهما. نعم، ذلك كله في طاعة الله إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ومع ذلك لو أمراه الوالدان بالشرك والكفر بالله العظيم لم يرخص الله تعالى أن يتعامل معهما معاملة خشنة، بل أمر بالمداراة معهما والرد اللين لهما، كلّ هذا يوضح لنا علو مقامهما ومنزلتهما.
هذا ومن أعظم نعم الله تعالى على الإنسان نعمة الوجود والإخراج من العدم، وكان السبب في هذه النعمة الأبوان، وأيضاً من نعم الله تعالى على الإنسان نعمة التعليم والمعرفة والإخراج من الجهل إلى العلم، وهو أيضاً اخراج من العدم إلى الوجود، فأنّ الناس موتى وأهل العلم أحياءٌ وكان السبب في هذه النعمة رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقد ورد في قرآن الكريم: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) سورة الجمعة 62 : 2.
ومن البيّن الذي لا غبار عليه أنّ الهدف من خلق الإنسان هو العبادة، قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) سورة الذاريات 51: 56. وأيضاً بنظرة خاطفة على الأحوال والأوضاع الإجتماعية وغيرها في شبه الجزيرة العربية وفي مكّة بالخصوص قبل البعثة النبوية الشريفة وكيف كانوا يعتدون على أبناءهم ويقتلون بناتهم وكيف كان يتعامل بعضهم مع بعض ومع انفسهم ومقارنتها مع القيم والمثل الإنسانيّة النبيلة التي جاء بها رسول الله (ص) لهم والنقلة النوعية التي نقلها إليهم يعرف مدى عظم فضل رسول الله (ص) وأهل بيته على البشرية جمعاء لا على خصوص المسلمين ويعرف عظم حقهم على الإنسانية إلى يومنا هذا.
وبعد معرفة أنّ الإنسان له بعدان البعد المادي والذي تقع مهماته على عاتق الوالدين والبعد المعنوي والذي تحمل مشاقه رسول الله (ص) وأهل بيته والانبياء على مر العصور، فكأن الإنسان نبتة نبتت يسعى الوالدين في أرض خالية فسعى الوالدين في حراستها والمحافظة عليها حتى إذا اُينعت جاء دور رسل الله صلى اله عليهم فأخذوها وأوصلوها إلى غايتها وما تهدف من الوصول إليه فإنّ الإنسان يطمح يوماً فيوماً أن يرتقي سلم المعرفة ويزداد كمالاً فوق كمال يوماً بعد يوم ويحتاج إلى من يقوم اوده و يسوي عوجه في مسيرة كماله وهذا ما يقوم به رسل الله وأوصياءهم صلوات الله عليهم جميعاً فهم ينقذون الإنسان من الضلالة ومن نار جهنم والعذاب الدائم ويهدون الناس إلى النعيم الكامل وهذه نعمة عظيمة، فاذا كان الأب النسبي سبباً للوجود فالرسول الله سبباً للخلود المنعم وسبباً في التجاه من العذاب الأعظم ومن هنا نرى أنّ الله تعالى قرن طاعة الوالدين بطاعته ولكنه جعل طاعة رسوله وأهل بيته طاعة له تعالى ، فأعطاها درجة ارفع ومقاماً أسمى.
التعلیقات