كيف تنسجمين مع عائلة زوجك؟
مجلة الزهراء عليها السلام
منذ 8 سنواتكم مرة حتى الآن خاطبت زوجك متذمرة، عن وضع غير لبق، او تصرف شبه خاطىء مع والديك او احدهما، لتقيمي الدنيا، ولاتقعديها على رأسه! لمسألة رد الاعتبار لوالديك وبتقديم الاعذار و.. و..
هل نظرت بنفس المنظار الى والديه ايضا؟
فكما تطالبين زوجك بهذا الاحترام ازاء والديك: طالبي نفسك في المقابل باحترام والديه امامه وفي غيابه، فهذا لا يكلفك شيئاً، بل يقوي رابطتك بهم، ويزيد اواصر المحبة بينك وبينهم.
واذا كانت ـ الواحدة منا ـ تمتلك روح التسامح والعفو والغفران، فلماذا تحرم ذلك على اهل زوجها، وهم احوج الناس اليه. واليك هنا بعض النصائح ـ ربما ـ تساعدك على الانسجام مع عائلة زوجك :
اولاً : الايثار
هل حدث لك ذات يوم ان تعارض حق من حقوقك، ازاء حق من حقوقهم؟ وكيف كان تعاملك تلك اللحظة؟
ان كنت قد تنازلت عن حقك واثرت اهل زوجك على نفسك وبدون حقد، فانت بالفعل زوجة حكيمة وامرأة عاقلة..
وسيذكر لك زوجك هذه المبادرة دائماً، ولن ينساها لك ابداً.
اما اذا كنت عكس ذلك، بحيث تتزمتين برأيك ولم تقدمي اي تنازل، فما عليك الا محاسبة نفسك، واعادة النظر في تصرفاتك ولا تنسي ان الايثار ارقى درجة عند الله سبحانه وتعالى.
قال موسى(عليه السلام): يا رب ارني درجات محمد وأمته؟
قال: يا موسى انك لن تطيق ذلك، ولكن اريك منزلة من منازله جليلة وعظيمة، فضلته بها عليك وعلى جميع خلقي.
فكشف له عن ملكوت السماء، فنظر الى منزلة كادت تتألق نفسه من انوارها وقربها من الله عز وجل.
قال: يا رب! بماذا بلغته الى هذه الكرامة؟
قال: بخلق اختصصته به من بينهم وهو الايثار.
يا موسى لا يأتني احد منهم قد عمل به وقتاً من عمر الا استحييت من محاسبته وبوأته من جنتي. ميزان الحكمة: ج1 ، ص 5 .
ثانياً : التواضع
التقيت معها، على متن الطائرة كنت اجلس بجانبها، احادثها طوال الرحلة، وسمعتها تتنفس الصعداء، بصوت مخنوق بالألم، سألتها ما يزعجها ويكدر صفوها، اجابت بحزن: ابني الاكبر لم يأت لتوديعي، بالرغم من انني قد اخبرته بموعد سفري، انا على يقين، بأن وراء ذلك، زوجته سامحها الله!
فكم تسببت لي الكثير من الاحراجات والمضايقات طوال فترة زواجها، هل تصدقي بانها لم تتواضع ولا مرة واحدة لتشاركنا في مأكل او مشرب، بل ولم ترنا ذات مرة جالسين فتأتي وتجلس معنا!
الكثيرات يغفلن عن اهمية امتلاك ملكة التواضع، والتعامل مع الناس ببساطة وبدون تكلّف، وبالخصوص مع اهل الزوج، فبالامس كانت عائلة زوجك غريبة بالنسبة لك، باختلاف العادات وربما تغاير السلوك، ولكنك تعودت اليوم على نمط حياتهم، واصبحت واحدة منهم، فلابد ان تكسري شوكة التكبر والرفعة، وتتحلي بروح التواضع.
جاء في الحديث الشريف:
(خياركم احسنكم اخلاقا الذين يألفون ويؤلفون) ميزان الحكمة: ج 1 ، ص 12
ثالثاً : شجعي زوجك على الاهتمام بوالديه
نحن قبل كل شيء بشر، اذن نحن معرضون للوقوع في الاخطاء ، وقد يخطاً زوجك في حقوق والديه، وربما يتناسى واجباته تجاههم، فما عليك الاّ :
1 ـ تذكيره بواجباته تجاههم، والدّين الذي على عاتقة ليؤديه لهم.
2 ـ لا تذكري له الاخطاء الحادثة وتضخيمها، فقد يقسو قلبه على والديه وهنا، تكوني قد ارتكبت خطأ لا يغتفر.
3 ـ قوما سوياً بزيارتهما، وعيادتهما عند مرضهما، ومساعدة ضعيفهما لتؤدي واجبك الانساني الذي يريح ضميرك.
4 ـ ان لم يستطع زوجك تأدية واجبه معهم، لمشاغله الكثيرة، ولربما لغفلته، فقومي انت بالمهمة نيابة عنه.
اما اذا كان اهل زوجك، هم المتسببون في ايذائك ، فما عليك الا:
1 ـ التحلي بسعة الصدر: تحملت "م" اذى ام زوجها عشرين عاماً، فكم كانت تقبح اعمالها، وتسمعها كلمات جارحة ولكنها، صبرت وتحملت لا لشيء، سوى من اجل سعادتها مع زوجها ولكي لا تضع زوجها في موضع صعب بينها و بين أمّه.
فتحملتها طوال هذه السنين ثم اصيبت ام زوجها بمرض مزمن (شلل في كلتا رجليها)، فقامت هي بخدمتها، رغم تخلي بناتها وزوجات ابنائها اللاتي كانت تفضلهن عليها.
ولم تطالب "م" زوجها المتمكن ماديا من جلب خادمة تعينها على كل متاعب منزلها، وخدمة ام زوجها التي كانت تآخذ من وقتها الكثير!
أنا لا اقول بانك مجبرة على القيام بهذه المبادرة ولكن انظري الى الحياة نظرة صادقة ومن كل الابواب فستجدين بان الحياة متقلبة متغيرة، فيوم لك، ويوم عليك.
وليس منا من يضمن المستقبل بيديه، ولا يدري احدنا على من تقع اعباؤه غداً فيما لو ـ وفقنا الله سبحانه وتعالى ـ بالعمر المديد، فلماذا لا نمتلك الصبر وسعة الصدر في مثل هذه المواضع؟
2 ـ التمسك بالايمان:
هل حدث لك ذات يوم، وضربت على وجهك! من قبل احد والديه؟ هذا ما حدث بالفعل لصاحبة الحدث(ر)..
اقبل والد زوجها متعباً من عمله، وكان يتوقع من زوجة ابنه ان تأتي لتلبي حاجته، ولكنها كانت جالسة في غرفتها ترضع وليدها المريض الذي كان يصرخ من الجوع اثناء قيامها بواجباتها المنزلية! ولم تتردد في النهوض لتلبية حاجته بمجرد ان يأخذ الطفل رضعته من حليبها.
ولكن والد زوجها لم يتحمل تأخرها! فأقبل اليها مهرولاً ورمى بكيس الخبز في وجهها، وقام بتوبيخها، ورفع يده عالياً، ولطمها على وجهها!
فلم يكن منها، سوى التزام الصمت، حتى عاد زوجها من عمله، وجاءها اهل زوجها معتذرين وطالبين عفوها وغفرانها لما حدث! من عمها على خطأه الذريع اتجاهها.
فابتسمت في وجوههم قائلة:
"لم اعتبر عمّي الاّ والدي تماماً ولقد سامحته بالفعل".
نحن دائما بحاجة ماسة الى تمسكنا بالايمان لنستطيع حينها العفو والغفران للمسيئين الينا.
يقول الامام علي(عليه السلام): "ما المجاهد الشهيد في سبيل الله باعظم اجراً ممن قدر فعفى" نهج البلاغة/ حكم / 474 .
3 ـ اياك .. وارتكاب الحماقة:
قال احد الازواج: عند وفاة والدي ـ رحمه الله ـ كان طبيعياً ان تأتي والدتي لتقيم معي في المنزل مع زوجتي وابنائي باعتباري ابنها الوحيد.
وكنت اعلم ان هذا سيزيد من اعباء زوجتي باعتبارها موظفة في احدى الدوائر الحكومية، واعلم ايضاً ان كلا من زوجتي ووالدتي لهما طريقتهما الخاصة في النظر الى الامور وتقديرها.
الا انني لم اجد داعياً لاصطدام الاثنتين وتلاسنهما كما حدث اخيراً. وكنت وما زلت ارى ان على زوجتي ان تكون اكثر مرونة اتجاه والدتي التي تشعر بالوحدة والوحشة والفراغ مما يجعلها تبدي ملاحظات قد لا تكون ضرورية او صحيحة. الا ان زوجتي لم تستطع ادراك هذا الامر، فبدأت تدخل في نقاشات طويلة مع والدتي! وتطور الامر لتقترح عليّ بل وتلح في ارسالها الى دار العجزة، عندها لم اتمالك نفسي من الغضب والصراخ في وجه زوجتي وتخييرها بين البقاء مع والدتي ، او مغادرتها المنزل نهائياً.
فيا ايتها الزوجة المثالية، عليك الابتعاد عن هذه التصرفات التي تغضب الله سبحانه وتعالى، وان كنت ترومين سعادة زوجك، عليك الانسجام مع عائلته، وتقربي اليهم ولا تبتعدي عنهم، وعامليهم كما تعاملين اهلك ووالديك. وحاولي ان تتفهمي حياتهم وتدرسي طبائعهم منذ الايام الاولى من زواجك .
اما انتم اهل الزوج
فساعدوا زوجة ابنكم في التعود عليكم وهيئوا لها الارضية لتشعر بانها في بيتها الثاني، واعتبروها بحق ابنتكم، لا تحسسوها بغربتها و وحدتها في وسطكم تجنباً للمشاكل، وتفادياً للاخطاء غير المترقبة.
التعلیقات