أيها الأب.. أنت من يصنع الفرق
موقع فاطمة
منذ 8 سنواتبسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل
مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
ألعاب إلكترونية، مشاهد تلفازية، أخبار صحفية، قصص من الواقع.. كلها مسببات تدفع الأبناء ليكونوا أكثر عنفاً وأكثر عصبية، بل أحياناً ما تدفعهم ليتبنوا سياسة العنف لحل مشكلاتهم.
كم مرة عاد طفلك من المدرسة يشكو من ألفاظ غريبة سمعها سببت له الضيق فآذته، بل قد يصل الإيذاء إلى إيذاء بدني! ومَن كان يتصف بالهدوء مع الوقت سيبدأ في ممارسة العنف والغضب للمحافظة على حقوقه، وقد نقف نحن أولياء الأمور لوهلة حائرين ما بين "من ضربك اضربه"، وبين "اذهب اشتكِ"، ما بين تشجيعهم على خوض معاركهم بنفس أسلوب الغريم العنيف، أو أسلوب التعامل الهادئ مع المواقف المختلفة والذي يحتاج منا الكثير من الصبر والوقت والجهد، وبما أننا مسؤولون أمام الله وأمام أنفسنا عن أبنائنا، بل نحن من يصنع الفرق في حياتهم؛ لابدّ من بذل الجهد والصبر للوصول إلى بر الأمان مع صغارنا.
العنف والغضب من العادات المكتسبة وكذلك الهدوء والتحكم في الأعصاب، وبما أنها عادات، فالتدريب عليها أمر وارد، وهنا سنقترح عدداً من الوسائل لتعليم الأبناء التحكم في الغضب والتعامل معه.
وسائل علاجية:
1- كن أنت في ذاتك قدوة لأبنائك في التحكم في الغضب، فمهما حاولت أن تعلمهم التحكم في غضبهم وأنت تمارسه؛ ستذهب محاولاتك أدراج الرياح، كثيرة هي المواقف التي قد تصيبك بالغضب ويكون الأبناء حاضرين لها، وأعينهم منصبّة عليك تراقبك، استغل الفرصة ومارس كلّ تقنيات التعامل مع الغضب، ولعل أولها هدي نبينا محمّد (ص)، فقد كان النبي يأمر مَن غضب باتخاذ أسباب تدفع عنه الغضب وتسكنه، ويمدح مَن ملك نفسه عند غضبه، قال رسول الله (ص): "إنّ الغضب من الشيطان، وإنّ الشيطان خلق من النار، وإنّما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليَتَوَضَّأ"، فاذهب وتوضأ إذا ما غضبت أمام أبنائك، وقل لهم ما تفعله حتى تهدأ من غضبك، أو مارس أي أسلوب للتعامل مع الغضب وهم يراقبونك.
2- من أهم وسائل التعامل مع الغضب هو تعليم الأبناء فَهْم مشاعرهم، فالكثير من الصغار ليس لديهم القدرة للتصريح بما يشعرون به من ضيق أو غضب أو حزن، فالطفل الذي يقذف أصدقاءه بالقلم أو حتى والديه هو طفل يشعر بالضيق بمن حوله، ولكن لا يستطيع أن يميز مشاعره أو أن يفصح عنها، وهنا يأتي دور الوالدين لمساعدته للتعبير لفظياً بما يشعر به، فعندما يقوم بعمل عنيف أو يصاب بنوبات من الصراخ نقول له: "ما الذي يضايقك؟"، "هل هناك شيء يزعجك؟"، "هل أنت جائع؟"، فكثيراً ما يكون الجوع سبباً في نوبات الغضب لدى الصغار دون أن يشعروا بذلك، وهذا ينطبق على باقي المشاعر المختلفة، فيبدأ الطفل يتعلم أن يعبر عن مشاعره بطريقة آمنة، ولا نكون في حاجة لنعاني من نوبات الغضب والعنف التي تعتريه دون أن نعرف مسبباتها.
3- تعليم الأبناء تقنيات التعامل مع الغضب بشكل مباشر أمر مهم أيضاً، ومن هذه التقنيات الوضوء، وتغيير موضع وشكل الجسم من جلوس أو استلقاء أو ممارسة المشي بخطى سريعة، أو الذهاب إلى غرفته والخلوة مع نفسه حتى يهدأ، وأيضاً تعليمه كيف يتعامل مع حزنه أمر مهم؛ لأنّه أحياناً يكون الحزن سبباً من أسباب تبنيه العنف والغضب، فقد يحزن من أخيه الأصغر عندما يرفض اللعب معه؛ فيغضب ويبدأ في ضربه أو مضايقته، وهنا تتدخل حكمة الوالدين في وضع يد صغارهم على السبب الرئيس لمشاعرهم المختلفة؛ ومن ثمّ التعامل معها بالشكل الصحيح، ونحن بهذا العمل الصبور نؤثر ليس في اللحظة الحالية ولكن تأثيرنا يمتد لحياتهم المستقبلية.
4- التشجيع، ثمّ التشجيع، ثمّ التشجيع، تلك الكلمة السحرية للدخول لعالم الصغار، المهم أن تكون في مكانها المناسب ووقتها المناسب، شجعهم عندما يعبرون عن مشاعرهم بطرق صحية، شجعهم عندما تلاحظ منهم تغيراً للأفضل في ردود أفعالهم، شجعهم عندما يقررون أن يتغيروا للأحسن، شجعهم عندما يبدؤون في التعامل مع من حولهم بشكل أكثر إيجابية، وتشجيعك قد يكون بكلمة أو مكافأة أو رحلة أو حتى جلسة حوار ودي.
عندما يكون هدفك تنشئة رجال ونساء مؤثرين وفاعلين في هذه الأُمّة؛ فلن تستصعب المهمة، وستهون عليك كلّ الأمور، قال تعالى: (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (الرّعد/ 24)، فإذا ما رزقك الله الصبر على أداء مهمتك في هذه الدنيا فاشكره تعالى على هذه النعمة العظيمة.
اللّهمّ لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد لحمدنا إياك
التعلیقات