الحياة ألوان اخرى!
مجلة الزهراء عليها السلام
منذ 8 سنوات
إنني أكره سياسة لوي الذراع او أن يحدد لك أحد طريقين عليك أن تختار واحداً منهما.. أكره أن أجد نفسي مجبرة ومضطرة حتى لأن أشرب ماء الحياة.. أكره الذل وأن يرمي أحد الكرة في ملعبي وان يرفض الحوار والتوصل لحل وسط..
كان موضوع عملي محسوماً قبل ارتباطنا واتفقنا خلال فترة الخطوبة على انني لن أترك عملي تحت أي ظرف ولأي سبب.. كان ودوداً للغاية ومتفهماً وديموقراطياً.. ويبدو أن الرجال كلهم كذلك.. يتخذون الود والتفهم والاستيعاب اسلوب للايقاع بالمرأة.. وعندما تقع الفأس في الرأس ويتم الزواج لا تنتهي من الأوامر العسكرية الصارمة التي لا تقبل الجدل.. وهكذا يفعل زوجي الآن.. منتهى السخف وقلة العقل أن يقول الزوج لزوجته: عليك ان تختاري.. فإما أنا واما عملك.. منتهى السطحية ان يجعل الإنسان الحياة كلها بمتناقضاتها وتفاعلاتها في كفتي ميزان وعلى الآخر ان يختار واحدة منهما.
لماذا لانتحاور ونبحث الأمر؟.. إنه يعلم تماماً انني اكره هذا الأسلوب القائم على المثل العامي القائل: "يا ناقتي ولا العصا ولا أشربي".. ما هكذا تورد الأبل.. هذه الطريقة يبدو ان زوجي اختارها لأنني أكرهها.. هو يعلم أنني عنيدة عندما يضعني أحد في اختيار صعب.. ويعلم أنني مستعدة ان اتخلص من ذراعي واقطعه إذا لواه أحد أو ضغط عليها ولم يتركه.. يعلم ذلك تماماً.. فلماذا يتبع هذا الأسلوب معي؟.. لماذا يعرض حياتنا معا لهذا المأزق وهذا المنعطف الخطير بلا داع؟.. ما معنى أن اختار بين حياتي الأسرية وعملي؟..
يقول ان عملي يؤثر على بيتي وأسرتي وأولادي وأنه ميسور مادياً ويمكنه ان يعطيني في الشهر خمسة أضعاف راتبي.. فقط على ان اتفرغ لبيتي وأسرتي وله ولأولادي.. وحاولت ان اجعله يفهم ان المسألة لا يجب ان يحتسب هكذا بشكل مادي بحت.. عليه ان يحدد لي جوانب التقصير لاتفاداها.. كما أنني وصلت في عملي الى مكانة من الصعب التغاضي عنها.. وعملي يعطيني احساساً بالتفرد والتفوق وقوة الشخصية وان لي دوراً في الحياة وفي المجتمع.. أنا لا يعنيني راتبي فزوجي فعلاً ميسور ونحن مرتاحون مادياً للغاية.. ولكن هناك أموراً أخرى معنوية لابد من أخذها في الاعتبار.
كل هذا لم يعطني زوجي فرصة لشرحه لأنه حسم الأمر وانتهى النقاش كما يقول.. قلت له بانفعال: كيف تحسم أمراً يخصني هكذا وحدك دون أن تأخذ رأيي وتحاورني؟ قال: ان امرك كله يهمني وانا صاحب القرار.
المسألة لا تعدو عنده كونها استعراضاً للقوة والعضلات وكأنه يريد ان يختبر مدى سيطرته عليّ وانصياعي له.. وهذا أمر أكرر أنني أكرهه ولا يزيدني إلا عناداً وتصلباً ولا يزيد الجو إلا توتراً وهذا ما هو حادث بالفعل فالعلاقة بيني وبين زوجي تسير من سيء إلى أسوأ وطريق المفاوضات مسدود.. هو مصمم على تصلبه وجعل العقدة في المنشار وهذا يزيدني أنا أيضاً عناداً وأصراراً على موقفي.. وحياتنا الأسرية مهددة بالانهيار وزوجي لا يبدو أنه مستعد لتقديم تنازلات وأنا غير مستعدة على الاطلاق للتضحية بعملي ومكانتي تحت أي ظرف خصوصاً واننا اتفقنا على ذلك منذ البداية.
زوجي الآن على سفر وهذا ما أجل اشتعال الموقف مؤقتاً وجعلني أيضاً أكتب إليك طالبة منك مشاركتي الرأي والبحث عن مخرج بعيداً عن مطالبتي بترك عملي وتقديم أي تنازل في هذا الشأن.. فهل لديك هذا الحل الذي يحفظ لي أسرتي ويحفظ لي عملي أيضاً؟
الجواب:
صاحبة هذه الرسالة تطرح المشكلة وتضع لها الحل الذي يرضيها ولها أقول:
يا سيدتي أنت أيضاً تضعين العقدة في المنشار وتحاصريننا كما حاصرك زوجك وتقولين أريد حلا يحفظ أسرتي ويحفظ عملي ولن أقدم أي تنازل.
نحن لسنا ضد عملك ولكننا نؤكد لك أن شخصيتك لا تفرق ولا تختلف في كثير او قليل عن شخصية زوجك ولست ادري اي منكما أثر في الأخر.. لكننا نعتقد أنك انت أثرت في زوجك.. فقد قلت باعترافك الصريح إنك عنيدة ومستعدة لقطع ذراعك إذا لواه أحد أو ضغط عليه.. ويبدو للأسف ان زوجك عانى كثيراً من عنادك هذا فأراد كسره وقهره بافتعال قضية ترك لعملك.. وانت يا سيدتي لا تعترفين بعنادك على أنه عيب تريدين التخلص منه بل على أنه ميزة وفضيلة تريدين التمسك بها الى النهاية.
وقد لاحظت من خلال رسالتك إنك وزوجك تدوران في فلك الذات.. كل منكما يسعى إلى ما يريده هو فقط.. ويحسب مكاسبه وخسائره هو وحده ولا يهتم بالأبناء والأسرة والعشرة والمودة.. ولا يهتم بمشاعر الآخر.
أنت وزوجك ليست قضيتكما الاستمرار في العمل أو تركه.. فأنا على يقين من انكما لا تهتمان كثيراً بصلب القضية.. لأن قضيتكما الاساسية هي المباراة التي تدور بينكما ومن يفوز فيها ومن يقهر الآخر ويغلبه وينتصر عليه بالضربة القاضية.
وهذه يا سيدتي لعبة خطيرة.. لانها تبدأ لعباً وتنتهي بكارثة ومأساة.. ولا أظن ان هناك قضية خطيرة بين زوجين متفاهمين.. كل منهما يؤثر الآخر على نفسه ويرى صالح الآخر قبل ان يرى صالح نفسه.. القضية التي تشغلك وتشغل زوجك هي محاولة كسر الأنف ولوي الذراع المتبادلة.. فليس وحده زوجك الذي يلوي ذراعك.. انت ايضاً تلوين ذراعه بالايحاء له بأنك صلبة وعنيدة وقوية.. وكأنك تقولين له: استمر في الضغط عليَّ فلن ارضخ ولن ألين وهذه دعوة صريحة له ليواصل المعركة.
يا سيدتي.. دعك من عملك وتركه أو الاستمرار فيه وأعيدي صياغة العلاقة بينك وبين زوجك على اساس من المودة والرحمة والحب والاحترام.. فحتى لو تركت عملك فإنه سيبحث عن قضايا أخرى يحاول بها كسر عنادك.. وحتى لو انتصرت وبقيت في عملك فسوف تحاولين البحث عن معارك أخرى معه تثبتين بها قوتك.. فالعناد يؤدي الى العناد. حاولي ان تتخلصي من عنادك هذا فهو سبب كل المشاكل.. وبداية التخلص منه تكون بإيمانك بان العناد عيب ونقيصة وليس فضيلة واعلمي انك قبل كل شيء أم وربة أسرة وهذا يتطلب منك تضحيات اولها التضحية بعنادك.. مع أمنياتي لك بالتوفيق.
التعلیقات