الطفولة في خطر
مجلة الزهراء عليها السلام
منذ 8 سنواتالطفولة في خطر.. والتحديّات التي تواجه الأطفال والأحداث والمراهقين اكثر من ان تحصى.
لقد آن الاوان لتحرك عالمي جاد، من أجل وضع حد لانتهاك حقوق هذه الفئة البريئة من المجتمع، بغض النظر عن انتمائها العرقي والاجتماعي والديني، سواء كانت محسوبة على الشرق ام الغرب، على الشمال المترف أم الجنوب المستضعف؟ مادام الأطفال لايؤاخذون على تصرفاتهم وسلوكهم اذ غالباَ ما يتأثرون بالمحيط الاسري والاجتماعي دون ان يعرفوا مصلحتهم ويميّزوا بين ما ينفعهم وما يضرّهم. ولذا ينبغي تحييد الصغار في الصراعات الدولية وعدم تحميلهم اوزار الكبار ونتائج سياساتهم الهوجاء.
فالأطفال اليوم مهددّون وهم في بطون امهاتهم وتواجه مصيرهم، جملة من التحديات والضغوط، اما مستقبلهم فيكتنفه الغموض وتنتظره مآس كبرى دون ان يفكّر العالم ويضع في حسابه رعاية هؤلاء الصغار صانعي المستقبل.
فأي جيل سينشأ في ظل هذه الطفولة المسحوقة المعذّبة؟ الطفل هو اللبنة الاولى في المجتمع، وهو نواة الجيل الصاعد. الطفل هو الرافد الذي يمدّ المجتمع بالرصيد الاحتياطي دائماَ.
الطفل يفتقر الى تربة صالحة يترعرع فيها، انه يحمل كل سمات الحياة بصورة مصغّرة، في سعادتها وشقائها، في تفوقّها وتأخّرها، في حربها وسلمها.
واليوم نرى اهمالاَ متعمداَ لقضية الطفولة أو تمييزاَ واضحاَ في المعاملة بين طفل وآخر من قبل هيئات ومؤسسات تعنى بالطفولة والأطفال، سواء كانت هذه المؤسسات الانسانية، اهلية أو حكومية تتبناها الدول والانظمة وتضع لوائحها وقوانينها. وكأن الاطفال يمثّلون حكوماتهم ويعبّرون عن مواقفها وسياساتها، فيحرم طفل ويمنح آخر كل الامتيازات وينال الرعاية الكاملة.
اطفال يسحقون تحت وطأة الحروب والمعارك بين الدول المتنافسة وآخرون ينامون مطمئنين على انغام الموسيقى الهادئة.
اطفال يفترشون الثرى وهم كهياكل عظيمة من الجوع والحرمان، وآخرون يضطجعون على فرش وثيرة وهم متخمون.. والطفولة في كل الأحوال واحدة... والاثنان لا يدركان حقيقة الامور لانهما لا يعيان ما يجري حولهما من حوادث ووقائع.
وحتى المراكز والجمعيات المعنية بالطفل ومشاكله والمتفهمة لمعاناته دون تمييزا ومحاباة، لا تفي بالحاجة ولا تحل المشكلة لانّها مراكز ذات قدرات وقابليات محدودة لا تقدر على مواكبة هذه القضية الحساسة. قضية الطفولة التي بدأت بالتفاقم في الآونة الاخيرة بسبب الحروب الطاحنة والازمات الاقتصادية الخانقة.
فماذا جنى الاطفال حتى يدفعوا ثمن صراعات وحوادث لم يسهموا في إثارتها أو تحريكها؟
فمنذ أن يبصر الطفل النور، وهو يرى نفسه وسط المعاناة، فإذا لم يقتله الجوع، قضت عليه الامراض والاوبئة، واذا كتبت له الحياة، صرعته الحروب المدمّرة. واذا عاش، عاش بائساَ مشرّداَ، تتجاذبه المآسي من كل جانب وأنى يتّجه، دون ان يعي العوامل والاسباب التي اوصلته الى هذه الحال المأساوية.
حقوق الاطفال في القانون الدولي... حبر على ورق!
لم يكن الحديث عن حقوق الطفل في القانون الدولي، امراَ متصوراَ قبل القرن الحالي، فقد اصبح ابرام معاهدات دولية او اصدار اعلانات دولية حول المرأة والطفل، أمراَ مألوفاَ وشائعاَ، وقد بات واضحاَ ان رعاية الانسان اصبحت غاية دولية، فلا غرابة ان شغل موضوع رعاية الطفل حيّزاَ غير قليل من اهتمام القانون الدولي في كثير من نصوص المعاهدات والاعلانات الدولية وقرارات الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة والمنظمات التابعة للهيئة، وكلها كما يزعمون، تستهدف رعاية الطفل وحماية حقوقه وضمانها. لكننا اذا عقدنا مقارنة بين هذه الحقوق المدوّنة واوضاع الاطفال في هذه الايام، ثبتت لدينا مفارقات صارخة وأتضح مدى البون الشاسع بين النظرية والتطبيق! وكأن هذه الحقوق والقوانين المتعلّقة بالطفل والطفولة، انما هي مهيّاة للرصّ على رفوف الهيئة الدولية، لا ان تشق طريقها الى ارض الواقع!
التعلیقات