ما هي آثار اليأس ونتائجه؟
موقع وارث
منذ 7 سنواتما هي آثار اليأس ونتائجه؟
يذكر الإمام الخمينيّ قدس
سره في معرض حديثه عن جنود الجهل، الذي هو رأس كلّ شرّ، عدّة آثار لمثل هذه الخصلة المدمّرة.
1- التّقاعس عن العمل والخروج عن العبوديّة
يقول الإمام قدس سره: "ونتيجة هذا اليأس والقنوط والحرمان، التّقاعس عن العمل وفقدان الجدّ والاجتهاد، وانقطاع حبل العبوديّة، وإطلاق لجام العبد"1.
2- صعوبة الإصلاح
ويقول الإمام قدس سره: "واعلم بأنّ اليأس من رحمة الحقّ من أعظم الذنوب، ولا أظنّ أنّ هناك ذنباً أسوأ وأشدّ تأثيراً في النفس من القنوط من رحمة الله، فإنّ الظّلام الدّامس إذا غشي قلب الإنسان اليائس من الرّحمة الإلهيّة، لما أمكن إصلاحه، ولتحوَّل إلى طاغية، لا يوجد سبيل للهيمنة عليه"2.
3- الابتعاد عن الحقّ
ولو تأمّلنا في كلّ واحدة من هذه الآثار لوجدناها كفيلةً بإخراج الإنسان عن صراط الله المستقيم. ولهذا، قال الإمام بأنّنا قد لا نجد خصلةً كاليأس من حيث إبعاد الإنسان عن الحقّ تعالى. وقد قيل بأنّ هذه الحالة هي غاية ما يصبو إليه إبليس عدوّ الإنسان. وليس غريباً أن يكون إبليس أوّل المتّصفين بهذه الصّفة الخبيثة. وسوف تتّضح أكثر وخامة هذه الحالة عند الحديث عن أسبابها، ويتكشّف كلام الإمام عن العديد من الدلالات المفيدة.
يقول الإمام قدس سره: "وهذه حال قلّما تجد نظيراً لها في إبعاد العبد الشقيّ عن حضرة مولاه الحقّ تعالى، وطرده عن مقامه القدسيّ، وحرمانه من رحمته الواسعة"3.
من أين ينشأ اليأس؟
1- الجهل بالله والكفر به
إنّ اليأس ـ كما مرّ ـ يترافق مع حالة من الإحجام والابتعاد، لكن ليس كلّ إحجام أو ترك يأسًا، فالخوف من الله تعالى يستلزم أن يتورّع الإنسان عن الكثير من الأمور في هذه الحياة الدّنيا، ولهذا كان لا بدّ من معرفة الفارق بين الخوف من الله واليأس منه.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "اعلم أنّ مصدر كلٍّ من الخوف من الحقّ تعالى، واليأس والقنوط من رحمته، مختلفان وآثارهما وثمارهما متمايزة أيضاً. فالخوف ناتجٌ من تجلّي جلال الحقّ ـ جلّ جلاله ـ وعظمته وكبريائه، أو من التّفكّر في شدّة بأسه ودقّة حسابه، ووعيده بالعذاب والعقاب، أو من رؤية العبد لنقصه وتقصيره في القيام بالأمر (الإلهيّ). ولا ينافي أيّ من هذه الأمور الرّجاء والثّقة بالرّحمة. وثمرة الخوف من الله الاجتهاد في القيام بأمر الله وتمام المواظبة على طاعته... أمّا القنوط واليأس من رحمة الحقّ تعالى فهو ناتج من تحديد وتقييد القانط للرّحمة الإلهيّة، وتوهّمه أنّ الغفران والعفو الإلهيّ أضيق من أن يشمل وجوده الذي لا قيمة له أساسًا. وهذا القنوط من أكبر الكبائر، بل هو إلحادٌ بأسماء الله، وباطنه كفرٌ بالله العظيم وجهلٌ بالمقام المقدّس للحقّ تعالى وحضراته الأسمائيّة والصّفاتيّة والأفعاليّة"4.
إنّ الشرّ الذي أشرنا إليه، كعامل لإبقاء الجهل والتّمسّك به لتبرير حالة اليأس، ليس سوى الكفر، ولهذا لا ييأس من رحمة الله إلّا الكافر، كما قال تعالى: ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾5.
فالكفر رفضٌ متعمّد للفرص الإلهيّة والعطاءات الربّانيّة. وإنّما يتمسّك الكافر بالمقولات الجهليّة والمغالطات العقائديّة ويصرّ على توصيف ربّه بصفات باطلة غير حقّانيّة من أجل تبرير إعراضه المستمرّ عن تلك الفرص العظيمة.
ولو تأمّلنا في حقيقة الأمر، ونظرنا إلى أحوالنا وما نحن عليه من حرمان، لربّما قطعنا بأنّه لا يسلم أحدٌ منّا من اليأس من روح الله. هذا الرّوح الذي يظهر في عالم الطّبيعة بصورة الهداية والرّحمة التي لا حدّ لها والفرص اللامتناهية والإمكانات التي لا تُعدّ ولا تُحصى.
1- جنود العقل والجهل، ص136.
2- الأربعون حديثًا، ص 312.
3- جنود العقل والجهل، ص136.
4- جنود العقل والجهل، ص 135 - 136.
5- سورة يوسف، الآية 87.
التعلیقات