السيدة سكينة ومصائب الشام
زهراء الكواظمة
منذ سنتينهي سكينة بنت الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام، وأمّها الرباب بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس.
و كانت عقيلة قريش، ولها السيرة الجميلة. وكانت أيضا ذات الفضل والفضيلة والكرم الوافر والعقل الكامل والمكارم الزاخرة والمناقب الفاخرة، وسيّدة نساء عصرها وأجملهنّ وأظرفهنّ وأحسنهنّ أخلاقا. ولها في وقعة الطفّ خمس عشرة سنة أو اثنتان وعشرون سنة. وكانت في كربلاء متزوّجة من ابن عمّه عبد اللّه بن الحسن المجتبى عليه السّلام الشهيد بالطفّ.(1)
قال سهل الساعدي:(2) دخلت الشام فرأيت الأسواق معطلة والدكاكين مقفّلة والناس في فرح وسرور، فقلت في نفسي: لعل لأهل الشام عيد لا أعرفه قال: فرأيت جماعة يتحدّثون، فقلت: مالي أرى الناس في فرح وسرور؟ فقالوا: كأنّك غريب؟ قلت: نعم، فقالوا: ما أعجبك أنّ السماء لا تمطر دماً والأرض لا تنخسف بأهلها؟! قلت: ولم ذاك؟ قالوا: هذا رأس الحسين عليهالسلام يهدى من العراق. فقلت: وا عجباه! يهدى رأس الحسين والناس يفرحون! ثم قلت لهم: من أيّ باب يدخل؟ فأشاروا إلى باب يقال له باب الساعات.
قال: فبينا أنا كذلك، وإذا بالرايات يتلوا بعضها بعضا، وإذا نحن بفارس يحمل سناناً عليه رأس من أشبه الناس وجها برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن خلفه النساء على الجمال بغير غطاء ووطاء، فدنوت من إحدى النساء، وقلت لها: يا جارية من أنت؟ فقالت: أنا سكينة ابنة الحسين عليه السلام. فقلت لها: ألك حاجة فأقضيها سيّدتي؟ أنا سهل الساعدي ممّن رأى جدّك رسول الله وسمع حديثه. قالت: يا سهل، قل لحامل هذا الرأس أن يقدّم الرؤوس أمامنا حتى يشغل الناس بالنظر إليها قال: فدنوت من حامل الرأس فقلت له: هل لك أن تقضي حاجتي وتأخذ منّي أربعمائة دينار؟ قال: وما هي؟ قلت: تقدّم الرأس أمام المحامل ففعل ذلك، ودفعت إليه ما وعدته.(3)
محاورة سكينة بنت الحسين عليه السلام مع يزيد
ثم إن يزيد أمر بإحضار السبايا، فأحضروا بين يديه. فلما حضروا عنده جعل ينظر إليهن، ويسأل من هذه، من هذا؟ فقيل: هذه أم كلثوم الكبرى، وهذه أم كلثوم الصغرى، وهذه صفيّة، وهذه أم هاني، وهذه رقية: بنات علي عليه السلام. وهذه سكينة، وهذه فاطمة: بنتا الحسين عليه السلام، وهذا علي بن الحسين عليه السلام.
و كانت عقيلة قريش، ولها السيرة الجميلة. وكانت أيضا ذات الفضل والفضيلة والكرم الوافر والعقل الكامل والمكارم الزاخرة والمناقب الفاخرة، وسيّدة نساء عصرها وأجملهنّ وأظرفهنّ وأحسنهنّ أخلاقا. ولها في وقعة الطفّ خمس عشرة سنة أو اثنتان وعشرون سنة. وكانت في كربلاء متزوّجة من ابن عمّه عبد اللّه بن الحسن المجتبى عليه السّلام الشهيد بالطفّ.(1)
قال سهل الساعدي:(2) دخلت الشام فرأيت الأسواق معطلة والدكاكين مقفّلة والناس في فرح وسرور، فقلت في نفسي: لعل لأهل الشام عيد لا أعرفه قال: فرأيت جماعة يتحدّثون، فقلت: مالي أرى الناس في فرح وسرور؟ فقالوا: كأنّك غريب؟ قلت: نعم، فقالوا: ما أعجبك أنّ السماء لا تمطر دماً والأرض لا تنخسف بأهلها؟! قلت: ولم ذاك؟ قالوا: هذا رأس الحسين عليهالسلام يهدى من العراق. فقلت: وا عجباه! يهدى رأس الحسين والناس يفرحون! ثم قلت لهم: من أيّ باب يدخل؟ فأشاروا إلى باب يقال له باب الساعات.
قال: فبينا أنا كذلك، وإذا بالرايات يتلوا بعضها بعضا، وإذا نحن بفارس يحمل سناناً عليه رأس من أشبه الناس وجها برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن خلفه النساء على الجمال بغير غطاء ووطاء، فدنوت من إحدى النساء، وقلت لها: يا جارية من أنت؟ فقالت: أنا سكينة ابنة الحسين عليه السلام. فقلت لها: ألك حاجة فأقضيها سيّدتي؟ أنا سهل الساعدي ممّن رأى جدّك رسول الله وسمع حديثه. قالت: يا سهل، قل لحامل هذا الرأس أن يقدّم الرؤوس أمامنا حتى يشغل الناس بالنظر إليها قال: فدنوت من حامل الرأس فقلت له: هل لك أن تقضي حاجتي وتأخذ منّي أربعمائة دينار؟ قال: وما هي؟ قلت: تقدّم الرأس أمام المحامل ففعل ذلك، ودفعت إليه ما وعدته.(3)
محاورة سكينة بنت الحسين عليه السلام مع يزيد
ثم إن يزيد أمر بإحضار السبايا، فأحضروا بين يديه. فلما حضروا عنده جعل ينظر إليهن، ويسأل من هذه، من هذا؟ فقيل: هذه أم كلثوم الكبرى، وهذه أم كلثوم الصغرى، وهذه صفيّة، وهذه أم هاني، وهذه رقية: بنات علي عليه السلام. وهذه سكينة، وهذه فاطمة: بنتا الحسين عليه السلام، وهذا علي بن الحسين عليه السلام.
فالتفت اللعين إلى سكينة، وقال: يا سكينة، أبوك الّذي جهل حقي، وقطع رحمي، ونازعني في ملكي.
تقريع سكينة ليزيد
فبكت سكينة عليه السلام وقالت: «لا تفرح بقتل أبي، فإنه كان مطيعا لله ولرسوله، ودعاه إليه فأجابه، وسعد بذلك. وإن لك -يا يزيد- بين يدي اللّه مقاما يسألك عنه، فاستعدّ للمسألة جوابا، وأنّى لك الجواب!».(4)
ثم أمر بهم إلى منزل لا يكنهم من حر ولا بردٍ، فأقاموا فيه حتى تقشرت وجوههم، وكانوا مدة مقامهم في البلد المشار اليه ينوحون على الحسين عليه السلام.
وقال ابن نما: ورأت سكينة في منامها وهي بدمشق كأن خمسة نجب من نور قد أقبلت وعلى كل نجيب شيخ والملائكة محدقة بهم ومعهم وصيف يمشي، فمضى النجب، وأقبل الوصيف إلي وقرب مني، وقال: يا سكينة، إن جدك يسلم عليك، فقلت: وعلى رسول الله السلام. يا رسول من أنت؟ قال: وصيف من وصائف الجنة، فقلت من هؤلاء المشيخة الذين جاءوا على النجب. قال: الأول آدم صفوة الله، والثاني إبراهيم خليل الله، والثالث موسى كليم الله، والرابع عيسى روح الله، فقلت: من هذا القابض على لحيته يسقط مرة، ويقوم أخرى؟ فقال: جدك رسول الله صلى الله عليه واله، فقلت: وأين هم قاصدون؟ قال إلى أبيك الحسين، فأقبلت أسعى في طلبه؛ لأعرفه ما صنع بنا الظالمون بعده.
فبينما أنا كذلك إذ أقبلت خمسة هوادج من نور في كل هودج امرأة، فقلت: من هذه النسوة المقبلات؟ قال: الأولى حواء أم البشر، والثانية آسية بنت مزاحم، والثالثة مريم ابنة عمران، والرابعة خديجة بنت خويلد، فقلت: من الخامسة الواضعة يدها على رأسها تسقط مرة، وتقوم أخرى؟ فقال: جدتك فاطمة بنت محمد أم أبيك، فقلت: والله، لأخبرنها ما صنع بنا، فلحقتها، ووقفت بين يديها أبكي، وأقول: يا أمتاه جحدوا والله حقنا! يا أمتاه بددوا -والله- شملنا! يا أمتاه استباحوا -والله- حريمنا! يا أمتاه قتلوا -والله- الحسين أبانا! فقالت: «كفي صوتك يا سكينة! فقد أحرقت كبدي! وقطعت نياط قلبي! هذا قميص أبيك الحسين معي لا يفارقني حتى ألقى الله به!»، ثم انتبهت، وأردت كتمان ذلك المنام، وحدثت به أهلي فشاع بين الناس.(5)
تقريع سكينة ليزيد
فبكت سكينة عليه السلام وقالت: «لا تفرح بقتل أبي، فإنه كان مطيعا لله ولرسوله، ودعاه إليه فأجابه، وسعد بذلك. وإن لك -يا يزيد- بين يدي اللّه مقاما يسألك عنه، فاستعدّ للمسألة جوابا، وأنّى لك الجواب!».(4)
ثم أمر بهم إلى منزل لا يكنهم من حر ولا بردٍ، فأقاموا فيه حتى تقشرت وجوههم، وكانوا مدة مقامهم في البلد المشار اليه ينوحون على الحسين عليه السلام.
وقال ابن نما: ورأت سكينة في منامها وهي بدمشق كأن خمسة نجب من نور قد أقبلت وعلى كل نجيب شيخ والملائكة محدقة بهم ومعهم وصيف يمشي، فمضى النجب، وأقبل الوصيف إلي وقرب مني، وقال: يا سكينة، إن جدك يسلم عليك، فقلت: وعلى رسول الله السلام. يا رسول من أنت؟ قال: وصيف من وصائف الجنة، فقلت من هؤلاء المشيخة الذين جاءوا على النجب. قال: الأول آدم صفوة الله، والثاني إبراهيم خليل الله، والثالث موسى كليم الله، والرابع عيسى روح الله، فقلت: من هذا القابض على لحيته يسقط مرة، ويقوم أخرى؟ فقال: جدك رسول الله صلى الله عليه واله، فقلت: وأين هم قاصدون؟ قال إلى أبيك الحسين، فأقبلت أسعى في طلبه؛ لأعرفه ما صنع بنا الظالمون بعده.
فبينما أنا كذلك إذ أقبلت خمسة هوادج من نور في كل هودج امرأة، فقلت: من هذه النسوة المقبلات؟ قال: الأولى حواء أم البشر، والثانية آسية بنت مزاحم، والثالثة مريم ابنة عمران، والرابعة خديجة بنت خويلد، فقلت: من الخامسة الواضعة يدها على رأسها تسقط مرة، وتقوم أخرى؟ فقال: جدتك فاطمة بنت محمد أم أبيك، فقلت: والله، لأخبرنها ما صنع بنا، فلحقتها، ووقفت بين يديها أبكي، وأقول: يا أمتاه جحدوا والله حقنا! يا أمتاه بددوا -والله- شملنا! يا أمتاه استباحوا -والله- حريمنا! يا أمتاه قتلوا -والله- الحسين أبانا! فقالت: «كفي صوتك يا سكينة! فقد أحرقت كبدي! وقطعت نياط قلبي! هذا قميص أبيك الحسين معي لا يفارقني حتى ألقى الله به!»، ثم انتبهت، وأردت كتمان ذلك المنام، وحدثت به أهلي فشاع بين الناس.(5)
1ـ مستدركات علم رجال الحديث / الشيخ علي النمازي الشاهرودي / المجلّد: 8 / الصفحة: 580.
2ـ سهل بن سعد الساعدي: كان من جملة الصحابة، من الحفاظ وكان آخر من مات بالمدينة من الصحابة رحمه الله.
3ـ ثمرات الأعواد / علي بن الحسين الهاشمي الخطيب / المجلّد: 2 / الصفحة: 30.
4ـ المنتخب للطريحي / الشيخ فخر الدين الطريحي / الصفحة: 486 / ط 2.
5ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد: 45 / الصفحة: 141 / ط مؤسسة الوفاء.
التعلیقات