مصائب عقيلة بني هاشم زينب الكبرى عليها السلام
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 9 أشهرقال بعض من حضرَ واقعة الطفّ : فواللهِ لا أنسى زينب بنت علي وهي تندب الحسين عليه السلام وتنادي بصوتٍ حزين وقلبٍ كئيب : وامحمداه صلّى عليك مليكُ السّما هذا حسينٌ بالعرا مرمّلٌ بالدّماء، مقطّعُ الأعضاء وبناتُكَ سبايا، فأبكت والله كلّ عدوٍّ وصديق. يقول هذا الرّاثي : وجّهت العقيلة زينب عليها السلام هنا خطابها إلى ثلاث جهات : الجهة الأولى هي لله تعالى حيث وضعت يدها تحت جسد الإمام عليه السلام ورفعته إلى السماء وهي تقول : اللهمّ تقبل منّا هذا القربان لوجهك الكريم. الجهة الثانية هي لرسول الله صلى الله عليه وآله حيث خاطبت جدّها بقولها : يا جدّاه يا رسول الله هذا حسينك بالعرا محزوزُ الوريد من القفا ، مسلوبُ العمامة والرّدا:
يجدي گوم شوف حسين مذبوح
على الشّاطي وعلى التّربان مطروح
يجدي ما بگلته امن الطعن روح
يجدي امن العطش گلبه تفطّر
يجدي الرّمح بفاده تثنّه
يجدي او بالوجه للسيف رنّه
يجدي الخيل صدره رضرضنه
ولا ظل عظم سالم ما تكسّر
والجهة الثالثة هي: الإمام الحسين نفسه عليه الصلاة والسلام حين وضعته على الأرض وأخذت تخاطبُهُ وتشكو له ما جرى عليهم بعده ولسان الحال :
من شفتك بحاله عجيبه
منحور والجثة سليبه
گام الگلب يسعر لهيبه
يابن النبي الهادي وحبيبه
ظليت من بعدك غريبه
أنا منين أبو الحمله أجيبه
عبيد الله بن زياد يبعث بعائلة الحسين عليه السلام إلى الشام
قال في اللهوف: وكتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بقتل الحسينعليهالسلام وخبر أهل بيته فلما وصله الكتاب ووقف عليه أعاد الجواب إلى ابن زياد يأمره بحمل رأس الحسين ورؤوس من قتل معه، وبحمل أثقاله ونساءه، فأنفذ ابن زياد، رأس الحسين إلى يزيد مع الأسارى موثقين في الحبال مع نسائه وصبيانه من بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أقتاب الجمال، مكشفات الوجوه، وأمر بن زياد أن يشهروهم في كل بلدة يدخلونها.
إدخال السبايا على يزيد
لما أدخلوا الرؤوس والسبايا في دمشق الشام، أمر يزيد فزينت داره بأنواع الزينة وأوصلوا الرؤوس والنساء وقت الزوال إلى باب يزيد، فأوقفوهم ثلاث ساعات ليأذن لهم يزيد بالدخول، بعد ذلك أدخلوا بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحريمه عليه.
وروي عن الإمام الباقر عليه السلام انه قال: أتي بنا يزيد بن معاوية بعد ما قتل الحسين عليه السلام ونحن اثنا عشر غلاما وكان أكبرنا يومئذ أبي علي بن الحسين عليه السلام فأدخلنا عليه وكان كل واحد منا مغلولة يده إلى عنقه. فجعل رأس الحسين بين يديه وأجلس النساء خلفه لئلا ينظرن إليه أي لوجه الحسين عليه السلام لأنه يريد حرمانهم من النظر إليه وتلك من خساسة طبعه إليه ثم دعا بسوط فجعل ينكب به ثنايا الحسين عليه السلام ويترنم بأبياته ابن الزبعرى:
لعبت هاشم بالملك فلا
خبر جاء ولا وحي نزل
أما زينب فإنها لما رأته ينكت ثنايا أخيها الحسين عليه السلام نادت بصوت حزين يقرّح القلوب: يا حسيناه، يا حبيب رسول الله، يا ابن مكة ومنى، يا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء، ويا ابن بنت المصطفى (1).
وروي عن الإمام الباقر عليه السلام انه قال: أتي بنا يزيد بن معاوية بعد ما قتل الحسين عليه السلام ونحن اثنا عشر غلاما وكان أكبرنا يومئذ أبي علي بن الحسين عليه السلام فأدخلنا عليه وكان كل واحد منا مغلولة يده إلى عنقه. فجعل رأس الحسين بين يديه وأجلس النساء خلفه لئلا ينظرن إليه أي لوجه الحسين عليه السلام لأنه يريد حرمانهم من النظر إليه وتلك من خساسة طبعه إليه ثم دعا بسوط فجعل ينكب به ثنايا الحسين عليه السلام ويترنم بأبياته ابن الزبعرى:
لعبت هاشم بالملك فلا
خبر جاء ولا وحي نزل
أما زينب فإنها لما رأته ينكت ثنايا أخيها الحسين عليه السلام نادت بصوت حزين يقرّح القلوب: يا حسيناه، يا حبيب رسول الله، يا ابن مكة ومنى، يا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء، ويا ابن بنت المصطفى (1).
يحسين راسك حين شفته
تلعب عصه ايزيد اعله شفته
ذاك الوكت وجهي لطمته
او صديت له ابحرگه او ندهته
شلّت يمينك يالضربته
شتمني او تعدت له شتمته
يا سلوة الهادي او مهجته
يا أخو المثلك ضيّع اخته
لچن معذور يالحزوا رگبته
تلعب عصه ايزيد اعله شفته
ذاك الوكت وجهي لطمته
او صديت له ابحرگه او ندهته
شلّت يمينك يالضربته
شتمني او تعدت له شتمته
يا سلوة الهادي او مهجته
يا أخو المثلك ضيّع اخته
لچن معذور يالحزوا رگبته
فَقَامَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام فَقَالَتْ : « الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَ آلِهِ أَجْمَعِينَ صَدَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ كَذَلِكَ يَقُولُ ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ أَ ظَنَنْتَ يَا يَزِيدُ حَيْثُ أَخَذْتَ عَلَيْنَا أَقْطَارَ الْأَرْضِ وَ آفَاقَ السَّمَاءِ فَأَصْبَحْنَا نُسَاقُ كَمَا تُسَاقُ الْأُسَرَاءُ أَنَّ بِنَا هَوَاناً عَلَيْهِ وَ بِكَ عَلَيْهِ كَرَامَةً وَ أَنَّ ذَلِكَ لِعِظَمِ خَطَرِكَ عِنْدَهُ فَشَمَخْتَ بِأَنْفِكَ وَ نَظَرْتَ فِي عِطْفِكَ جَذْلَانَ مَسْرُوراً حَيْثُ رَأَيْتَ الدُّنْيَا لَكَ مُسْتَوْثِقَةً وَ الْأُمُورَ مُتَّسِقَةً وَ حِينَ صَفَا لَكَ مُلْكُنَا وَ سُلْطَانُنَا فَمَهْلًا مَهْلًا أَ نَسِيتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ ﴾ أَ مِنَ الْعَدْلِ يَا ابْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِيرُكَ حَرَائِرَكَ وَ إِمَاءَكَ وَ سَوْقُكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ ص سَبَايَا قَدْ هَتَكْتَ سُتُورَهُنَّ وَ أَبْدَيْتَ وُجُوهَهُنَّ تَحْدُو بِهِنَّ الْأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَ يَسْتَشْرِفُهُنَّ أَهْلُ الْمَنَاهِلِ وَ الْمَنَاقِلِ وَ يَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِيبُ وَ الْبَعِيدُ وَ الدَّنِيُّ وَ الشَّرِيفُ لَيْسَ مَعَهُنَّ مِنْ رِجَالِهِنَّ وَلِيٌّ وَ لَا مِنْ حُمَاتِهِنَّ حَمِيٌّ وَ كَيْفَ يُرْتَجَى مُرَاقَبَةُ مَنْ لَفَظَ فُوهُ أَكْبَادَ الْأَزْكِيَاءِ وَ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنْ دِمَاءِ الشُّهَدَاءِ وَ كَيْفَ يَسْتَبْطِئُ فِي بُغْضِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ مَنْ نَظَرَ إِلَيْنَا بِالشَّنَفِ وَ الشَّنَئَانِ وَ الْإِحَنِ وَ الْأَضْغَانِ ثُمَّ تَقُولُ غَيْرَ مُتَأَثِّمٍ وَ لَا مُسْتَعْظِمٍ-
لَأَهَلُّوا وَ اسْتَهَلُّوا فَرَحاً * * * ثُمَّ قَالُوا يَا يَزِيدُ لَا تُشَلَ
مُنْتَحِياً عَلَى ثَنَايَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَنْكُتُهَا بِمِخْصَرَتِكَ وَ كَيْفَ لَا تَقُولُ ذَلِكَ وَ قَدْ نَكَأْتَ الْقَرْحَةَ وَ اسْتَأْصَلْتَ الشَّافَةَ بِإِرَاقَتِكَ دِمَاءَ ذُرِّيَّةِ مُحَمَّدٍ ص وَ نُجُومِ الْأَرْضِ مِنْ آلِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ تَهْتِفُ بِأَشْيَاخِكَ زَعَمْتَ أَنَّكَ تُنَادِيهِمْ فَلَتَرِدَنَّ وَشِيكاً مَوْرِدَهُمْ وَ لَتَوَدَّنَّ أَنَّكَ شَلَلْتَ وَ بَكِمْتَ وَ لَمْ تَكُنْ قُلْتَ مَا قُلْتَ وَ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ اللَّهُمَّ خُذْ لَنَا بِحَقِّنَا وَ انْتَقِمْ مِنْ ظَالِمِنَا وَ أَحْلِلْ غَضَبَكَ بِمَنْ سَفَكَ دِمَاءَنَا وَ قَتَلَ حُمَاتَنَا فَوَ اللَّهِ مَا فَرَيْتَ إِلَّا جِلْدَكَ وَ لَا حَزَزْتَ إِلَّا لَحْمَكَ وَ لَتَرِدَنَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص بِمَا تَحَمَّلْتَ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ ذُرِّيَّتِهِ وَ انْتَهَكْتَ مِنْ حُرْمَتِهِ فِي عِتْرَتِهِ وَ لُحْمَتِهِ حَيْثُ يَجْمَعُ اللَّهُ شَمْلَهُمْ وَ يَلُمُّ شَعَثَهُمْ وَ يَأْخُذُ بِحَقِّهِمْ ﴿ وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ وَ حَسْبُكَ بِاللَّهِ حَاكِماً وَ بِمُحَمَّدٍ ص خَصِيماً وَ بِجَبْرَئِيلَ ظَهِيراً وَ سَيَعْلَمُ مَنْ سَوَّلَ لَكَ وَ مَكَّنَكَ مِنْ رِقَابِ الْمُسْلِمِينَ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا وَ أَيُّكُمْ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضْعَفُ جُنْداً وَ لَئِنْ جَرَّتْ عَلَيَّ الدَّوَاهِي مُخَاطَبَتَكَ إِنِّي لَأَسْتَصْغِرُ قَدْرَكَ وَ أَسْتَعْظِمُ تَقْرِيعَكَ وَ أَسْتَكْثِرُ تَوْبِيخَكَ لَكِنَّ الْعُيُونَ عبْرَى وَ الصُّدُورَ حَرَّى أَلَا فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِقَتْلِ حِزْبِ اللَّهِ النُّجَبَاءِ بِحِزْبِ الشَّيْطَانِ الطُّلَقَاءِ فَهَذِهِ الْأَيْدِي تَنْطِفُ مِنْ دِمَائِنَا وَ الْأَفْوَاهُ تَتَحَلَّبُ مِنْ لُحُومِنَا وَ تِلْكَ الْجُثَثُ الطَّوَاهِرُ الزَّوَاكِي تَنْتَابُهَا الْعَوَاسِلُ وَ تُعَفِّرُهَا أُمَّهَاتُ الْفَرَاعِلِ وَ لَئِنِ اتَّخَذْتَنَا مَغْنَماً لَتَجِدَنَّا وَشِيكاً مَغْرَماً حِينَ لَا تَجِدُ إِلَّا مَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فَإِلَى اللَّهِ الْمُشْتَكَى وَ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ فَكِدْ كَيْدَكَ وَ اسْعَ سَعْيَكَ وَ نَاصِبْ جُهْدَكَ فَوَ اللَّهِ لَا تَمْحُو ذِكْرَنَا وَ لَا تُمِيتُ وَحْيَنَا وَ لَا تُدْرِكُ أَمَدَنَا وَ لَا تَرْحَضُ عَنْكَ عَارَهَا وَ هَلْ رَأْيُكَ إِلَّا فَنَدٌ وَ أَيَّامُكَ إِلَّا عَدَدٌ وَ جَمْعُكَ إِلَّا بَدَدٌ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ فَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الَّذِي خَتَمَ لِأَوَّلِنَا بِالسَّعَادَةِ وَ الْمَغْفِرَةِ وَ لِآخِرِنَا بِالشَّهَادَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُكْمِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ وَ يُوجِبَ لَهُمُ الْمَزِيدَ وَ يُحْسِنَ عَلَيْنَا الْخِلَافَةَ إِنَّهُ رَحِيمٌ وَدُودٌ وَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ ».(2)
1ـ نفس المهموم في مصيبة سيدنا الحسين المظلوم / الشيخ عباس القمي / المجلّد : 1 / الصفحة : 404.
2ـ اللهوف على قتلى الطفوف/ السيد بن طاووس / المجلّد : 1 / الصفحة : 186.
التعلیقات