يوم مكافحة العنف ضد النساء والتحديات التي تواجهها النساء في الدول الإسلامية
السيد حسين الهاشمي
منذ 39 ثانيةيُعدّ يوم 25 نوفمبر من كل عام مناسبة عالمية مخصّصة لمناهضة العنف ضد المرأة، وتعرف رسمياً بـ (اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة). يستهدف هذا اليوم نشر الوعي حول العنف الذي تتعرض له النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم، وحشد الجهود لإتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة المتفشية. في العديد من الدول الإسلامية، تواجه النساء تحديات فريدة ناجمة عن التقاليد الثقافية والاجتماعية التي تؤثّر على مكانتهن وحقوقهن. وأيضا العنصرية الناجمة عن التقاليد الشعبية والقبائلية يوجب العنف ضد النساء المسلمات. فلهذا قمنا بتجميع مطالب عديدة حول العنف ضد النساء خصوصا النساء المسلمات والتحديات التي تواجهها النساء المسلمات في الدول الإسلامية حول العنف والمقابلة معه.
مفهوم العنف ضد النساء
العنف ضد النساء هو سلوك متعمد يهدف إلى إلحاق الأذى أو الضرر بالمرأة، سواء كان ذلك على المستوى الجسدي أو النفسي أو الجنسي أو الاقتصادي. يُعدّ هذا النوع من العنف أحد أشكال التمييز ضد المرأة وانتهاكاً لحقوقها الإنسانية الأساسية. يتجلي العنف ضد النساء في تصرفات وممارسات تهدف إلى فرض السيطرة والتحكم عليهن، مما يترك آثارًا طويلة الأمد على الضحايا وعائلاتهن والمجتمع.
أنواع العنف ضد النساء
للعنف ضد النساء أنواع مختلفة. وفي الحقيقة هذه الأنواع ترتبط بأنحاء وجود المرأة في العائلة والمجتمع وأقسام تعامل النساء مع الآخرين.
الأول: العنف الجسدي
العنف الجسدي ضد النساء يشمل جميع الأفعال التي تستخدم القوة الجسدية لإيذاء المرأة، مثل الضرب أو الركل أو الدفع أو استخدام السلاح. هذا النوع من العنف غالباً ما يترك إصابات جسدية واضحة ويمكن أن يؤدي في أسوأ الأحوال إلى الموت.
الثاني: العنف النفسي
العنف النفسي يتضمن الأفعال التي تهدف إلى تدمير الثقة بالنفس لدى المرأة أو إذلالها، مثل الإهانة المستمرة والتهديد والإذلال أو عزلهن عن الأصدقاء والعائلة. هذا النوع من العنف يترك ندوبًا عميقة وغالبًا ما يكون له آثار طويلة الأمد على الصحة العقلية والنفسية للمرأة.
الثالث: العنف الجنسي
العنف الجنسي يشمل أي فعل جنسي يتم دون موافقة المرأة ويشمل الاغتصاب والتحرش الجنسي والاستغلال الجنسي. هذا النوع من العنف يعتبر انتهاكاً صارخاً للكرامة الإنسانية والحقوق الفردية.
الرابع: العنف الاقتصادي
العنف الاقتصادي يتضمن التحكم في الموارد المالية للمرأة أو منعها من الحصول على المال أو التعليم أو العمل. هذا الشكل من العنف يهدف إلى جعل المرأة تعتمد تمامًا على المعنف ويحرمها من الاستقلال الاقتصادي والقدرة على اتخاذ القرارات.
الخامس: العنف الاجتماعي
العنف الاجتماعي ضد النساء هو ظاهرة تشمل جميع أنواع الأفعال السلبية التي يمكن أن تمارس ضد المرأة من خلال المؤسسات الاجتماعية والثقافية. هذا النوع من العنف يتمثل بعزل النساء عن المشاركة في المجتمع بشكل كامل، وذلك بتحديد دورهن وتسميته فقط في الشؤون المنزلية أو الحد من مشاركتهن في الحياة العامة والسياسية.
وضعية العنف ضد النساء في الدول الإسلامية
يواجه العديد من النساء في هذه الدول أشكالًا متنوعة من العنف، بما في ذلك العنف الجسدي والنفسي والجنسي، مما يستدعي اهتمامًا خاصًا وعناية صارمة من جميع الجهات المعنية.
حسب الأرقام والاستقصائات الرسمية الدولية، هناك ثلاث أنواع من العنف ضد النساء هن أكثر الأنواع المتداولة للعنف في الدول الإسلامية. وهن العنف الأسري والتمييز في القوانين والتحرش الجنسي.
دور التعاليم الإسلامية في مكافحة العنف ضد النساء
تُعتبر التعاليم الإسلامية حجر الأساس في بناء مجتمع عادل يحترم كرامة جميع الأفراد، بما في ذلك النساء. لقد خصص الإسلام حقوقاً واضحة للنساء وأكّد على ضرورة معاملتهن بكرامة واحترام. ويمكن تلخيص دور هذه التعاليم في مكافحة العنف ضد النساء في الأمور التالية.
حقوق المرأة في الإسلام
الكرامة الإنسانية وإحترام النساء
يعتبر الإسلام أن جميع البشر، بغض النظر عن الجنس، يتمتعون بالكرامة وحقوق متساوية. وقد أكد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم على أهمية وكرامة النساء في العديد من أحاديثه. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:« إنما المرأة لعبة من اتخذها فلا يضيعها» (1)
حق الرعاية والأمان
منح الإسلام النساء حقوقًا خاصة، بما في ذلك حق الرعاية والأمان، ويجب على الأسرة والمجتمع ضمان ذلك.
تشجيع المعاملة الحسنة
هناك العديد من الآيات القرآنية التي تدعو إلى المعاملة الحسنة للنساء. فعلى سبيل المثال، يقول الله تعالى في القرآن:﴿وعاشروهن بالمعروف﴾ (2)، مما يشير إلى أهمية المعاملة الطيبة.
في أحاديث النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم تم التأكيد على ضرورة مراعاة حقوق النساء ومعاملتهن باللطف والحنان، مما يُعزز من قيمة الرعاية والدعم. فقد روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم:« خيركم خيركم لاهله وأنا خيركم لاهلي » (3).
تعزيز التعليم والتوعية
الإسلام يشجع على التعليم لكلا الجنسين. تمكين النساء من التعليم يساعد على توعيتهم بحقوقهم وسبل الدفاع عنها، مما يقلل من حالات العنف. وأيضا نفذت العديد من المنظمات الإسلامية حملات توعية لتسليط الضوء على حقوق النساء وأهمية مكافحة العنف، مستندة إلى التعاليم الإسلامية.
التحديات والعوائق التي تواجه النساء في البلدان الإسلامية
تواجه النساء في العديد من البلدان الإسلامية مجموعة متنوعة من التحديات والعوائق التي تؤثر على حقوقهن وحياتهن اليومية. فلنذكر البعض منها.
العوائق الاجتماعية والثقافية
العديد من المجتمعات تتبنى أعرافًا تقليدية تميز بين الجنسين وتحد من حرية النساء، مما يجعل من الصعب عليهن تحقيق طموحاتهن. النساء غالبًا ما يتعرضن لضغوط مجتمعية تقلل من فرصهن في التعليم والعمل وتدفعهن إلى الالتزام بأدوار تقليدية.
العوائق الاقتصادية
تواجه النساء تحديات كبيرة في سوق العمل، بما في ذلك التمييز في الأجور والفرص الوظيفية. وأيضا قلة الفرص الاقتصادية المتاحة للنساء بسبب التمييز أو عدم توفير البيئات الملائمة للعمل قد تعيق تقدمهن.
العوائق التعليمية
في بعض البلدان، يواجه الفتيات صعوبات في الحصول على تعليم جيد بسبب العوامل الاجتماعية أو الاقتصادية. وقد يكون هناك فجوة في التحصيل العلمي للفتيات مقارنة بالفتيان، مما يؤثر على قدرة النساء على المشاركة الفعالة في المجتمع.
العوائق الصحية
تواجه النساء صعوبات في الحصول على خدمات الرعاية الصحية الأساسية، بما في ذلك الرعاية الإنجابية. وفي بعض البلدان قلة الدعم النفسي والصحي تعزز من تحديات النساء في مواجهة الضغوطات النفسية والاجتماعية.
السبل والاقتراحات لتقليل العنف ضد النساء
تعتبر مشكلة العنف ضد النساء من القضايا المهمة التي تحتاج إلى معالجة فعّالة. تتطلب معالجة التحديات والعوائق التي تواجه النساء في البلدان الإسلامية جهودًا مشتركة من الأفراد والمجتمعات والحكومات. من خلال دعم حقوق النساء وتعزيز الفرص المتاحة لهن، يمكن أن نحدث تغييرًا إيجابيًا يساعد على تحسين حياتهن ويساهم في تقدم المجتمعات. وهنا نذكر بعض الاقتراحات
التوعية والتعليم
تنظيم حملات توعية لتعزيز فهم المجتمع حول حقوق النساء وأهمية احترام الكرامة الإنسانية. وأيضا تعليم الفتيات حقوقهن وكيفية الدفاع عنها، مما يُمكنهن من مواجهة العنف بشكل أكثر فعالية.
دعم الخدمات الصحية والنفسية
يجب توفير خدمات الرعاية الصحية الشاملة للنساء، بما في ذلك خدمات الصحة النفسية لمساعدتهن في التعافي من آثار العنف. وإنشاء مراكز دعم للنساء الناجيات من العنف وتقديم الاستشارات والمساعدة القانونية والنفسي يقلل من العنف ضد النساء.
تطوير البرامج المجتمعية
إنشاء برامج تؤكد على دور النساء في المجتمع تساعد في تعزيز مشاركتهن الاقتصادية والاجتماعية. تعزيز الشراكات بين منظمات المجتمع المدني والحكومات والقطاع الخاص لتقديم الدعم للنساء لديه دور أساسي في تقليل العنف ضد النساء.
وأيضا من أهم الطرق هي وضع مؤشرات لقياس مدى فعالية الجهود المبذولة للحد من العنف ضد النساء وتقييم النتائج بشكل دوري. ومن المهم جمع البيانات والمعلومات حول حالات العنف ضد النساء لتحليل الأسباب وابتكار الحلول المناسبة.
1) وسائل الشيعة (للشيخ حرّ العاملي) / المجلد: 14 / الصفحة: 119 / الناشر: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث – قم / الطبعة: 1.
2) سورة النساء، الآية: 19.
3) مكارم الأخلاق (لرضي الدين الطبرسي) / المجلد: 1 / الصفحة: 216 / الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – بيروت / الطبعة: 1.
التعلیقات