ألبوم الذكرى!
حورية خليفة المناوس
منذ 6 سنواتهلالٌ حنى الضلعَ في كبدِ السماءِ فأبكاها حمرةً وكدرًا ... يرفعُ أذانهُ حزينًا أن حيّ على التعازي والدمع إذا انحدرَ ...
إمامٌ مثقل بطود الأسى، يبث للجدّ المقدسِ شكواه بالجفن القريح ... برجاءٍ فحواه (ضُمني يا جدّاه عندك في هذا الضريح...)
حيث الكعبة وركن حطيمها، قلائد الموت تُنظم متأهبة لتزيين الأجياد بأوسمة الشهادة... والخطاب المؤسس للملحمة ينبري أن (من كان فينا باذلًا مهجته، فإني راحل مصبحًا) فليلحق بالركب مَن فداه زاده...!
..
نجمةٌ وحيدة في غسق الغربة الدمع منها قد انهمر .. مسلم حرّ أبيّ يُغدر بدغل الحفر .. فيسبق الحدث، ويتقلد وسام شهادة كربلائية على أرض الكوفة...!
..
حافر خيل يقف يأبى الحراك! نظرة ثاقبة بمرأى الغيب ترى الرفاة ترسم مواقعها منارات جَلال ... ويوجّه الأمر المحتوم، بأن هاهنا محط الرحال...!
..
حبيبٌ يُنبئ بمغيبات الوجد الزينبي .. حُر خيّر نفسه بين الجنة والنار، وما عسى أن يختار حرّ أبيّ ؟!... وهب وهب النفس وهني سنيّها! ... بُرير بار بدينه .. زهير مُزهر بوفاه .. بين شيخ وكهل وشاب يفوع .. رجال صدقوا فلبسوا القلوب على الدروع .. فكانوا محل اختيار السماء، لتمتزج دماؤهم بدماء العصمة؛ فيُنحلوا لقب الأنصار .. أحباء لو غَيْرُ الحِمامِ أصابهم لعتب السيد، ولكن لا عتاب على كائن الأقدار ..
..
عيونٌ عطشى ترمُق البطل وقِربته! .. عمٌ حتمًا هو الساقي! .. أخوّة وكفالة! .. مساحة شاسعة من تضحية وللوفاء أجلى الصور .. يسار تبتر بعد بتر اليمين! .. قربة مخروقة وعهد مُراق! .. عمدٌ يرتكب الجريمة فيخسف القمر!.. نصولٌ وحِراب وقنا، والأخ الموتور بأخيه الظمي! .. وأختٌ ترى أفول الكفيل على ضِفاف النهر العلقمي! ..
..
زفاف يُعلن موعده في يومٍ كثُر واتره، وقل ناصِره .. شاب يافع تُوْقدُ شموع أساه!.. دعوة لحضور الزفاف لأهله الرفاة! .. حياة عند العريس أرخص من شسع النعال! .. حُسنٌ من حَسنٍ ورث منه الطهر والكمال .. أم تعوّذه من النجاة من موت الفداء للعم الغريب! .. غريب يعزّ عليه أن لاستغاثة ابن أخيه لا يُجيب ..
..
شابٌ يقدم أطروحة عنوانها (لا نبالي أن نموت محقين ) .. أمٌ والهة ترقب أخبار الميدان في عيني الأب الحنون بحنين ..
وداعات خاصة كأنها الاحتضار! غطرِيف أصيَد، هو النبي محمد .. أو هو شبيه له! .. حيدرة يجدد عهدًا ببسالة النِزال .. أكبر بين سيوف أحقاد وضغن عسال .. (على الدنيا بعدك العفا) رسالة قلب مفجوع لابن مضرج دميّ ..
..
ليلة مزهرة ببدور تبادل نهارها الوظيفة بأفولِهم! وداع يرسم لُوَحهُ في الجوى وعلى التقاسيم وحروف الكلم!، (يادهر أف لك من خليل) تُحفَر في قناعات الراحلين .. ثوب خَلِق يمزق ليمتحن فضاضة الطامعين .. يد حانية تقلع الأشواك عن طريق يتامى الغد .. سيد يصنع لصَحبِه من ظلام الليل جِمالًا يضع أزمتها باليد .. نفوس بين أشوس وأقعس، خرقت قلوبها حجب النور، فرأت الجنان مرأى عين بجلاء.. تراتيل ملائكة البشر تتناغم مع سكون الليل، فتحيل قطعة من الأرض لقُدسِ سماء ..
..
ذروة الإيمان والصبر .. والتضحية والصمود .. والسمو والبذل .. والتفاني والفداء .. والأمل الألم .. والهجير والظما .. والوجد والثكل .. ومسيل الدموع والشفاة الذابلة! .. تتلملم الأجزاء، وتكتمل فصول القضية .. الدين وجوده محمدي وبقاؤه حسيني الهوية ..
(تبا لكم أيها الجماعة وترحا) تُلقِي الحُجّة الأخيرة على الطغيان .. هيهات، تُعلّم الذّلة معنى الصمود والعنفوان .. دماء الجندي الرضيع تُنثر من كف الأب الحاني محمّلة بالشكاية نحو السماء .. بُنيّة تجلس في كَسْرِ الخيمة هروبًا من وداع الصون و الحمى .. شخصية لا تكاد تُعْرَف، هل هي إمرأة؟! أم صبر عَلّم الصبر مَن هو! .. الزهراء تودّع حسينها في شخص زينب الإباء! .. حتوف لا يكاد يفقه أي جبين قد أدمى! .. قِسيّ نبلٍ مِن قَسيّ قومٍ منه مثلثٌ قد انبرى .. طودٌ يهوي فيبني صروح البقاء .. صدر الإمامة بالنعل يُرتقى .. رأس قداسة يُفصل لتتصل للدين العُرَى .. القربان الأعظم يقدّم بكفيّ الطُهر والرضا ..
..
جميعها صور من ألبوم الذكرى .. نتصفحها بالعيون الساكبة في كل عام .. لتسقي فينا شجرة القيم .. ونجدد للحسين وزينب الولاء ..
التعلیقات