زواج النبي الأكرم والسيدة خديجة صلوات الله عليهما
نساء خالدات
منذ 5 سنوات
لقد كانت خديجة عليها السلام من خيرة نساء قريش شرفاً، و أكثرهن مالاً، و أحسنهن جمالاً، و كانت تدعى في الجاهلية ب(الطاهرة)، ويقال لها: (سيدة قريش)، وكل رجل من قومها كان حريصاً على الاقتران بها لو يقدر عليه، (1) وقد خطبها عظماء قريش، وبذلوا لها الأموال.
ولكن لم تجب على أحد بالرضا للزواج، فكأنها كانت تنتظر شخصاً صادقاً في قوله وفعله وأميناً على ما يؤتمن، فاختارت النبي الأكرم صلى اللّه عليه وآله، لما عرفته، وعرفت ما فيه من كرم الأخلاق، وشرف النفس، والسجايا الكريمة العالية، وهي التي قد أبدت أولا رغبتها في الاقتران بالنبي الأكرم صلى اللّه عليه وآله. (2)
كيفية الخطبة والزواج:
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتزوج خديجة بنت خويلد أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش، حتى دخل على ورقة بن نوفل عم خديجة.
فابتدأ أبو طالب بالكلام فقال: الحمد لرب هذا البيت، الذي جعلنا من زرع إبراهيم، وذرية إسماعيل، وأنزلنا حرما آمنا، وجعلنا الحكام على الناس، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه، ثم إن ابن أخي هذا - يعني رسول الله صلى الله عليه وآله - ممن لا يوزن برجل من قريش إلا رجح به، ولا يقاس به رجل إلا عظم عنه، ولا عدل له في الخلق، وإن كان مقلا في المال؛ فإن المال رفد جار، وظل زائل، وله في خديجة رغبة، ولها فيه رغبة، وقد جئناك لنخطبها إليك برضاها وأمرها، والمهر علي في مالي الذي سألتموه عاجله وآجله، وله ورب هذا البيت حظ عظيم ودين شائع ورأي كامل.
ثم سكت أبو طالب، وتكلم عمها، وتلجلج، وقصر عن جواب أبي طالب، وأدركه القطع والبهر، وكان رجلا من القسيسين.
فقالت خديجة مبتدئة: يا عماه، إنك وإن كنت أولى بنفسي مني في الشهود، فلست أولى بي من نفسي، قد زوجتك يا محمد نفسي، والمهر علي في مالي، فأمر عمك، فلينحر ناقة، فليولم بها، وادخل على أهلك.
قال أبو طالب: أشهدوا عليها بقبولها محمدا وضمانها المهر في مالها.
فقال بعض قريش: يا عجباه المهر على النساء للرجال! فغضب أبو طالب غضبا شديدا، وقام على قدميه، وكان ممن يهابه الرجال، ويكره غضبه، فقال: إذا كانوا مثل ابن أخي هذا طلبت الرجال بأغلا الأثمان وأعظم المهر، وإذا كانوا أمثالكم لم يزوجوا إلا بالمهر الغالي. ونحر أبو طالب ناقة، ودخل رسول الله صلى الله عليه وآله بأهله.
وقال رجل من قريش يقال له عبد الله بن غنم:
هنيئا مريئا يا خديجة قد جرت *** لك الطير فيما كان منك بأسعد
تزوجته خير البرية كلها *** ومن ذا الذي في الناس مثل محمد
وبشر به البر أنّ عيسى بن مريم *** وموسى بن عمران فيا قرب موعد
أقرت به الكتاب قدما بأنّه *** رسول من البطحاء هاد ومهتد (3)
ـــــ
1ـ البداية والنهاية: ج 2، ص 294؛ والسيرة النبوية لابن هشام: ج 1، ص 201.
2ـ الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله: ج2، ص 192.
3ـ الكافي: ج5، ص 375.
التعلیقات