أم المؤمنين خديجة رضوان الله عليها
السَّـيدة مريم نورالدّين فضل الله
منذ 12 سنةخديجة ام المؤمنين زوجة الرسول الكريم ، تزوجها صلى الله عليه وآله وسلم وكان سنه خمسة وعشرين سنة ـ وخديجة يومئذٍ ابنة أربعين سنة ، وهي أول امرأة دخلت حياته ، ولم يتزوج عليها حتى ماتت .
لقد أجمع أهل السير والتاريخ أن خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى ابن قصي (1) كانت امرأة تاجرة ، ذات شرف ومال ، تستأجر الرجال في مالها ، وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه ، وكانت قريش تجاراً . فلما بلغها عن رسول الله ( ص ) صدق الحديث وعظم الأمانة ، وكرم الأخلاق ، أرسلت إليه ليخرج في مالها إلى الشام تاجراً ، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره مع غلامها ميسرة ، فأجابها .
خرج معه ميسرة حتى قدم الشام ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب ، فاطلع الراهب رأسه إلى ميسرة ، فقال : من هذا ؟؟ فقال ميسرة : هذا رجل من قريش ، فقال الراهب : ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي .
ثم باع رسول الله ( ص ) واشترى وعاد فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة ، يرى ملكين يظللانه من الشمس وهو على بعير ، فلما قدم مكة ربحت خديجة ربحاً كثيراً ، وحدثها ميسرة عن قول الراهب وما رأى من اظلال الملكين إياه .
كانت خديجة امرأة حازمة عاقلة شريفة مع ما أراد الله من كرامتها ، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعرضت عليه نفسها ، وكانت من أوسط نساء قريش نسباً (2) وأكثرهن مالاً وشرفاً . وكل رجل من قومها كان حريصاً على الزواج منها لو يقدر عليه .
فلما أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فأخبر أعمامه . وخرج ومعه حمزة بن عبد المطلب وأبو طالب وغيرهما من عمومته ، حتى دخل على خويلد بن أسد ، فخطبها إليه.
فتزوجها فولدت له أولاده كلهم ما عدا ابراهيم .
________________________________________
1ـ وعلى هذا فهي من أقرب النساء الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنه لم يتزوج من ذرية قصي غيرها سوى ام حبيبة وذلك بعد موت خديجة رضوان الله عليها ـ الكامل في التاريخ لابن الاثير .
2ـ كان يقال لها : سيدة قريش ـ لأن الوسط في ذكر النسب ـ من أوصاف المدح والتفضيل : يقال : فلان أوسط القبيلة ـ أي أعرقها في نسبها .
التعلیقات