أعمال ووقائع شهر ذي القعدة
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 3 سنواتمدة القرائة: 4 دقائق
ذو القعدة الحرام هو الشهر الحادي عشر من شهور السنة وفق التقويم الهجري الشائع، وسمي بهذا الاسم نحو عام 412 م في عهد كلاب بن مرة الجد الخامس للنبي محمد صلی الله عليه وآله وسلم. وقد جاءت التسمية؛ لأنّ العرب كانت تلزم فيه منازلها، وتقعد فيه عن القتال استعداداً للحج في ذي الحجة. وقيل: بل سمي بذلك لقعودهم في رحالهم عن الغزو وعن السفر؛ لابتياع طعامهم وطلب الكلأ.
- صلاة التوبة في يوم الأحد من شهر ذي القعدة
- كيفية الصلاة بتفاصيل الإمام الصادق عليه السلام
- ولادة السيّدة فاطمة المعصومة عليها السلام
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة في اليوم الاحد من هذا الشهر ذات فضل كثير وهي بهذه الصورة: أن يغتسل في يوم الأحد، ويتوضأ، ويصلي أربع ركعات يقرأ في كل منها الحمد مرة وقُل هُو الله أحَد ثلاث مرات والمعوّذتين مرّة، ثم يستغفر سبعين مرة، ثم يختم بكلمة: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ، ثم يقول: يا عَزِيزُ يا غَفَّارُ اغْفِرْ لِي ذُنوبِي وَذُنُوبَ جَمِيعِ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاّ أَنْتَ.(1)
الليلة الخامسة عشرة: ليلة مباركة ينظر الله تعالى فيها إلى عباده المؤمنين بالرحمة، وأجر العامل فيها بطاعة الله أجر مائة سائح ـ أي الصائم الملازم للمسجد ـ لم يعص الله طرفة عين، كما في (النبوي)؛ فاغتنم هذه الليلة، واشتغل فيها بالعبادة والطاعة والصلاة، وطلب الحاجات من الله، فقد روي أنه من سأل الله تعالى فيها حاجة أعطاه ما سأل.(2)
اليوم الثالث والعشرون: من سنة مائتين توفي فيه الإمام الرضا صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ على بعض الأقوال،(3) ومن المسنون فيه زيارة الإمام الرضا عليه السلام من قرب ومن بعد.
الليلة الخامسة والعشرون ليلة دحو الأَرْض: انبساط الأَرْض من تحت الكعبة على الماء ـ وهي ليلة شريفة تنزل فيها رحمة الله تعالى، وللقيام بالعبادة فيها أجر جزيل. وروي عن الحسين بن علي الوشاء قال: كنت مع أبي -وأنا غلام- فتعشينا عند الرضا عليه السلام ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة، فقال له: ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيم عليه السلام، وولد فيها عيسى بن مريم عليه السلام، وفيها دحيت الأَرْض من تحت الكعبة، فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستين شهراً. وقال على رواية أخرى: ألا إن فيها يقوم القائم عليه السلام.(4)
اليوم الخامس والعشرون يوم دحو الأَرْض: وهو أحد الأيام الأَرْبعة التي خصت بالصيام بين أيام السنة. وروى: أن صيامه يعدل صيام سبعين سنة، وهو كفارة لذنوب سبعين سنة، وعلى رواية أخرى: ومن صام هذا اليوم، وقام ليلته، فله عبادة مائة سنة، ويستغفر لمن صامه كل شي بين السماء والأَرْض، وهو يوم انتشرت فيه رحمة الله تعالى، وللعبادة والاجتماع لذكر الله تعالى فيه أجر جزيل.(5)
وقد ورد لهذا اليوم ـ سوى الصيام والعبادة وذكر الله تعالى والغسل ـ عملان: صلاة بكيفية خاصة عند الضحى، ودعاء يقراء في هذا اليوم، وتفصيل كليهما ورد في كتاب مفاتيح الجنان، فمن أراد فليراجع هناك.
وقائع شهر ذي القعدة
في الأول من هذا الشهر ولادة السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام، ( 173 - 201 هـ) بنت الإمام الكاظم عليه السلام من نساء أهل البيت عليهم السلام ومدفونة في مدينة قم، وتحظى بمنزلة خاصة بين المؤمنين من أتباع أهل البيت عليهم السلام.
وفي يوم الحادي عشر من هذا الشهر ولادة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام (148 - 203 هـ) هو الإمام الثامن عند الشيعة الإمامية، تولى الإمامة بعد استشهاد أبيه الكاظم عليه السلام، واستمرّت إمامته حوالي 20 عامّاً. له ألقاب عدة أشهرها الرضا، وكنيته أبو الحسن الثاني، ولد في المدينة المنورة سنة 148 هـ، واستشهد بأثر السم الذي دُسَّ إليه في العنب أو الرمان، في طوس سنة 203 هـ، ودفن في مدينة مشهد، وصار مرقده مزاراً يقصده الملايين من مختلف البلدان.
وفي اليوم الأخير من الشهر سنة مائتين وعشرين على المشهور استشهد الإمام محمد بن علي التقي عليه السلام في بغداد، وقد سمّه المعتصم بالله العباسي (6)، وكان شهادته بعد سنتين ونصف من وفاة المأمون، كما كان الإمام نفسه يتنبأ بذلك فيقول: «الْفَرَجُ بَعْدَ الْمَأْمُونِ بِثَلَاثِينَ شَهْراً».(7) تشعر هذه الكلمة بما كان يعانيه من الأذى والمحن من سوء معاشرة المأمون له حتى اعتبر الموت فرجه الذي يرتقبه، وقد توفي الإمام محمد بن علي التقي عليه السلام، وله من العمر خمس وعشرون سنة وبضعة أشهر، ويقع قبره الشريف خلف قبر جده العظيم الإمام موسى الكاظم عليه السلام في الكاظمية.(8)
1ـ الإقبال بالأعمال الحسنة: ج 2، ص 21.
2ـ الإقبال بالأعمال الحسنة: ج 2، ص 22.
3ـ مفاتيح الجنان: ص 330؛ عن عليّ بن يوسف بن المطهّر الحلّي في العدد القوية: 275.
4ـ مفاتيح الجنان: ص 330؛ الإقبال بالأعمال الحسنة: ج 2، ص 25.
5ـ مفاتيح الجنان: ص 330.
6ـ الكافي: ج 1، ص 492.
7ـ كشف الغمة في معرفة الأئمة: ج 2، ص 363.
8ـ مفاتيح الجنان: ص 333؛ الكافي: ج 1، ص 492.
التعلیقات