مصيبة شهادة الإمام الحسن عليه السلام
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 3 سنواتقضى الزكيُّ فنوحوا يا محبيهِ
وابكوا عليه فذي الأملاكُ تبكيه
قضى ابنُ فاطمةَ الطهرِ البتولةِ مَن
عمَّ البرايا جميعا في أياديه
قضى وقد قُطِّعت أحشاؤُه قِطعا
صار يقذفُها بالطشت من فيه
قضى واظلمَّ وجهُ الكائناتِ أسىً
لما أصات بصوت الحزنِ ناعيه
ولم يزل كاظما للغيظِ محتسبا
على الأذى صابرا في جَنْب باريه
حتى قضى بنقيع السمِّ مضطَهدا
وجُرِّعَ الحتفَ قسرا من أعاديه
وأصبح المجدُ قد هُدَّت قواعدُه
والجودُ أصبح ينعاه ويبكيه(١)
وابكوا عليه فذي الأملاكُ تبكيه
قضى ابنُ فاطمةَ الطهرِ البتولةِ مَن
عمَّ البرايا جميعا في أياديه
قضى وقد قُطِّعت أحشاؤُه قِطعا
صار يقذفُها بالطشت من فيه
قضى واظلمَّ وجهُ الكائناتِ أسىً
لما أصات بصوت الحزنِ ناعيه
ولم يزل كاظما للغيظِ محتسبا
على الأذى صابرا في جَنْب باريه
حتى قضى بنقيع السمِّ مضطَهدا
وجُرِّعَ الحتفَ قسرا من أعاديه
وأصبح المجدُ قد هُدَّت قواعدُه
والجودُ أصبح ينعاه ويبكيه(١)
- مجيء زوجة يزيد إلى خَرِبة الشام
- خربة الشام والسيدة رقية سلام الله عليها
- خطبة الإمام السجاد عليه السلام في الشام
فما ذهبت الأيام حتى بعث إليها معاوية مالا جسيما، وجعل يمنّيها بأن يعطيها مائة ألف درهم أيضا، ويزوجها من يزيد، وحمل إليها شربة سم؛ لتسقيها الحسن عليه السلام، فانصرف إلى منزله وهو صائم، فأخرجت -وقت الأفطار، وكان يوما حارا- شربة لبن، وقد ألقت فيها ذلك السم، فشربها، وقال: عدوة الله! قتلتيني قتلك الله! والله لا تصيبين مني خلفا، ولقد غرك، وسخر منك، والله يخزيك ويخزيه.
فمكث عليه السلام يومان، ثم مضى، فغدر بها معاوية، ولم يف لها بما عاهد عليه.(2)
أصبحت جعدة ذليلة ومحلا للسخرية
لقد أخزاها الله فلقد أصبحت مضرب المثل للسوء والخزي والأثم والخيانة، فقد أصبحت عارا لذريتها وأبنائها من غير الإمام، فقد وصموا بابناء مسممة الأزواج،(3) ولقد سخر منها معاوية، فلم يف لها بزواج يزيد، حيث طلبت منه، ذلك فقد ردها بسخرية واستهزاء قائلا: أنا نحب حياة يزيد، ولو لا ذلك لوفينا لك بتزويجه!!(4)
ما زال مضطَهَدا يقاسي منهمُ
محنا تُطبِّقُ سهلَها بحزون
حتى قضى صبرا بسم جُعيدةٍ
في أمر ملتَحِفِ الضلالِ أَفين
وفي مرضه دخل عليه الحسين عليه السلام، فبكى بكاء شديدا حتى غشي عليه، فلما أفقا قال له الحسن عليه السلام: يا أخاه! لا تحزن عليّ؛ فإن مصابك أعظم من مصيبتني، ورزئك أعظم من رزئي؛ فإنك تقتل يا أبا عبد الله! بشط الفرات بأرض كربلاء عطشانا لهيفا وحيدا فريدا مذبوحا يعلو صدرك أشقى الأمة، ويحمحم فرسك، ويقول في تحميمه: الظليمة! الظليمة! من أمة قتلت ابن بنت نبيها، وتسبى حريمك، ويؤتم أطفالك، ويسيرون حريمك على الأقتاب بغير وطاء ولا فراش، ويحمل رأسك، يا أخي! على رأس القنا بعد أن تقتل، ويقتل أنصارك، فيا ليتني كنت عندك أذب عنك، كما يذب عنك أنصارك بقتل الأعداء، ولكن هذا الأمر يكون، وأنت وحيد لا ناصر لك منا، ولكن لكل أجل كتاب ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْکِتَابِ﴾؛(5) فعليك يا أخي! بالصبر حتى تلحق بنا، فبكى الحسين عليه السلام بكاء شديدا وقال: يا أخي! يعز عليّ فراقك، ثم أنه بكى بأعلى صوته، فمنعه الحسن عليه السلام من البكاء بعد ما كثرت الرنَّة عليه والصياح من أخوته وأخواته ونسائه وأولاده وجميع أهل بيته وشيعته.(6) وبينما الحسين عليه السلام وأهل بيته عنده وإذا بالحسن عليه السلام يقضي نحبه مظلوما مسموما. أي واإماماه! وا سيداه! وا حسناه! وكأني بالحسين عليه السلام:
تدري اشكثر گلبي تولَّم
وشگد حمل من فرگتك هم
من أصد لمچانك وحش تم
اعليه الحزن كله ايتلملم
يا ريت انه المقتول بالسم
گلبك يخويه وانته تسلم
يصيح احسين والدمعه جريه
يا ناس الحسن راح امنديه
نار السم تره ابگلبي سريه
اويليت الحين يلفيني المحتم
(أبوذية)
مصاب الحسن مني الحيل هدّم
او من چبده يكت اعبار هدم
عزانه ما يفل واللطم هدم
تسم جعده عزيز الهاشميه
من مبلغُ المصطفى والطهرِ فاطمةٍ
إنَّ الحسينَ دما يبكي على الحسنِ
يدعوه يا عضُدي في كلِّ معضلةٍ
ومُسعدي إن رماني الدهرُ بالوَهَنِ
لم أنس زينبَ تدعوه ومقلتُها
عبرى وأدمُعُها كالعارض الهَتِنِ
إنَّ الحسينَ دما يبكي على الحسنِ
يدعوه يا عضُدي في كلِّ معضلةٍ
ومُسعدي إن رماني الدهرُ بالوَهَنِ
لم أنس زينبَ تدعوه ومقلتُها
عبرى وأدمُعُها كالعارض الهَتِنِ
1ـ للشاعر السيد مهدي الأعرجي.
2ـ بحار الأنوار: ج 44، ص 154.
3ـ أعيان الشيعة: ج ٤، ص ٧٦.
4ـ مروج الذهب: ج ٢، ص ٣٠٣.
5ـ سورة الرعد: الآية 39.
6ـ معالي السبطين: ج١، ص٤٧ ـ ٤٨.
التعلیقات