كيف نمدح أطفالنا ؟
سلوى يوسف المؤيد
منذ 16 سنةكيف نمدح الطفل عندما يحسن التصرف؟ هل ينصب مديحنا على شخصيته؟ أم على تصرفه؟
العالم النفساني د. هيم.ج.جينو يؤكد على أهمية أن نمدح العمل الذي يقوم به الطفل لا شخصيته.. وجاء بمثال ليثبت لنا من خلاله رأيه قائلاً: في صباح يوم.. اتصلت بي إحدى الأمهات، قائلة بانفعال واضح: سأخبرك ماذا حدث لي اليوم، واحكم عليه بنفسك، لأني حائرة لا أعلم كيف أفسره؟ كنا بالأمس في سيارة العائلة في طريقنا إلى نيويورك، كنت قد وضعت ابني الكبير وابنتي في المقعد الخلفي، ووضعت ابني الصغير بيننا أنا وزوجي في المقعد الأمامي.. كان ابني الكبير هادئاً على غير عادته.. وغارقاً في أفكاره، فوجدتها فرصة طيبة لكي أمدحه لأنه كان يستحق بعض المديح، وكنا على وشك الوصول إلى نيويورك عندما التفت وقلت له: ما أجملك وأطيبك اليوم يا إيفان.. أنا فخورة بك.
إلا أني فوجئت به بعد دقيقة واحدة.. يمسك المنفضة.. ويسكب علينا كل ما بها من رماد السجائر.. وبدأنا نسعل من الرماد.. كنت في تلك اللحظة أتمنى لو كان بامكاني أن أضربه ضرباً مبرحاً.. ولعنت الساعة التي مدحته فيها.. ألا يقال لنا: إن مدح الطفل يطور سلوكه.. هل أخطأت فيما فعلت؟ وبعد عدة أيام جلس الدكتور جينو مع إيفان, وحاول أن يكتشف سبب تصرفه السيئ مع والدته رغم مديحها له.
وباح له الطفل بالسبب عندما قال له بأنه كان طوال الطريق إلى نيويورك يفكر كيف يتخلص من أخيه الصغير.. الذي كان يتنطط كالقرد بين أبيه وأمه.. المر الذي أشعره بالغيرة الشديدة.. وتمنى لو أن السيارة اصطدمت بعامود وانقسمت إلى قسمين.. عندئذ سيخرج هو وأخته ووالداه سالمين، إلا أخاه الصغير لأنه سينشطر إلى نصفين، وعند تلك اللحظة مدحته أمه، لذلك شعر بذنب شديد.. لأنه كان يفكر في الإضرار بأخيه.. وأراد أن يرى أمه أنه لا يستحق هذا المديح، فلم يجد أمامه إلا المنفضة التي رماها في السيارة وأثارت غضب أمه.
ويذكر الدكتور جينو في كتابه (بين الآباء والأبناء) بأن أغلب الآباء يعتقدون أن مدح الطفل سينمي ثقته بنفسه.. وسيجعله أكثر اطمئناناً.. لكن الواقع يؤكد لنا عكس ذلك.. لأننا عندما نمدح شخصيته في الوقت الذي يكون هو غاضباً وراغباً في تنفيذ بعض الأفكار الشريرة أو الهدامة بالنسبة للمحيطين حوله، فإنه سيشعر بالذنب والكراهية لنفسه، لأنه سيعتقد أن والده مخدوع فيه.. عندما يظن أنه ولد طيب ومثالي.. لذلك نراه يتعمد أن يكون سيئ السلوك.. ليظهر له شخصيته الحقيقية في تلك اللحظة، لكن ليس معنى ذلك أننا يجب أن لا نمدح الطفل أبداً وإنما علينا أن نمدح جهده الذي بذله في إنجاز العمل الذي أثار استحسان والديه، وما توصل إليه من نتائج ايجابية، فمثلاً إذا قام طفل بتنظيف غرفته، فإن على والدته أن تعلق على ما بذله من جهد للقيام بهذه المهمة، وتصف إعجابها بالغرفة بعد أن أصبحت نظيفة، والمديح للطفل يجب أن لا يحمل روح المبالغة، وإنما يجب أن يعكس الصورة الحقيقية لما أنجزه، لا شخصيته التي قد تكون في نظر الطفل عكس ما وصل إليها من مديح، ولكي نستطيع أن نستخدم هذا الأسلوب التربوي الفعال لتطوير شخصية الطفل، سأذكر مثالاً عملياً حتى يمكننا الاستفادة منه كآباء.
محمود طفل في الثامنة من عمره.. قام بجهد كبير في تنظيف حديقة البيت.. جمع أوراق الشجر.. ورمى القمامة، وأعاد ترتيب أدوات الحديقة، كانت أمه سعيدة بما قام به من جهد، فأـرادت أن تعبر له عن امتنانها لما فعل فقالت له: ما أجمل ما أصبحت عليه الحديقة، كانت الأوساخ تملؤها، والآن، انظر كم هي جميلة ونظيفة.
رد عليها محمود باعتزاز: لقد قمت بكل شيء وحدي.
قالت أمه: ولابد أنك قد بذلت جهداً كبيراً.. أليس كذلك؟ أجابها بثقة: بالتأكيد، لقد اشتغلت بكل ما لدي من جهد. قالت الأم وهي تتعمد وصف الحديقة: يبدو ذلك فعلاً، لقد أصبح منظر الحديقة جميلاً يمتع عين كل مَن ينظر إليها، أشكرك من كل قلبي يا بني.
رد عليها ابناه بمرح: أنا مستعد لخدمتك في أي وقت.
لقد شعر محمود بالسعادة لما بذله من جهد.. وفخور بما وصل إليه من نتيجة حسنة، وكان متلهفاً في تلك الليلة للقاء والده لكي يطلعه على ما قام به من عمل في تنظيف الحديقة.
إذن، مدح الجهد الذي يبذله الطفل في أداء عمله.. هو ما يسعده ويطور سلوكه، لا مدح شخصيته، مثلما نفعل عن طريق تلك الجمل التقليدية التي تعودنا أن نقولها لأبنائنا عندما نمدحهم.. مثل (أنت ولد مدهش) أو (أنت فعلاً اليد اليمنى لأمك عندما تحتاجك) أو (لا أدري ماذا كنت سأفعل بدونك)، وغير ذلك من تلك التعليقات التي تنصب على شخصيته لا على ما قام به من جهد للقيام بعمله الذي أثار استحسان مَن حوله.
العالم النفساني د. هيم.ج.جينو يؤكد على أهمية أن نمدح العمل الذي يقوم به الطفل لا شخصيته.. وجاء بمثال ليثبت لنا من خلاله رأيه قائلاً: في صباح يوم.. اتصلت بي إحدى الأمهات، قائلة بانفعال واضح: سأخبرك ماذا حدث لي اليوم، واحكم عليه بنفسك، لأني حائرة لا أعلم كيف أفسره؟ كنا بالأمس في سيارة العائلة في طريقنا إلى نيويورك، كنت قد وضعت ابني الكبير وابنتي في المقعد الخلفي، ووضعت ابني الصغير بيننا أنا وزوجي في المقعد الأمامي.. كان ابني الكبير هادئاً على غير عادته.. وغارقاً في أفكاره، فوجدتها فرصة طيبة لكي أمدحه لأنه كان يستحق بعض المديح، وكنا على وشك الوصول إلى نيويورك عندما التفت وقلت له: ما أجملك وأطيبك اليوم يا إيفان.. أنا فخورة بك.
إلا أني فوجئت به بعد دقيقة واحدة.. يمسك المنفضة.. ويسكب علينا كل ما بها من رماد السجائر.. وبدأنا نسعل من الرماد.. كنت في تلك اللحظة أتمنى لو كان بامكاني أن أضربه ضرباً مبرحاً.. ولعنت الساعة التي مدحته فيها.. ألا يقال لنا: إن مدح الطفل يطور سلوكه.. هل أخطأت فيما فعلت؟ وبعد عدة أيام جلس الدكتور جينو مع إيفان, وحاول أن يكتشف سبب تصرفه السيئ مع والدته رغم مديحها له.
وباح له الطفل بالسبب عندما قال له بأنه كان طوال الطريق إلى نيويورك يفكر كيف يتخلص من أخيه الصغير.. الذي كان يتنطط كالقرد بين أبيه وأمه.. المر الذي أشعره بالغيرة الشديدة.. وتمنى لو أن السيارة اصطدمت بعامود وانقسمت إلى قسمين.. عندئذ سيخرج هو وأخته ووالداه سالمين، إلا أخاه الصغير لأنه سينشطر إلى نصفين، وعند تلك اللحظة مدحته أمه، لذلك شعر بذنب شديد.. لأنه كان يفكر في الإضرار بأخيه.. وأراد أن يرى أمه أنه لا يستحق هذا المديح، فلم يجد أمامه إلا المنفضة التي رماها في السيارة وأثارت غضب أمه.
ويذكر الدكتور جينو في كتابه (بين الآباء والأبناء) بأن أغلب الآباء يعتقدون أن مدح الطفل سينمي ثقته بنفسه.. وسيجعله أكثر اطمئناناً.. لكن الواقع يؤكد لنا عكس ذلك.. لأننا عندما نمدح شخصيته في الوقت الذي يكون هو غاضباً وراغباً في تنفيذ بعض الأفكار الشريرة أو الهدامة بالنسبة للمحيطين حوله، فإنه سيشعر بالذنب والكراهية لنفسه، لأنه سيعتقد أن والده مخدوع فيه.. عندما يظن أنه ولد طيب ومثالي.. لذلك نراه يتعمد أن يكون سيئ السلوك.. ليظهر له شخصيته الحقيقية في تلك اللحظة، لكن ليس معنى ذلك أننا يجب أن لا نمدح الطفل أبداً وإنما علينا أن نمدح جهده الذي بذله في إنجاز العمل الذي أثار استحسان والديه، وما توصل إليه من نتائج ايجابية، فمثلاً إذا قام طفل بتنظيف غرفته، فإن على والدته أن تعلق على ما بذله من جهد للقيام بهذه المهمة، وتصف إعجابها بالغرفة بعد أن أصبحت نظيفة، والمديح للطفل يجب أن لا يحمل روح المبالغة، وإنما يجب أن يعكس الصورة الحقيقية لما أنجزه، لا شخصيته التي قد تكون في نظر الطفل عكس ما وصل إليها من مديح، ولكي نستطيع أن نستخدم هذا الأسلوب التربوي الفعال لتطوير شخصية الطفل، سأذكر مثالاً عملياً حتى يمكننا الاستفادة منه كآباء.
محمود طفل في الثامنة من عمره.. قام بجهد كبير في تنظيف حديقة البيت.. جمع أوراق الشجر.. ورمى القمامة، وأعاد ترتيب أدوات الحديقة، كانت أمه سعيدة بما قام به من جهد، فأـرادت أن تعبر له عن امتنانها لما فعل فقالت له: ما أجمل ما أصبحت عليه الحديقة، كانت الأوساخ تملؤها، والآن، انظر كم هي جميلة ونظيفة.
رد عليها محمود باعتزاز: لقد قمت بكل شيء وحدي.
قالت أمه: ولابد أنك قد بذلت جهداً كبيراً.. أليس كذلك؟ أجابها بثقة: بالتأكيد، لقد اشتغلت بكل ما لدي من جهد. قالت الأم وهي تتعمد وصف الحديقة: يبدو ذلك فعلاً، لقد أصبح منظر الحديقة جميلاً يمتع عين كل مَن ينظر إليها، أشكرك من كل قلبي يا بني.
رد عليها ابناه بمرح: أنا مستعد لخدمتك في أي وقت.
لقد شعر محمود بالسعادة لما بذله من جهد.. وفخور بما وصل إليه من نتيجة حسنة، وكان متلهفاً في تلك الليلة للقاء والده لكي يطلعه على ما قام به من عمل في تنظيف الحديقة.
إذن، مدح الجهد الذي يبذله الطفل في أداء عمله.. هو ما يسعده ويطور سلوكه، لا مدح شخصيته، مثلما نفعل عن طريق تلك الجمل التقليدية التي تعودنا أن نقولها لأبنائنا عندما نمدحهم.. مثل (أنت ولد مدهش) أو (أنت فعلاً اليد اليمنى لأمك عندما تحتاجك) أو (لا أدري ماذا كنت سأفعل بدونك)، وغير ذلك من تلك التعليقات التي تنصب على شخصيته لا على ما قام به من جهد للقيام بعمله الذي أثار استحسان مَن حوله.
التعلیقات