المجالس المنعقدة لرثاء الحسين (ع) بعد ولادته قبل شهادته
آية الله الشيخ جعفر التستري
منذ 13 سنةوهي ثلاثون مجلسا:
الاول: فوق السماوات عند سدرة المنتهى ليلة ولادته، المبين للمصيبة هو الله تعالى، والسامع جبرئيل وألف قبيل من الملائكة، كل قبيل ألف ألأف حين امرهم بالنزول لتهنئة النبي (ص (بولادته (ع) فقال تعالى: اذا هنأته فعزّه وقل له ان ولدك هذا يقتل مظلوما.
الاول: فوق السماوات عند سدرة المنتهى ليلة ولادته، المبين للمصيبة هو الله تعالى، والسامع جبرئيل وألف قبيل من الملائكة، كل قبيل ألف ألأف حين امرهم بالنزول لتهنئة النبي (ص (بولادته (ع) فقال تعالى: اذا هنأته فعزّه وقل له ان ولدك هذا يقتل مظلوما.
الثاني: حجرة الزهراء فاطمة عليها السلام
الثالث: حجرات ازواج النبي المصطفى صلى الله عليه واله وسلم.
الرابع: مسجد النبي (ص) الراثي فيها تارة هو، وتارة جبرئيل (ع)، وتارة ملك القطر، وتارة اثنى عشر ملكا أتوا لزيارته بصور مختلفة فرثوا الحسين له، وتارة كل ملك، ففي الحديث، انه لم يبقى ملك الا ونزل الى النبي يعزّيه بالحسين، اللهم صلي على محمد حبيبك واله الاطهار.
وهذه مجالس لا تدخل تحت عدد وكلما اردت عداً وضبطا لهذه المجالس النبوية حالة ومكانا وزمانا وباكيا وراثيا وهكذا.....، لم اقدر، لقد ظهر لي من تتبع الاحاديث، انه منذ ولد الحسين عليه السلام، بل منذ حملت به امه الزهراء (ع) كانت مجالس النبي (ص) رثاء له، ليلا ونهارا، في المسجد، وفي البيوت، وفي البساتين، وفي ازقة المدينة، سفرا وحضرا، نوما ويقظة.
وكان رثاؤه تارة ببيانه لاصحابه، وتارة باسماعه الملائكة، وتارة يتذكر فيتأوه، وتارة يتصور حالاته، فمرة يقول (ص) " كأني به يستغيث فلا يغاث "
وتارة يقول: " كأني بالسبايا على اقطاب المطايا " وتارة يقول (ص) " كأني برأسه اُهدي الى يزيد لعنه الله فمن نظر الى رأسه وفرح بذلك خالف الله تعالى بين لسانه وقلبه "، وتارة يقول (ص) "صبرا يا أبا عبد الله "، وتارة يرى قاتله فيتغير وجهه المبارك.
وكان المبكي له (ص) مجرد النظر اليه (ع) تارة، وحمله تارة، وتقبيله اخرى، واقباله عليه تارة، وذهابه من عنده اخرى، وهكذا فلبسه لباسا جديدا مبك له (ص)، وفرحه بالعيد مبك له، ولعبه مبك له، وأكله طعاما لذيذا مبك له، وجوعه مبك له، وبكاؤه مبك له......، فكان (ص) كلما مرّ على بيت فاطمة (ع) وسمع بكاءه بكى وجاء اليها وقال: سكّتيه اما علمتِ ان بكاءه يؤذيني، وشم تربته مبك له وقد اتاه بها كل ملك وبكى في كل مرة، وتارة يذكر قاتله ويبكي.
هذا مجمل الكلام في مجالسه، واما التفصيل، فانه لما آن الحمل بالحسين (ع)، انعقدت مجالس الرثاء حينئذ عنده صلوات الله عليه وآله، بحيث يتعذر عدّها الى يوم وفاته.
بيان ذلك انه لما اُخبر بأن فاطمة عليها السلام تلد الحسين (ع) اُخبر ايضا بشهادته، فبكى (ص)، فلما وضعته واُتي به اليه في تلك الساعة، وهو ملفوف في خرقة من صوف بيضاء، اذّن في اذنه اليمنى واقام في اليسرى، ثم وضعه في حجره، ونظر اليه ورثاه وبكى.
وهو يقول (ص) " سيكون لك حديث، اللهم العن قاتله. "، ثم لما اتى عليه سبعة ايام، عقّ عنه كبشا املح، وحلق رأسه وتصدق بوزن الشعر ورقا، وخلّق رأسه بالخلوق، اي: طيب مركب متخذ من الزعفران وغيره، ثم وضعه في حجره، ورثاه وبكى، وهو يقول (ص) " يا ابا عبدالله عزيز عليّ، ثم بكى، ثم قال: اللهم اني اسألك فيما سألك ابراهيم (ع) في ذريته، اللهم اني احبهما واحب من يحبهما. ".
ثم لما اتت عليه سنة كاملة اخذت الملائكة بالهبوط اليه للتعزية، فأول من هبط اثنا عشر ملكا على صور مختلفة، احدهم على صورة بني ادم منشورة اجنحتهم وهم يرثونه ويعزونه، ثم نزل ملك القطر فعزّاه وبعد ذلك نزلوا حتى لم يبق ملك الا ونزل اليه (ص) وهو يعزّيه بالحسين (ع) ويذكر قتله له كما في الروايات المعتبرة، وذلك ليفوزوا بثواب التعزية لروسل الله (ص) وإلا فالإخبار حصل بأول مرة.
ثم ان الملائكة كانت تحمل تربته اليه، واول من حملها اليه جبرئيل (ع) قال علي (ع) دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعيناه تفيضان، فقلت: بأبي انت وامي ما لعيناك تفيضان؟ اغضبك احد؟
قال (ص) " لا، ولكن اخبرني جبرئيل (ع) ان ولدي الحسين (ع) يقتل في ارض كربلاء واشّمني من تربته، ولم املك عيني ان فاضتا، واسم الارض كربلاء.
ولما اتت عليه سنتان، خرج النبي (ص) الى سفر، فوقف في بعض الطريق، واسترجع ودمعت عيناه.
فسئل عن ذلك: فقال (ص) " هذا جبرئيل يخبرني عن ارض بشط الفرات، يقال لها كربلاء، يقتل بها ولدي الحسين، وكأني انظر اليه والى مصرعه، ومدفنه بها، وكأني انظرالى السبايا عل اقتاب المطاب، وقد اُهدي رأس الحسين عليه السلام الى يزيد لعنه الله، فوالله ما ينظر احد الى رأس الحسين، ويفرح، الا خالف الله تعالى بين قلبه ولسانه، وعذبه الله عذابا اليما.
ثم رجع النبي (ص) من سفره مغموما مهموما كئيبا حزينا، فصعد المنبر واصعد معه الحسن والحسين (ع) وخطب ووعظ الناس فلما فرغ من خطبته.
وضع يده اليمنى على رأس الحسن، ويده اليسرى على رأس الحسين
وقال:
اللهم ان محمدا عبدك ورسولك، وهذان اطائب عترتي، وخيار ارومتي، وافضل ذريتي، ومن اُخلّفهما في امتي، وقد اخبرني جبرئيل ان ولدي هذا مقتول بالسم والاخر شهيد مضرج بالدم، اللهم فبارك له في قتله واجعله من سادات الشهداء، اللهم ولا تبارك في قاتله، وخاذله، واصله حرّ نارك، واحشره في اسفل درك من الجحيم.
قال: فضجّ الناس بالبكاء والعويل.
فقال لهم النبي (ص)) " ايها الناس اتبكونه ولا تنصرونه، اللهم فكن انت له وليا وناصرا، ثم قال: يا قوم اني مخلف فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي وارومتي ومزاج مائي، وثمرة فؤادي، ومهجتي، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، الا واني لا اسألكم في ذلك الا ما امرني ربي تعالى ان اسألكم عنه اسألكم عن المودة في القربى، فاحذروا ان تلقوني غدا على الحوض وقد آذيتم عترتي وقتلتم اهل بيتي وظلمتموهم.)
ثم قال صلى الله عليه واله وسلم:
الا انه سيرد عليّ يوم القيامة ثلاث رايات من هذه الامة:
الاولى: راية سوداء مظلمة، قد فزعت منها الملائكة فتقف عليّ، فاقول لهم: من انتم؟ فينسون ذكري، ويقولون: نحن اهل التوحيد من العرب، فأقول لهم: انا احمد (ص) نبي العرب والعجم، فيقولون: نحن من امتك، فأقول: كيف خلفتموني من بعدي في اهل بيتي وعترتي، وكتاب ربي تعالى؟ فيقولون: اما الكتاب فضيّعناه، واما العترة فحرصنا ان نبيدهم من حديد الارض، فلما اسمع منهم ذلك اعرض عنهم بوجهي، فيصدرون عطاشى مسودة وجوههم.
ثم ترد عليّ راية اخرى اشد سوادا من الاولى، فأقول لهم: كيف خلفتموني من بعدي في الثقلين، كتاب الله تعالى، وعترتي؟ فيقولون: اما الاكبر فخالفناه، واما الاصغر: فمزقناهم كل ممزق، فأقول: اليكم عني، فيصدرون عطاشى مسودة وجوههم.
ثم ترد عليّ راية تلمع وجوههم نورا، فأقول لهم: من انتم؟ فيقولون: نحن اهل كلمة التوحيد والتقوى، من امة محمد المصطفى (ص) ونحن بقية اهل الحق، حملنا كتاب ربنا تعالى، وحلّلنا حلاله، وحرّمنا حرامه، واحببنا ذرية نبينا محمد (ص)، ونصرناهم من كل ما نصرنا به انفسنا، وقاتلنا معهم من ناوءهم، فأقول لهم: أبشروا فأنا نبيكم محمد المصطفى (ص)، ولقد كنتم في الدنيا كما قلتم، ثم اسقيهم من حوضي، فيصدرون مروّيين مستبشرين، ثم يدخلون الجنة خالدين فيها أبد الآبدين.
والحمد لله رب العالمين..
ثم بعد ذلك كله كثرت مصيبته (ص) به (ع) فكان يرثيه في بيته، ومسجده، وعلى منبره، وفي سفره، وحضره، وقيامه، وقعوده، وكانت رؤيته له وحمله له مصيبة، وتقبيله له موجبا للعبرة، واقعاده في حجره مفجعة، والنظر اليه رثاء، واسبابا سروره احزانا.
وتفصيل ذلك انه لما كان يحمله ورأسه متكيء كان يذكر رأسه الذي على الرمح، فيبكي ويقول لاصحابه: " كأني انظر الى السبايا على اقتاب المطايا، وقد اُهدي رأس ولدي الى يزيد ".
ولما كان (ص) يقعده في حجره ينظر الى وجهه، فيبكي ويقول (ص) " يابن عباس كأني به وقد خضب شيبه من دمه، فيدعو فلا يجاب، ويستنصر فلا ينصر، " وكان يراه في العيد، لابساً جديدا فيبكي، لانه يتذكر عراءه في طف كربلاء، بل وانه يطلب من اخته زينب ثوبا عتيقا كي لا يطمع به القوم حين يسلبوه يلبسه تحت ثيابه.
وكان يراه جالسا معه، ومع ابيه وامه واخيه، ثم يأخذ في البكاء، لانه يتذكر او يذكّره جبرئيل: ببقائه وبقاء اطفاله وقد اسودت الدنيا بأعينهم، ثم تفرقهم بعد ذلك قتلى واسرى......، مظلومون حيارى.
ولما كان يقبّل نحره يبكي، وكان يقول لعلي (ع)) " امسكه يا علي، فيمسكه فيكشف جسده، ويقبله ويبكي، فكان يقول (ص) " اقبّل مواضع السيوف وأبكي ".
وكان يقبل شفتيه واسنانه، ويبكي لانه يتذكر قرعه بالخيزران في مجلس يزيد وابن زياد لعنهما الله تعالى، وكان قد رأى ذلك زيد بن ارقم، ثم حضر يوم الكوفة، ورأى ابن زياد يقرع ثنايا الحسين (ع) ويطعن في فمه المبارك وانفه.
فقام وقال: ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين، فوالله الذي لا اله إلا هـو، لقد رأيت ثنايا رسول الله تعالى صلى الله عليه وآله وسلم ترشف ثناياه.
وكان في يوم جالسا في المسجد، فدخلت جماعة من قريش معهم عمر بن سعد، فتغير وجهه صلوات الله عليه وعلى آله، فقالوا: يا رسول الله ما أصابك؟ فقال (ص) " اني ذكرت ما يلقى اهل بيتي من قتل وضرب وشتم وتطريد وتشريد، وان اول رأس يحمل على الرمح رأس ولدي الحسيـن ".
فاستمرت هذه الحالة به (ص) وغيرها من الحالات طول حياته المباركة، في ليله ونهاره، حواضره واسفاره، الى حين احتضاره، وهو لا تفارقه ذكرى ولده الحسين الغريب الشهيد (ع)، وكان احتضاره ايضا مجلس رثاء لابي عبدالله عليه السلام.
وذلك انه لما دنت وفاته (ص) واشتد به المرض، ضمّ ولده وحبيبه وعزيزه الحسين (ع) الى صدره المبارك، فسال من عرقه عليه، وهو يجود بنفسه، ويقول: مالي وليزيد لا بارك الله تعالى في يزيد، اللهم العن يزيد ثم غـُشيّ عليه (ص) فأفاق، وجعل يقبّل الحسين (ع)، وعيناه تذرفان، ويقول " اما ان لي ولقاتلك مقاما بين يدي الله عز وجل "، وهذه كلها في المدينة المنورة.
الخامس: مجلس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في كربلاء، قال (ص) " لما اُسريّ بي الى موضع يقال له كربلاء، ورأيت فيه مصرع الحسين (ع) واصحابه، فعُقد هناك مجلسا لعزائه.
السادس: مجلسه (ص)في مجمع المدينة وكربلاء، وذلك حين انخفضت له الارض، ورأى مصرع الحسين عليه السلام، وأخذ من تربته، ولعل هذه التربة هي التي دفعها الى ام سلمة، وقال لها: احتفظي بها فإذا صارت دما فاعلمي ان الحسين قد قتل.
وقد دفع اليها الحسين عليه السلام مثلها وبهذه الكيفية كما سيجيء ان شاء الله تعالى.
السابع: مجلس علي (ع) في المدينة والكوفة وغيرهما، فلقد كان (ع) يرثي الحسين (ع) على المنبر، وفي المسجد بعناوين كثيرة مختلفة، ويبكي كثيرا عند رثائه، ويذكر حالاته بكيفيات مختلفة نظما ونثرا، في بعضها:
كأني بنفسي واعقابهـا وبكربلاء ومحرابهـا
فتخضب منا اللحى بالدماء خضاب العروس بأثوابها
ومن تلك المجالس: مجلسه في محراب المسجد، وهو مطروح مشقوق الرأس، قال (ع) " يا ابا عبدالله انت شهيد هذه الامة " فهو الراثي والحسين (ع) الباكي، والمستمع اهل الكوفة.
وله (ع) بعد هذا مجلس هو اخر مجالسه، الراثي هو (ع)، والمستمع ابنته زينب (ع)، حيث اخبرها (ع) وهو مضطجع على فراشه يوم وفاته، ومشقوق الرأس مصفر اللون، فقال لها، يا بنية، كأني بك وبنساء اهل بيتك اسارى في هذا البلد، اذلاء خاشعين تخافون ان يتخطفكم الناس "……. الى اخر الحديث.
واما مجالسه (ع) في المدينة فكان كلما رآه بكى، وناداه: يا عبرة كل مؤمن، فيقول: انا يا ابتاه؟ فيقول: نعم.
الثامن: مجالس ثلاثة له في كربلاء:
الاول: ما رواه مجاهد عن ابن عباس قال: كنت مع امير المؤمنين (ع) عند خروجه الى صفين، فلما نزل نينوى، وهو بشط الفرات، قال بأعلى صوته: يابن عباس، اتعرف هذا الموضع؟ قلت له: ما اعرفه يا امير المؤمنين، قال علي (ع) " لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي.
قال: فبكى (ع) طويلا حتى اخضلّت لحيته، اي: نديت حتى ترشش نداها وابتلّت، وسالت الدموع على صدره، وبكينا معه وهو يقول: اوهّ اوهّ مالي ولآل ابي سفيان، مالي ولآل حرب حزب الشيطان واولياء الكفر، صبراً يا أبا عبدالله فقد لقي ابوك مثل الذي تلقى منهم.
ثم دعا بماء فتوضأ وضوء الصلاة، فصلى ما شاء الله ان يصلي، ثم ذكر نحو كلامه الاول، إلا انه نعس عند انقضاء صلاته وكلامه، فنام ساعة ثم انتبه فقال: يابن عباس، قلت: ها انا ذا، فقال (ع) " ألا احدّثك بما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي؟ فقلت: نامت عيناك ورأيت خيرا يا امير المؤمنين.
قال (ع) " رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء معهم اعلام بيض، قد تقلّدوا سيوفهم وهي بيض تلمع، وقد خطوا حول هذه الارض خطة، ثم رأيت كأن هذه النخيل قد ضربت بأغصانها الارض، تضطرب بدم عبيط، وكأني بالحسين)ع) سخلي، * والسخل هو المولود المحبب الى ابويه، سخلي وفرخي ومضغتي ومخي قد غرق فيه، يستغيث فيه فلا يغاث، وكأن الرجال البيض قد نزلوا من السماء ينادونه ويقولون: صبرا آل الرسول فإنكم تقتلون على ايدي شرار الناس، وهذه الجنة يا ابا عبدالله اليك مشتاقة.
ثم يعزونني ويقولون: يا أبا الحسن ابشر، فقد اقرّ الله تعالى به عينك يوم يقوم الناس لرب العالمين.
ثم انتبهت هكذا، والذي نفس علي بيده، لقد حدّثني الصادق المصدّق ابو القاسم (ص) أني سأراها في خروجي الى اهل البغي علينا، وهذه ارض كرب وبلاء، يدفن فيها الحسين (ع)، وسبعة عشر رجلا من ولدي وولد فاطمـة عليها السلام، وانها لفي السماوات معروفة تذكر بارض كرب وبلاء، كما تذكر بقعة الحرمين وبقعة بيت المقدس.
ثم قال (ع) " يا بن عباس، اطلب حولها بعر الظباء، * اي رجيعها، فوالله ما كذبت ولا كُذبت، وهي مصفرّة لونها لون الزعفران.
قال ابن عباس: فطلبته فوجدته مجتمعا، فناديته: يا اميرالمؤمنين قد اصبتها على الصفة التي وصفتها لي، فقال علي عليه السلام: صدق الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم قام (ع) يهرول اليها فحملها وشمها وقال: هي هي بعينها، اتعلم يابن عباس ما هذه الابعار؟ هذه قد شمّها النبي عيسى (ع) وذلك انه مرّ بها ومعه الحواريون، فرأى هاهنا الظباء مجتمعة وهي تبكي، فجلس عيسى (ع) وجلس الحواريون معه، فبكى وبكى الحواريون، وهم لا يدرون لمَ جلس ولمَ بكى.
فقالوا: يا روح الله تعالى وكلمته ما يبكيك؟ قال (ع) " اتعلمون اي ارض هذه؟ قالوا: لا، قال (ع) " هذه ارض يقتل فيها فرخ الرسول (ص) احمداً، وفرخ الحرة الطاهرة البتول (ع)، شبيهة امي (ع) وتلحد فيها طينة، اطيب من المسك، لانها طينة الفرخ المستشهد (ع)، وهكذا تكون طيبنة الانبياء واولاد الانبياء (ع)، فهذه الظباء تكلمني وتقول: انها ترعى في هذه الارض شوقا الى تربة الفرخ المبارك، وزعمت انها آمنة في هذه الارض.
ثم ضرب بيده هذه البعرات فشّمها، وقال (ع) " هذا بعر الظباء على هذا الطيب لمكان حشيشها، اللهم فأبقها ابداً حتى يشمّها ابوه فتكون له عزاء وسلوة.
قال: فبقيت الى يومنا هذا، وقد اصفرت لطول زمانها، وهذه ارض كرب وبـلاء.
ثم قال بأعلى صوته: يا رب عيسى بن مريم عليهما السلام، لا تبارك في قاتله، والمعين عليه والخاذل له، ثم بكى بكاء طويلا، وبكينا معه (ع) حتى سقط لوجهه وغـُشيّ عليه طويلا، ثم افاق واخذ البعر فصرّه في ردائه وأمرني ان اصرّه كذلك.
ثم قال (ع) " يا بن عباس اذا رأيته تنفجر دما عبيطا، ويسيل منها دم عبيط، فاعلم ان ابا عبدالله قد قتل بها ودفن.
قال ابن عباس: فوالله لقد كنت احفظها اشدّ من حفظي لبعض ما افترض الله تعالى عليّ، وانا لا احلّها من طرف كُمّي فبينما انا نائم في البيت، اذ انتبهت فاذا هي تسيل دما عبيطا، وكان كمي قد امتلأت دم عبيط، فجلست وانا باك.
وقلت: قد قتل والله الحسين بن علي عليهما السلام، والله ما كذبّني علي عليه السلام قط في حديث حدثني ولا اخبرني بشيء قط انه يكون الا كان كذلك، لان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، كان يخبره باشياء لا يخبر بها غيره.
ففزعت وخرجت وذلك عند الفجر، فرأيت والله المدينة كأنها ضباب لا يستبين منها اثر عين، ثم طلعت الشمس فرأيت كأنها منكسفة، ورأيت كأن حيطان المدينة عليها دم عبيط، فجلست وانا بـاكٍ، فقلت: قد قتل والله الحسين عليه السلام، وسمعت صوتا من ناحية البيت وهو يقول:
اصبـروا يا آل الرسول قتل فرخ البتول
نـزل الـروح الاميـن بـبكاء وعويـل
ثم بكى بأعلى صوته، وبكيت، فأثبتُ عندي تلك الساعة، وكان شهر المحرم يوم عاشوراء، لعشر مضين منه، فوجدته قتل يوم ورد علينا خبره وتاريخه كذلك، فحدّثت هذا الحديث اولئك الذين كانوا معه، فقالوا: والله لقد سمعنا ما سمعنا ونحن في المعركة، ولا ندري ما هو، فكنا نرى انه الخضر عليه السلام.
الثاني: ما عن هرثمة بن ابي مسلم، قال: غزونا مع علي بن ابي طالب (ع) صفّين، فلما انصرفنا نزل كربلاء فصلى بها الغداة، ثم رفع اليه من تربتها فشمّها، ثم قال (ع) " واهاً لك ايتها التربة ليحشرن منك اقوام يدخلون الجنة بغيـر حساب.
فرجع هرثمة الى زوجته وكانت شيعة لعلي (ع) فقال: الا احدّثك عن وليّك ابي الحسن (ع) نزل كربلاء فصلى، ثم رفع اليه من تربتها فقال: واهاً لك ايتها التربة ليحشرن منك اقوام يدخلون الجنة بغير حساب؟ فقالت: ايها الرجل فان امير المؤمنين عليه السلام لم يقل الا حقاً.
فلما قدم الحسين (ع) قال هرثمة: كنت في البعث الذين بعثهم اليه عبيد الله بن زياد لعنهم الله، فلما رأيت المنزل والشجر ذكرت الحديث، فجلست على بعيري ثم صرت الى الحسين (ع) فسلمت عليه واخبرته بما سمعت من ابيه عليه السلام في ذلك المنزل الذي نزل به الحسين (ع) فقال: معنا انت ام علينا؟
فقلت: لا معك ولا عليك، خلّفت صبية اخاف عليهم عبيد الله بن زياد، قال (ع) " فامض حيث لا ترى لنا مقتلا ولا تسمع لنا صوتا، فوالذي نفس الحسيـن بيده، لا يسمع اليوم واعيتنا احد إلا اكبه الله تعالى في نار جهنم.
الثالث: ما روي عن الباقر عليه السلام، قال: مرّ علي (ع) بكربلاء في اثنين من اصحابه، فلما مرّ بها ترقرقت عيناه بالبكاء ثم قال: هذا والله منـاخ ركابهم، هذا ملقى رحالهم، وهاهنا تهـراق دماؤهم، طوبى لك من تربة عليك تهراق دمـاء الاحبة.
التاسع: مجالس الزهراء عليها السلام في المدينة، وهي لا تعد لكثرتها، فانها كلما اُخبرت بذلك لجهات عديدة عقدت مجلس بكاء ورثاء له عليه السلام.
العاشر: مجلس ام ايمن في المدينة، وهي الراثية، والمستمعة زينب العقيلة عليها السلام، حين ذكرت لها الحديث عن النبي صلى الله عليه واله وسلم.
وهو حديث طويل فيه بيان مقتل الامام الحسين عليه السلام، ومصرعه وكيفية تجهيزه، وهذا هو الحديث الذي ذكرته زينب للسجاد عليهما السلام في المقتل لتسليته حين بقيت الاجساد المباركة مطروحة فأخذوهم الى الكوفة.
الحادي عشر: مجلس الحسن المجتبى المظلوم عليه السلام، لرثاء الحسين اخيه سلام الله عليه، في المدينة، هو الراثي والحسين واهل بيته المستمعون.
وذلك حين حضره الموت، وظهر السم في جميع اعضائه، وخرج كبده مقطعا، فأتى اليه الحسين عليهما السلام واعتنقه، وجعل يبكي، فقال له الحسن (ع) " ما يبكيك يا ابا عبد الله الحسين؟
قال (ع) " ابكي لما صنع بك، فقال الامام الحسن (ع) " لا يوم كيومك يا ابا عبدالله، يزدلف اليك ثلاثون الف رجل يدّعون انهم من امة جدنا (ص) وينتحلون دين الاسلام، ويجتمعون على قتلك وسفك دمك، وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك، فعندها تمطر السماء دما ورمادا، ويبكي عليك كل شيء، حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار.".
الثاني عشر: مجلس لرسول الله (ص) على قبره الشريف، الراثي هو صلى الله عليه واله وسلم، والسامع الحسين عليه السلام، وذلك لما اراد الخروج من المدينة بعدما اصر عليه الوليد بالبيعة ليزيد، فخرج من منزله ذات ليلة سلام الله تعالى عليه، واقبل الى قبر جده المصطفى (ص) فقال: السلام عليك يا رسـول الله، انا الحسين بن فاطمة، فرخك وابن فرختك، وسبطك الذي خلّفتني في امتك، فاشهد عليهم يا نبي الله انهم قد خذلوني، وضيّعوني ولم يحفظوني، وهذه شكواي اليك حتى ألقاك".
اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل في فرحهم يا لله.
ثم قام عليه السلام فصفّ قدميه، ولم يزل راكعا ساجدا، وارسل الوليد الى منزل الحسين (ع) لينظر اخرج من المدينة ام لا، فلم يصبه في منزله، الحمد لله خرج ولم يبتلي بدمه، ورجع الحسين عليه السلام الى منزله عند الصبح.
فلما كانت الليلة الثانية خرج الى القبر ايضا، وصلى ركعات فلما فرغ من صلاته جعل يقول: اللهم هذا قبر نبيك محمد صلى الله عليه واله وسلم، وانا بن بنت نبيك عليها السلام، وقد حضرني من الامر ما قد علمت، اللهم اني احب المعروف وانكر المنكر، وانا اسألك يا ذا الجـلال والاكرام بحق القبر ومن فيه الا اخترت لي ما هو لك رضى ولرسولك رضى.
ثم جعل يبكي عند القبر، حتى اذا كان قريبا الصبح، وضع رأسه المبارك على القبر فأغفى.
فاذا هو برسول الله صلى الله عليه واله وسلم قد اقبل في كتيبة من الملائكة عن يمينه وعن شماله وبين يديه حتى ضمّ الحسين عليه السلام الى صدره، وقبّل بين عينيه، وقال (ص) " حبيبي يا حسين كأني أراك عن قريب مرملا بدمائك، وانت مع ذلك عطشان لا تسقى، وظمآن لا تروى، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي، لا انالهم الله تعالى شفاعتي يوم القيـامة، حبيبي يا حسيـن ان اباك وامك واخاك قدموا عليّ وهم مشتاقون اليك، وان لك في الجنان لدرجات لن تنالها الا بالشهادة ".
قال فجعل الحسين عليه السلام في منامه ينظر الى جده (ص) المصطفى.
ويقول: يا جداه لا حاجة لي في الرجوع الى الدنيا فخذني اليك، وادخلني معك في قبرك، فقال له رسول الله(ص)) " لا بد لك من الرجوع الى الدنيا، حتى ترزق الشهادة وما كتب الله تعالى لك فيها من الثواب العظيم، فانك واباك واخاك وعم ابيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحـدة، حتى تدخلـوا الجنة."
قال فنتبه الحسين (ع) من نومته فزعا مرعوبا، فقصّ رؤياه على اهل بيته، وبني عبد المطلب فلم يكن في ذلك اليوم في مشرق ولا مغرب قوم اشد غما من اهل بيت رسول الله (ص) ولا اكثر باك وباكية منهم صلوات الله عليهم احمعين
الثالث عشر: مجلس أم سلمة خارج المدينة، هي الراثية والمستمع الحسين (ع)، ثم كان الراثي الحسين (ع)والمستمع هي، وهو مجلس عجيب، فيه تصوير وإراءة لقضية كربلاء، وان كربلاء مجمع للمدينة وكربلاء.
وهو ان الحسين لما عزم على الخروج من المدينة اتته ام سلمة رضي الله عنها، وقالت: يا بني لا تحّزني بخروجك الى العراق، فاني سمعت جدك المصطفى (ع) يقول " يقتل ولدي الحسين بأرض العراق في ارض يقال لها كربلاء، " فقال لها الحسين عليه السلام: يا أماه وانا والله اعلم بذلك، واني مقتول لا محالة، وليس لي من هذا بدٌ، واني والله لأعرف اليوم الذي اقتل فيه، واعرف من يقتلني، واعرف البقعة التي ادفن فيها، واني اعرف من يقتل من اهل بيتي وقرابتي وشيعتي، واذا اردت يا اماه اريك حفرتي ومضجعي.
ثم اشار عليه السلام الى جهة كربلاء فانخفضت الارض، حتى أراها مضجعه ومدفنه وموضع عسكره، وموقفه ومشهده، فعند ذلك بكت بكاءً شديداً.
وسلّمت امره الى الله، فقال لها: يا اماه قد شاء الله تعالى ان يراني مقتولا مذبوحا ظلما وعدوانا، وقد شاء ان يرى حرمي ورهطي ونسائي مشردين واطفالي مذبوحين مظلومين مأسورين مقيّدين، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصرا ولا معينا.
وفي رواية اخرى: قالت ام سلمة: عندي تربة دفعها اليّ جدك (ص) في قارورة، فقال الامام الحسين عليه السلام: والله اني مقتول كذلك، وان لم اخرج الى العراق يقتلوني ايضا، ثم اخذ تربة فجعلها في قارورة، واعطاها اياها، وقال: اجعليها مع قارورة جدي، فإذا فاضتا دما فاعلمي اني قد قتلت.
الرابع عشر: مجلس عمّات الحسين عليه السلام خارج المدينة، وهو انه (ع) لما همّ بالشخوص الى المدينة، اقبلت نساء بني عبد المطلب، فاجتمعن للنياحة حتى مشى فيهن الحسين (ع)، فقال: انشدكن الله تعالى، ان تبدين في هذا الامر معصية لله ولرسوله (ص)، قالت له نساء بني عبدالمطلب: فلمن نستبقي النياحة والبكاء؟، فهو عندنا كيوم مات رسول الله (ص) وعلي (ع) وفاطمـة الزهراء (ع) ورقية وزينب وام كلثوم (ع)، فننشدك الله جعلنا الله فداك من الموت فيا حبيب الابرار من اهل القبور، واقلبت بعض عمّاته تبكي وتقول: اشهد يا حسين لقد سمعت الجن ينوحون بموتك وهم يقولون:
وان قتيل الطف من آل هاشـم اذلّ رقـابـا مـن قريش فذلت
حبيب رسول الله لم يك فاحشا ابانت مصيبتـك الاُنوف وجلّت
وقالوا ايضا:
ابكوا حسينا سيدا ولقتله شاب الشعر
ولقتله زلزلتم ولقتله انكسف القمر
واحمّرت افاق السما في العشية والسحر
وتغيرت شمس البلاد بهم واظلت الكور
ذاك ابن فاطمة المصاب به الخلائق والبشر
اورثتنا ذلاً به جدع الانوف مع الغرر
تبيان: معنى الكور: كالغرف، جمع الكورة، كالغرفة وهي المدائن والنواحي.
قال فنتبه الحسين (ع) من نومته فزعا مرعوبا، فقصّ رؤياه على اهل بيته، وبني عبد المطلب فلم يكن في ذلك اليوم في مشرق ولا مغرب قوم اشد غما من اهل بيت رسول الله (ص) ولا اكثر باك وباكية منهم صلوات الله عليهم احمعين
الثالث عشر: مجلس أم سلمة خارج المدينة، هي الراثية والمستمع الحسين (ع)، ثم كان الراثي الحسين (ع)والمستمع هي، وهو مجلس عجيب، فيه تصوير وإراءة لقضية كربلاء، وان كربلاء مجمع للمدينة وكربلاء.
وهو ان الحسين لما عزم على الخروج من المدينة اتته ام سلمة رضي الله عنها، وقالت: يا بني لا تحّزني بخروجك الى العراق، فاني سمعت جدك المصطفى (ع) يقول " يقتل ولدي الحسين بأرض العراق في ارض يقال لها كربلاء، " فقال لها الحسين عليه السلام: يا أماه وانا والله اعلم بذلك، واني مقتول لا محالة، وليس لي من هذا بدٌ، واني والله لأعرف اليوم الذي اقتل فيه، واعرف من يقتلني، واعرف البقعة التي ادفن فيها، واني اعرف من يقتل من اهل بيتي وقرابتي وشيعتي، واذا اردت يا اماه اريك حفرتي ومضجعي.
ثم اشار عليه السلام الى جهة كربلاء فانخفضت الارض، حتى أراها مضجعه ومدفنه وموضع عسكره، وموقفه ومشهده، فعند ذلك بكت بكاءً شديداً.
وسلّمت امره الى الله، فقال لها: يا اماه قد شاء الله تعالى ان يراني مقتولا مذبوحا ظلما وعدوانا، وقد شاء ان يرى حرمي ورهطي ونسائي مشردين واطفالي مذبوحين مظلومين مأسورين مقيّدين، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصرا ولا معينا.
وفي رواية اخرى: قالت ام سلمة: عندي تربة دفعها اليّ جدك (ص) في قارورة، فقال الامام الحسين عليه السلام: والله اني مقتول كذلك، وان لم اخرج الى العراق يقتلوني ايضا، ثم اخذ تربة فجعلها في قارورة، واعطاها اياها، وقال: اجعليها مع قارورة جدي، فإذا فاضتا دما فاعلمي اني قد قتلت.
الرابع عشر: مجلس عمّات الحسين عليه السلام خارج المدينة، وهو انه (ع) لما همّ بالشخوص الى المدينة، اقبلت نساء بني عبد المطلب، فاجتمعن للنياحة حتى مشى فيهن الحسين (ع)، فقال: انشدكن الله تعالى، ان تبدين في هذا الامر معصية لله ولرسوله (ص)، قالت له نساء بني عبدالمطلب: فلمن نستبقي النياحة والبكاء؟، فهو عندنا كيوم مات رسول الله (ص) وعلي (ع) وفاطمـة الزهراء (ع) ورقية وزينب وام كلثوم (ع)، فننشدك الله جعلنا الله فداك من الموت فيا حبيب الابرار من اهل القبور، واقلبت بعض عمّاته تبكي وتقول: اشهد يا حسين لقد سمعت الجن ينوحون بموتك وهم يقولون:
وان قتيل الطف من آل هاشـم اذلّ رقـابـا مـن قريش فذلت
حبيب رسول الله لم يك فاحشا ابانت مصيبتـك الاُنوف وجلّت
وقالوا ايضا:
ابكوا حسينا سيدا ولقتله شاب الشعر
ولقتله زلزلتم ولقتله انكسف القمر
واحمّرت افاق السما في العشية والسحر
وتغيرت شمس البلاد بهم واظلت الكور
ذاك ابن فاطمة المصاب به الخلائق والبشر
اورثتنا ذلاً به جدع الانوف مع الغرر
تبيان: معنى الكور: كالغرف، جمع الكورة، كالغرفة وهي المدائن والنواحي.
التعلیقات